«ناشيونال إنترست»: العلاقات العربية مع (إسرائيل) لم تصب في مصلحة القضية الفلسطينية

الخميس 1 سبتمبر 2016 11:09 ص

ينظر الغرب منذ فترة طويلة، وبشكل عام، أن مصلحة الجميع سوف تتحقق إذا صار لـ(إسرائيل) علاقات طبيعية مع جيرانها الإقليميين. العلاقات الطبيعية هي شرط للتجارة والازدهار المشترك. العلاقات الطبيعية هي السلام بدلا من الحروب المتكررة التي دارت رحاها بين (إسرائيل) وجيرانها العرب. تلقى «أنور السادات» الكثير من الثناء بعد توقيع معاهدة السلام مع (إسرائيل) وإقامة علاقات دبلوماسية، كما نالت الدول العربية انتقادات على نبذها لمصر بعد اتفاق السلام. حتى إن الحالات الصغيرة من نبذ العرب لـ(إسرائيل) اليوم لا تزال تقابل بانتقادات في الغرب، كما هو الحال عندما رفض رياضي الجودو المصري مصافحة الخصم الإسرائيلي بعد مباراة في دورة الألعاب الأوليمبية.

كان يمكن أن يكون لـ(إسرائيل) علاقات كاملة وطبيعية مع جيرانها العرب منذ زمن بعيد. لقد مرت سنوات عديدة منذ أن قبلت معظم الحكومات العربية بـ(إسرائيل). نصت مبادرة السلام المقدمة من قبل جامعة الدول العربية على التطبيع الكامل للعلاقات العربية مع (إسرائيل) في مقابل وضع حد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإيجاد «تسوية عادلة» لقضية اللاجئين الفلسطينيين. أكدت الحكومات العربية في وقت لاحق هذا العرض، وأشارت إلى قبولها تبادل الأراضي عند رسم الحدود النهائية بين (إسرائيل) والدولة الفلسطينية كدليل إضافي على مرونتها.

تجاهل القادة الإسرائيليون المبادرة مفضلين التمسك بجميع الأراضي الفلسطينية مع استمرار الاحتلال. ولكن على الرغم من أن التطبيع كان من الأولويات الإسرائيلية، فإن احتمال وجود علاقات كاملة وطبيعية مع دول الجوار أصبح الآن بمثابة الجزرة المحتملة مصحوبا بحوافز أخرى قد تعرض على (إسرائيل) من أجل إيقاف مسار الاحتلال المدمر إلى أجل غير مسمى.

في الآونة الأخيرة، كما لوحظ في افتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز»، كان هناك في الواقع تطور في العلاقات، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية كاملة بين (إسرائيل) وبعض الدول العربية السنية، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وكان هناك أيضا دفء في العلاقات مع مصر، وهي العلاقة التي كان يغلب عليها السلام البارد منذ زمن «السادات». أشارت الصحيفة إلى أن هذه التطورات تعكس كيف أن الوضع السياسي للفلسطينيين لم يعد أولوية قصوى بالنسبة لمعظم الحكومات العربية. ولكن محنة الفلسطينيين لا تزال قضية بارزة بالنسبة لمعظم العرب، حيث إن الوضع القائم في الأماكن المقدسة من بين القضايا التي يجب أن تحل في أي اتفاق نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كان الراعي الرئيسي لمبادرة الجامعة العربية للسلام، خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل «عبد الله»، قد أوضح أنه كان مهتما خصوصا بوضع الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وكان على استعداد لقبول أي حل لقضايا أخرى شريطة أن يكون مقبولا للفلسطينيين أنفسهم.

هذا النوع من علاقات الأمر الواقع الناجمة عن تطوير المنطقة شبه السرية في العلاقات بين العرب و(إسرائيل) ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو أي شخص آخر. بدلا نت أن تشكل العلاقات أساسا للسلام والازدهار، فإنها تستند إلى الصراع والانقسامات الإقليمية والسلطوية، والتهديد باستخدام القوة. وفيما يتعلق بمصر، فإن تحسن العلاقات مع نظام «عبد الفتاح السيسي» له علاقة بالحملة الداخلية القاسية ضد جماعة الإخوان المسلمين، حيث تسيطر على «السيسي» مشاعر الرغبة في التعاون مع (إسرائيل) في تقريع «أبناء عمومة جماعة الإخوان المسلمين»، حركة حماس، في قطاع غزة. وفيما يتعلق بدول الخليج العربية، والتعامل مع (إسرائيل) فإن الأمر يرتبط بهدف تلك الأنظمة في توسيع نفوذها الإقليمي، ومواصلة التنافس مع إيران. وقد أصبح هذا واضحا جدا في الحالة السعودية.

وباختصار، فإن تطوير (إسرائيل) للعلاقات مع الأنظمة العربية السنية الاستبدادية مؤخرا هي مسألة تؤدي إلى مزيد من الصراع الإقليمي وعدم الاستقرار، وليس إلى المزيد من السلام والازدهار.

هناك ملاحظتان حول الحوافز الإسرائيلية لمتابعة الوضع القائم. أحدهما هو أن هناك اهتمام أقل من ذي قبل من جانب حكومة «نتنياهو» في تناول مبادرة جامعة الدول العربية أو اتخاذ أي خطوات أخرى نحو صنع السلام مع الفلسطينيين. لا تزال (إسرائيل) تتشبث بكل الأراضي المحتلة وليست في وضع يسمح باتخاذ خطوة نحو التخلي عن ذلك، بما يعني أن الحكومة الإسرائيلية اختارت أن تعيش إلى الأبد بقوة السيف فقط.

كما تؤكد هذه التطورات أن حافز الحكومة الإسرائيلية إلى تأجيج الصراع قدر الإمكان هو الخوف من إيران. وكانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بمحاصرة إيران باعتبارها مصدر قلق دائم، وهو ما انعكس على موقفها تجاه الاتفاق النووي مع إيران وهو موقف لا يبدو متسقا مع موقفها من القضية النووية ذاتها، نظرا لأن الاتفاق يفرض قيودا ورقابة قوية جدا على البرنامج النووي. إثارة الذعر حول إيران لا يخدم فقط هدف (إسرائيل) في تشتيت الانتباه عن القضايا الجوهرية، ولكنه يصلح أيضا كأساس لكسر عزلة العلاقات مع عرب الخليج.

وبالتالي فإن احتمالات إحراز أي تقدم باتجاه السلام الإسرائيلي الفلسطيني تبدو قاتمة. الحكومة اليمينية الإسرائيلية لا تشعر بالضغط. على الجانب الفلسطيني، فإن الغالبية العظمى من الفلسطينيين يرون بأن هناك حاجة إلى محادثات سلام جادة لإنهاء الاحتلال. ولكن المحاور الفلسطيني الوحيد، وهو السلطة الفلسطينية، أصبح مساعدا متصلبا للاحتلال.

البدائل العلمانية ذات المصداقية تقبع في سجون الاحتلال (مثل مروان البرغوثي)، والبديل هو حركة حماس، التي تبدو على وشك الفوز في الانتخابات البلدية في الضفة الغربية في أكتوبر/تشرين الأول.

التكهنات قاتمة ولكنها ليست عذرا لتجنب هذه المسألة. محنة الفلسطينيين ترجع جزئيا إلى الحرمان من الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية. وهي، بهذا الشكل، ربما تتحول إلى مصدر لتوتر إقليمي يمتد لعقود.

المصدر | ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

السعودية (إسرائيل) مصر العلاقات العربية الإسرائيلية

«مشعل» يدعو السعودية إلى تصدر جهود إحياء القضية الفلسطينية

(إسرائيل) تؤكد عزمها افتتاح ممثلية دبلوماسية في أبوظبي

«إيكونوميست»: هل يجمع عداء إيران بين السعودية و(إسرائيل)؟

5 لقاءات سرية بين السعودية و(إسرائيل) على وقع الخوف من التهديد الإيراني

«فورين أفيرز»: السعودية و(إسرائيل) .. متنافسان تجمعهما المصالح