من المرجح أن يستمر التعاون الأمني والاستخباراتي المستتر الذي أصبح يميز علاقة إسرائيل السرية مع المملكة العربية السعودية بلا أدنى تغيير حتى في الوقت الذي يشهد فيه بيت «آل سعود» عملية انتقال السلطة في أعقاب رحيل الملك «عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود».
«لقد خلقت التغيرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة مجموعة من المصالح المشتركة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية»، بحسب ما أشارت إليه الدكتورة «ميتشيل يعاري» الخبير في السياسة الخارجية السعودية.
مثلهم مثل إسرائيل يبغض السعوديون رياح التغيير المتطرفة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط ولا يقبلوا بها مُطلقا، ولا سيما الاضطرابات التي شجعتها إيران - المنافس الرئيسي لعائلة «آل سعود » - وتصب عليها إيران الزيت باستمرار.
«العدو الأكبر لكلا البلدين هو إيران، وهناك أيضًا المجموعات الإرهابية المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش؛ والذي يهدد النظام الإقليمي في المنطقة. هذا هو الإطار العام الذي أدى إلى خلق ظروف التعاون بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية»؛ بحسب «ميتشيل».
وأكدت إنه على الرغم من هذا التقارب في المصالح بين البلدين، إلا إنه من المرجح أن يظل التعاون الإسرائيلي السعودي طي الكتمان طالما بقي الصراع الصهيوني العربي دون حل.
«نحن بحاجة إلى أن نضع في الحسبان أن العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية فقط وراء الكواليس، ومن خلف الأبواب المغلقة؛ لأن المملكة العربية السعودية لا يمكن أبدًا أن تُطلق عملية سلام ثُنائية مع إسرائيل».
وأردفت «كلٌ من المملكة العربية السعودية وإسرائيل لديهما مصلحة في الحفاظ على العلاقة بعيدًا عن أعين الجمهور». ومن الممكن أن تكون هناك فرصة تعامل علنيٍ بين الإسرائيليين والسعوديين في حالة واحدة فقط «إذا وقعت إسرائيل اتفاق سلام شامل مع العالم العربي بأسره».
ووضع السعوديون أقدامهم في مياه صناعة عملية السلام قبل أكثر من عشر سنوات، وتحديدًا عندما كشف الملك عبد الله عن مبادرة دبلوماسية تعرض على إسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة مع العالم العربي في مقابل الانسحاب الكامل من الآراضي التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة عام 1967م، و«تسوية عادلة» لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ومنذ ذلك الوقت؛ تصادق الجامعة العربية على الاقتراح سنويًا، بينما تمتنع إسرائيل في الوقت ذاته بشكل ملحوظ عن إبداء أي استجابة. ووفقًا ليعاري فإن وفاة الملك عبد الله لن يكون لها تأثير على الوضع القائم بخصوص المبادرة السعودية.
وأضافت أن «مبادرة السلام العربية هي الفكرة الأساسية التي تقترح حلاً إقليميًا للصراع العربي الإسرائيلي. وتريد السعودية منع الوضع الذي بمقتضاه تتفاوض أي حكومة عربية بشكل مستقل مع إسرائيل».
«وفاة عبد الله لن تؤثر على قضية رئيسية مثل هذه في السياسة الخارجية في الرياض. إن التغيير الوحيد في ظل قيادة العاهل الجديد سلمان سيكون تجميليًا وليس أساسيًا. وحتى لو كانت مبادرة السلام العربية ليست على جدول الأعمال، فإنها لا تزال مُهمة للجميع».
هل حان الوقت ليُضفي السعوديون طابعًا رسميًا أكثر من أي وقت مضى على العلاقات مع إسرائيل - على أساس أن الحكومتين لديهما عدو مشترك مُتمثل في طهران - من دون التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية؟ من وجهة نظر ميتشيل يعاري هذا أمر مُستبعد.
وتابعت «إن المملكة لن تُوقّع على اتفاق سلام مع إسرائيل طالما بقي الصراع العربي الإسرائيلي دون حل، وطالما تتمسك إسرائيل بالآراضي المحتلة وجبل الهيكل».
ولفتت «ميتشيل» إلى أن عبارات التعزية التي عبر عنها الرئيس «رؤوفين ريفلين» وسلفه «شيمون بيريز» تدل على «فهم إسرائيلي بالغ لأهمية المملكة العربية السعودية بالنسبة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
وباستثناء التعاون الجغرافي السياسي بين البلدين؛ فإنه يتعين على المراقبين أن يُخفّضوا توقعاتهم بأن العاهل الجديد في الرياض سوف يشرع في تغيير جذري في المواقف السعودية تجاه إسرائيل.
«ومن الحكمة أن تتعامل إسرائيل بحذر، وتفهم القيود المفروضة على السياسة الخارجية السعودية» بحسب «ميتشيل» التي رأت أن «العلاقات تحتاج إلى أن تبقى بعيدة عن أعين الناس، وحتى لو كانت هناك اتصالات، فإنها لا يمكن أن تكون علنية في إسرائيل أو المملكة العربية السعودية».
«إسرائيل هي الأخرى بحاجة إلى إدراك الأهمية غير العادية للمملكة العربية السعودية باعتبارها زعيم العالم العربي والإسلامي، ورأس جسر يربط العالم العربي بالغرب، وعامل مهم للغاية في تحقيق الاستقرار في المنطقة والحفاظ على الهدوء».