منتدى الصداقة وتركيا.. مصالح مصرية خليجية وتحرشات إقليمية

الخميس 18 فبراير 2021 04:49 م

في أقل من عامين، منتديان في منطقة ملتهبة؛ للسيطرة على بوصلة شرقي المتوسط، وسط صراعات إقليمية، ودولية، بين أطراف عدة.

الأول، جرى تدشينه في يوليو/تموز من 2019 ، تحت اسم منتدى غاز شرق المتوسط (مقره القاهرة) بمشاركة سبع دول هي "مصر، الأردن، قبرص، اليونان، الولايات المتحدة، إسرائيل، والسلطة الفلسطينية".

والثاني، "منتدى الصداقة" الذي استضافته العاصمة اليونانية أثينا، قبل أيام، بمشاركة وزراء خارجية اليونان وقبرص الرومية ومصر والبحرين والإمارات والسعودية والأردن، وفرنسا.

وتصدرت قضايا المتوسط أجندة المنتديين، كقاسم مشترك، إضافة إلى وجود 4 دول تحظى بعضوية "الغاز و"الصداقة" هي "مصر واليونان وقبرص الرومية والأردن"، مع اختلاف باقي الأعضاء، وتجاهل تركيا وقبرص التركية، رغم تماسهما جغرافيا واستراتيجيا مع المنتديين.

تراشق دبلوماسي

لم يمر منتدى "الصداقة" مرور الكرام، واعتبرته الخارجية التركية، في بيان، محاولة تحالف على العداء ضدها، مشككة في نواياه، وأن مساعيه تهدد السلام والاستقرار في المنطقة.

وشددت الخارجية التركية على أنه "لا يمكن لأي منتدى لا تشارك فيه أنقرة ولا القبارصة الأتراك أن يؤسس آلية للصداقة أو التعاون بشكل ناجح وفعال لحل مشاكل المنطقة".

ورد وزير الخارجية المصري، "سامح شكري"، في تصريحات متلفزة، بالقول إن بلاده "لا تقيم وزنا" لتصريحات أنقرة بشأن منتدى الصداقة، مشيرا إلى أن "هدف المنتدى هو التعاون والخير للشعوب وليس مواجهة أحد".

كذلك ردت اليونان، وقالت إن المنتدى "غير موجه ضد أحد"، وإنه يهدف إلى "بناء الصداقة والسلام والازدهار في المنطقة".

وخلال المنتدى، قال وزير الخارجية اليوناني، "نيكوس ديندياس"، إن "طموح بلاده هو أن تصبح جسراً بين شرق البحر المتوسط والخليج والبلقان وأوروبا، وأن تسهم في تعزيز الروابط بشكل خاص في مجالي الطاقة والأمن".

اللافت أن المنتدى الذي بحث القضية القبرصية، وشرقي المتوسط، ومكافحة الإرهاب، ومشاريع الطاقة، ضم دولا خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) ليس لها أي تماس جغرافيا مع منطقة شرقي المتوسط، بينما استبعد تركيا من عضويته إلى جانب لبنان وسوريا وليبيا.

ووفق الباحث في شؤون الأمن القومي بالمركز الوطني للدراسات بالقاهرة، "هاني الأعصر"، فإن "منتدى الصداقة" يقدم نسخة سياسية لمنتدى شرق المتوسط الذي يضم دولاً عربية وأوروبية عدة، وأساسها التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص.

ومنذ العام 2014، يسعى الثلاثي المشار إليه إلى تكوين جبهة مناوئة للمصالح التركية في المنطقة، تارة من بوابة حماية حقوق التنقيب عن الطاقة في المتوسط، وتارة بدعوى حماية السفن ومكافحة الإرهاب، وتارة لدعم موقف أثينا كرأس حربة مناوئ لأنقرة في ملفات عدة.

ويرى "الأعصر" أن دول الخليج تحاول الاقتراب سياسيا من دول المتوسط المنحازة لمواقفها؛ وتعزيز دورها في تلك المنطقة الغنية بالطاقة، ونيل حصة من كعكة الاستثمار في الغاز، إضافة إلى ايجاد موطئ قدم بالقرب من العدو اللدود تركيا، التي تشهد علاقاتها توترا مع الرياض وأبوظبي.

 تنسيق خليجي متوسطي

ويعد المنتدى، محاولة لإقامة تعاون إقليمي بين شرقي المتوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، ضمن استراتيجيات تكامل الطاقة الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

ويعتقد الخبير المتخصص في شؤون الطاقة، "سيريل ويديروشوفين"، أن مشاركة 3 من دول الخليج في المنتدى محاولة لتدشين جسر بين البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج، سيضطلع بدور هام مستقبلا في إدارة منظومة الطاقة، حول العالم، وفق "إندبندنت" عربية.

بينما على جانب آخر، تعزز مشاركة فرنسا المناوئة لتركيا، توجهات المنتدى نحو إنشاء هياكل اقتصادية وأمنية وعسكرية جديدة لخدمة مصالح الدول الاعضاء، وليس مجرد العمل تحت لافتة "الصداقة" (اسم المنتدى).

في المقابل، جرى استبعاد إيطاليا من المنتديين "الغاز و"الصداقة" رغم كونها من دول المتوسط، وانخراطها في الأزمة الليبية، واستئثار شركاتها بنصيب كبير في استثمارات الغاز بالمنطقة، لكنها تبدو أكثر ودا تجاه تركيا مقارنة بمواقف باريس.

طموحات يونانية مصرية

وتعد القاهرة وأثينا (مقرا المنتديين)، محركان رئيسان وراء تحريك بوصلة "الغاز و"الصداقة"، وصياغة خارطة طريق طموحة لتقزيم النفوذ التركي في منطقة المتوسط، على خلفية التوتر القائم بين مصر وتركيا من جانب، وبين اليونان وتركيا من جانب آخر.

وتأمل أثينا في الحصول على دعم دول إقليمية كبرى، كالسعودية والإمارات، في حرب النفوذ المشتعلة مع أنقرة، بالإضافة إلى مساعيها لإنشاء تكتل اقتصادي في المنطقة يسحب البساط من تحت الأقدام التركية، وهي أهداف تلاقت مع الرغبة المصرية المماثلة.

كذلك ترغب القاهرة في رد الصاع صاعين لأنقرة، بعد تقليم أظافرها إثر التدخل التركي العسكري لصالح حكومة "الوفاق" الليبية، وتحول مسار الحرب لصالح طرابلس، وصولا إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وانتخاب سلطة تنفيذية جديدة برعاية أممية، وهو ما عصف بالأجندة المصرية في ليبيا، وأنهى مشروع حليفها "خليفة حفتر".

ويدلل الباحث والمحلل السياسي التركي "علي حسن باكير" على شكوكه في نوايا "الصداقة"، بالقول إن المنتدى الذي يتحدث عن تعاون إقليمي في مجال الطاقة استبعد أكبر مستهلك ومستورد للطاقة في المنطقة (تركيا).

ويعتقد "باكير" في مقاله المنشور على موقع "عربي 21"، أن الموقف الأيديولوجي لدول المنتدى ينسجم بشكل كبير مع موقف فرنسا المعادي لدور تركيا المتصاعد في أفريقيا والمنطقة، خاصة أن باريس كانت هي الأخرى داعمة لـ"حفتر"، إلى جانب السعودية والإمارات ومصر.

ثانيا ومع تفكك جبهة الحصار الخليجي المفروض على قطر، وإعلان المصالحة في قمة العلا يناير/كانون الثاني الماضي، كان توجه رباعي الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) نحو تدشين تحالف جديد (الصداقة)، يكون معنيا بتنفيذ أجندة الضغط على تركيا من بوابة المتوسط، مع الأخذ في الاعتبار أن أنقرة كلنت كلمة السر في إفشال حصار الدوحة، منذ يونيو/حزيران 2017.

خلاصة الأمر، إن السياسة حاضرة بقوة وراء منتدى الغاز في عام 2019، ومنتدى الصداقة في 2021، وأن تركيا هي كلمة السر وراء محاولة أعضاء المنتديين، تشكيل محور سياسي واقتصادي وأمني، مهمته الأولى التصدي للنفوذ التركي في منطقة المتوسط.
 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منتدى الصداقة منتدى غاز المتوسط تركيا مصر اليونان

مصر: لا نقيم وزنا لموقف تركيا من منتدى الصداقة.. ونراقب الإعلام القطري

تركيا رافضة منتدى الصداقة: محاولة تحالف على العداء ضدنا

تركيا خلف الكواليس.. 7 دول تبحث قضايا شرقي المتوسط في منتدى الصداقة

ماذا وراء المغازلة الدبلوماسية بين مصر وتركيا؟