تساءلت مجلة «إيكونوميست» في عددها الجديد عن المصالح المشتركة التي جعلت «الأعداء» أصدقاء، في إشارة للموقف السعودي والإسرائيلي من الملف النووي الإيراني.

وتقول المجلة: «ظهر رسم كاريكاتوري في صحيفة سعودية، وفيه مسؤول إيراني يتلاعب بأربع دول بين يديه، التي أصبح فيها لإيران تأثير متزايد؛ وهي سوريا والعراق واليمن ولبنان. وفي رسم آخر يظهر المسؤول الإيراني وقد لف على خصره حزاما ناسفا مكونا من مقاتلي تنظيم الدولة، والرسوم الكاريكاتورية للفرس في هذه الأيام أكثر شيوعا من تلك التي تظهر اليهود أو (إسرائيل) أكبر عدو للعالم العربي».

ويعلق التقرير على لقاء مسؤول سعودي بمسؤول في الخارجية الإسرائيلية على هامش مؤتمر عقد في أمريكا في الرابع من الشهر الجاري، وتقول المجلة: «لهذا لم يندهش الكثيرون، كما هو متوقع، عندما اعترفت السعودية وإسرائيل في 4 يونيو/حزيران، بأنهما عقدتا سلسلة من اللقاءات في مؤتمر نظم في أمريكا».

وتشير المجلة إلى أن تحسن العلاقات بين السعودية و(إسرائيل) يأتي تعبيرا عن المصالح الاستراتيجية المشتركة، كما يقول مدير الأمن القومي الإسرائيلي السابق «إيلان مزراحي»، ويضيف أن «السعوديين قلقون مثلنا من إيران وتنظيم الدولة، وهم خائفون من عدم التزام أمريكا بحمايتهم».

ويبين التقرير أن «هذه ليست هي المرة الأولى التي تتحادث فيها السعودية مع إسرائيل، ففي الستينيات من القرن الماضي، وبرعاية بريطانية هزمت السعودية وإسرائيل والملكيون اليمنيون الرئيس جمال عبد الناصر. ويتذكر إسرائيليون في السابق كيف دعاهم الأمير بندر بن سلطان، الذي كان سفيرا للسعودية في واشنطن إلى مرزعته هناك، وتحدث معهم بشكل صريح حول مؤتمرات السلام».

وتستدرك المجلة بأن اضطرابات الربيع العربي، وتعامل الرئيس «باراك أوباما» مع إيران، قد غيرا من نظرة الحليفين القديمين. وفي أماكن أخرى تراجعت فكرة أن إسرائيل عدو مركزي للعالم العربي، وأن الدول العربية منافحة عن القضية الفلسطينية.

ويوضح التقرير أنه مع حديث رئيس النظام السوري «بشار الأسد» الدائم عن مقاومة (إسرائيل)، فإن الحدود بين بلاده و(إسرائيل) ظلت هادئة لمدة أربعة عقود، في الوقت الذي دمر فيه نظامه مخيم اليرموك الفلسطيني. فيما اتصل «عبد الفتاح السيسي»، الذي جاء إلى السلطة قبل عامين، برئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، «كثيرا»، كما قال لصحيفة «واشنطن بوست».

وتلفت المجلة إلى أنه أثناء حرب غزة عام 2014، قام «السيسي» بإغلاق الحدود، وحظر الحركة الإسلامية الفلسطينية «حماس».

وينقل التقرير عن المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق «يوسي ألفير»، قوله إن الجميع يشتري طائرات «درون» دون طيار، وحتى أن الرأي العام في بعض الدول العربية يتغير. مشيرا إلى أن استطلاعا للرأي نظمته مؤسسة إسرائيلية وجد أن 18% من السعوديين فقط يرون في إسرائيل عدوا لهم، فيما ترى نسبة 22% أن تنظيم «الدولة الإسلامية» هو العدو، ولكن العدو الأول للسعودية هي إيران بنسبة 53%.

وترى المجلة أن لقاءات كهذه ليس من المتوقع أن تؤدي إلى نوع من العلاقات مع إسرائيل، كتلك التي أقامتها مع إيران الشاه، حيث عاش آلاف الإسرائيليين، وبينهم عملاء الموساد، بهدوء وراحة في طهران. ولا توجد أي إشارة تنبئ بإعادة فتح مكاتب التمثيل التجارية الإسرائيلية في كل من أبو ظبي ومسقط.

ويجد التقرير أن «بنيامين نتنياهو» أكثر حرصا على إقامة علاقات مع الدول العربية، أكثر منها. فإن مثل هذه العلاقات ستساعده على توصيل الرسالة ذاتها إلى واشنطن وأوروبا، حيث أصبح شخصية معزولة. ومن اللافت للنظر أن المفاوض الإسرائيلي، وهو مدير وزارة الخارجية الجديد «دوري غولد»، أقرب للسلطة وصناعة القرار من نظيره السعودي.

وتخلص «إيكونوميست» إلى أنه حتى لو كان الدعم العربي للقضية الفلسطينية «مجرد كلام»، فإن هناك قلة من القادة العرب من هم مستعدون للحديث علنا عن التخلي عنها. ويرى المحلل في معهد «بروكينغز» «روس ريدل» أن حربا جديدة ستندلع في غزة، وستعود الأمور كلها لما كانت عليه،  فإنه لم يحن الوقت بعد لغياب الصورة الكاريكاتورية المعادية لـ(إسرائيل) من الصحافة العربية بالكامل.