«كوارتز»: المملكة العربية السعودية تعاني من خذلان حلفائها الإقليميين

الأحد 11 أكتوبر 2015 05:10 ص

بالنظر إلى موقعها ومواردها وأهميتها الدينية، ربما يجدر بالمملكة العربية السعودية أن تصبح واحدة ضمن مصاف القوى العظمى في العالم: نرويج الشرق الأوسط أو ربما كوريا الجنوبية الخاصة بالجزيرة العربية. على أقل تقدير، شخص ما في أعلى ينبغي أن يكون قد أدرك أن الأوقات الجيدة لا تدوم وأن النفط حتما سينفد في النهاية، وأن أي قوة كبرى عليها أن تتجاوز ذلك وأن تخطو واقفة على قدميها.

على ما يبدو لا. تجد المملكة العربية السعودية الحديثة نفسها في ظروف يائسة والتي تدعو إلى اتخاذ تدابير يائسة. تبدو المملكة العربية في مأزق إزاء تحالفاتها الإقليمية خلال الفترة القادمة.

عقود من انعدام الثقة

في عام 1979، غزا الاتحاد السوفيتي السابق أفغانستان، وتنامت المخاوف من أن القوة البرية الأكبر في العالم في هذا التوقيت سوف تقفز بعيدا. دخلت المملكة العربية السعودية في شراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان والقوات الأفغانية المحلية للتأكد من أن السوفييت لن يذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك.

وفي الوقت نفسه، بالتحديد في وقت سابق من عام 1979، سقط شاة إيران الموالي للغرب وحلت محله الجمهورية الإسلامية الإيرانية. المملكة العربية السعودية وإيران اشتبكتا على الفور تقريبا ودخلا في عقود طويلة من الخصومة. كانت الخطوة الأولى من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي الذين ذهبوا إلى تأييد غزو «صدام حسين» الوحشي لإيران. نجت غيران لكنها صارت أكثر وحشية وغضبا.

 بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول وقرار الولايات المتحدة إسقاط حركة طالبان التي اعترفت بها المملكة العربية السعودية وباكستان، ودولة الإمارات العربية المتحدة فقط تغيرت الأمور كثيرا. حمل هذا التغير اثنين من الآثار الجانبية الرهيبة على السعودية: فمن ناحية تمت الإطاحة بالخصم الإقليمي الرئيسي لإيران (العراق)، ومن ناحية أخرى فقد استنزفت الحرب الولايات المتحدة الراعي الرئيسي للمملكة. المزيد حول هذا الموضوع في وقت لاحق.

في مطلع عام 2011، أطاحت انتفاضة شعبية كبيرة بالرئيس التونسي. وكان هذا نذير شؤم غامض. وعندما انتقلت العدوى إلى مصر فقد صار الأمر مرعبا. أكبر دولة عربية، معظم سكانها من السنة، مسلمة مثل المملكة العربية السعودية، لا يمكن السماح لها لتصبح ديمقراطية. وصلت التشنجات إلى حدود المملكة الجنوبية في اليمن وإلى البحرين، الزميل الملكي الخليجي، قبالة الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية.

عندما استقرت العاصفة، استطاعت المملكة العربية السعودية وحلفاءها تجنيب الديموقراطية في مصر. وسحقت المملكة الآمال الشعبية في البحرين، وشنت حربا مدمرة ضد المتمردين اليمنيين. يبدو الشرق الأوسط لتكون في سلام مرة أخرى.

ولمنع انتقال الديمقراطية إلى جيرانها، أنفقت المملكة العربية السعودية مبالغ طائلة على الاستقرار وقامت بحرق النقد محليا. في مثل هذه الحالة غير المستقرة، يمكن لأي تطور جديد واحد أن ينذر بحدوث كارثة.

في الواقع كان هناك 3 تطورات:

«باراك» يغادر المبنى

حين كانت الرياض على وشك الدخول في الحرب مع اليمن، طلبت الرياض من حليفها السابق في باكستان المشاركة. يبدو أن المملكة قد افترضت أن أكبر جيش في المنطقة، والقوة النووية الإسلامية الوحيدة، سوف ترحب بالأمر. ولكن البرلمان الباكستاني، الذي يستحضر آلام سنوات من الحرب الطائفية، لم يكن في مزاج ليجد نفسه في وسط حرب بالوكالة بين إيران والسعودية وقام بالتصويت بالرفض.

ونظرا لانشغاله بالتوقيع على اتفاق نووي مع إيران، رغم الاحتجاجات الإسرائيلية وقلق السعوديين، فقد كان الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أيضا ليس مهتما بشكل خاص. ومع ارتفاع معدلات الاستقلال في مجال الطاقة في الولايات المتحدة أصبح الشرق الأوسط ثانويا في اهتمامات واشنطن.

وجاءت الأخبار أسوأ من ذلك بعد أسابيع فقط من التوقيع على اتفاق الحد من البرنامج النووي الإيراني. صعدت روسيا من مشاركتها في سوريا ودعمت الحليف الإيراني. بعد أن كان قريبا من الانهيار بعد تشكيل التحالف السني، تم مد «نظام الأسد» الآن بشريان الحياة: القوات والأجهزة، والطائرات من إحدى الدول النووية الأقوى في العالم. النتيجة النهائية؟ إيران تمتلك الآن الدعم من قبل قوة عظمى في مواجهة المملكة العربية السعودية.

المواجهة الإيرانية

الشاغل الرئيسي للمملكة العربية السعودية هو منع إيران من الهيمنة على المنطقة. ولكن، بطبيعة الحال، إيران والمملكة العربية السعودية ليسا متساويين. إيران أكثر قوة على المستوى العسكري كما تملك بنية تحتية اقتصادية أكثر صلابة كما أنها أكثر تطورا على المستوى الاستراتيجي. وعلى الرغم من معاناتها لسنوات من العقوبات، بسطت إيران نفوذها في المنطقة، وفي غياب هذه العقوبات سوف تكون إيران بطبيعة الحال أكثر قوة. على الرغم من تمتعها بعائدات سنوات من المكاسب النقدية، المملكة العربية السعودية تجد نفسها معزولة بشكل ملحوظ.

وقد استثمرت المملكة العربية السعودية عشرات المليارات من الدولارات للحفاظ على مصر في صفها. حتى لو كانت فقيرة وتعاني من تحكم نخب عسكرية غير كفؤة، والتي ترى انخفاض البلاد من لاعب إقليمي مؤثر إلى مجرد تابع. مصر دولة تابعة الآن أكثر من كونها ركيزة مستقلة.

هذا يبقى للمملكة حلفاؤها الخليجيون الذين قد يكونوا حريصين على مساعدة المملكة العربية السعودية ولكنهم أصغر من أن يحدثوا فارقا كبيرا.

المملكة العربية السعودية اليائسة لديها خيارات أقل وأقل، وحين يتعلق الأمر بالمنافسة مع إيران، فإن أيا منها لن يكون مناسبا للمملكة.

الفرسان الأربعة

قد تبدو تركيا خيارا واعدا. مع عضوية حلف الناتو، والمصالح المشتركة في سوريا، الجيش الكبير والحكومة السنية. لكن تركيا تواجه الآن خطر إعادة إشعال التمرد الكردي وعلى أية حال، تركيا تدرك جيدا التطورات في وجود القوات الروسية في شمالها (أوكرانيا) والجنوب (سوريا)، وانتهاك مجالها الجوي. سوف تكون التحركات القادمة لتركيا من الصعب التنبؤ بها.

الصين دولة قوية بما فيه الكفاية ولكن لا يوجد لديها دوافع للتورط في حرب إقليمية في مواجهة روسيا وإيران وفي نفس صف الولايات المتحدة. بالتأكيد، الصين لديها احتياج للطاقة لكنها أيضا لا تريد التورط في أفغانستان الخاصة بها. عندما يكون عدو عدوك هو عدوك أيضا، فإنه لن يكون لديك أي خيار سوى أن تحدد أيهم تخاف منه بشكل أقل.

الهند ليس بنفس ثراء ولا قوة الصين. ولكن لديها مصلحة مشتركة في مكافحة التطرف الإسلامي. أيضا، في ظل حكومة يمينية متطرفة، تتجه الهند قرب الولايات المتحدة،. ولكن الهند لديها أقلية مسلمة كبيرة، وكثير منهم من الشيعة، ولها عدة أسباب جيدة لعدم التورط في حرب طائفية.

الخيار الرابع هو إسرائيل، القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.  ولكن مع عداء حكومة «نتنياهو» المتزايد لفكرة إقامة دولة فلسطينية ويبدو من غير المرجح أن تتبنى السعودية علاقات علنية مع تل أبيب. ولكن بالفعل هناك تعاون ضمني وخطوات مبدئية نحو التطبيع في المجالات التجارية والمحادثات الدبلوماسية. سوف يكون من المرجح حدوث المزيد من التعاون، وبصراحة أكثر: المملكة العربية السعودية وإسرائيل يجدان نفسيهما بالفعل على ذات الجانب في معظم القضايا. كلاهما يعارض الصفقة مع إيران، ويكرهان فكرة بقاء «الأسد» في السلطة، و لديهم أسباب مختلفة لكره حزب الله وتحفظات على الدعم الروسي للوكيل الإيراني.

  كلمات مفتاحية

السعودية (إسرائيل) روسيا سوريا إيران بشار الأسد

معهد الأمن القومي الإسرائيلي: منع نفوذ إيران أدي لتقارب كبير بين السعودية و(إسرائيل)

«إيكونوميست»: هل يجمع عداء إيران بين السعودية و(إسرائيل)؟

5 لقاءات سرية بين السعودية و(إسرائيل) على وقع الخوف من التهديد الإيراني

«فورين أفيرز»: السعودية و(إسرائيل) .. متنافسان تجمعهما المصالح