لماذا تسعى تركيا الآن إلى مصالحة مع مصر؟ وما هي فرص نجاحها؟

الأحد 14 مارس 2021 04:48 ص

قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الجمعة، إنه "لا توجد مشكلة" لديه في إعادة العلاقات رفيعة المستوى بين بلاده ومصر.

وهذا تحول يأتي بعد 7 سنوات من الجمود في العلاقات بين البلدين بدأ بعد دعم تركيا للرئيس المصري السابق "محمد مرسي"، الذي انتُخب عام 2012، وينتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين".

وأُطيح بـ"مرسي" عام 2013؛ إثر احتجاجات وانقلاب عسكري قاد إلى تولي "عبدالفتاح السيسي" رئاسة البلاد عام 2014.

بعد ذلك، دخلت علاقات مصر مع تركيا في حالة من الجمود العميق.

وقال "أردوغان" (الجمعة) إن الاتصالات مع مصر "ليست على أعلى مستوى، لكنها مستمرة على مستوى معين"؛ ما يعني أنه و"السيسي" لم يبرما الصفقة بعد.

فصل جديد في علاقات تركيا مع العالم العربي؟

سيكون للتغيير في العلاقات المصرية التركية تأثير كبير على المنطقة؛ حيث تتشابك بشدة العلاقات السياسية والدبلوماسية.

كما أنه ليس من قبيل المصادفة أيضًا أن يأتي تواصل "أردوغان" مع مصر بعد تحسن العلاقات بين القاهرة والدوحة، الشريك العربي الأهم لأنقرة، ويلفت "محمد سعيد" (صحفي مصري) هنا إلى الاتجاه الدافئ في العلاقات بين مصر وقطر عقب قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت قبل قبل شهرين.

إذ أدى القرار الذي اتخذته مصر والإمارات والسعودية والبحرين في يناير/كانون الثاني بدفن الأحقاد مع قطر، وهي مصالحة سهلتها الولايات المتحدة والكويت، إلى إعادة التفكير في استراتيجية أنقرة الإقليمية، بما في ذلك مع السعودية؛ حيث لا تزال العداوة بينهما محتدمة.

فقد جرت جريمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي" في إسطنبول، واستمتعت حكومة "أردوغان" بوضع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، والمملكة في موقف محرج.

وأجرى "أردوغان"، والملك "سلمان بن عبدالعزيز آل سعود" محادثة هاتفية نادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلال القمة الافتراضية لمجموعة العشرين، اتفقا خلالها على "إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتحسين العلاقات الثنائية والتغلب على المشكلات"، حسب بيان تركي رسمي.

وكتبت التركية "أمبرين زمان" (مراسلة المونيتور لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا) أنه بعد الإفراج عن تقرير المخابرات الأمريكية مؤخرا، الذي حمل مسؤولية القتل لولي العهد، "التزمت تركيا -وهي من أشد المنتقدين للعائلة المالكة في المملكة- الصمت"، بدلا من إثارة ضجة.

وكان تصريح "أردوغان"، الجمعة، مخفف الحدة بشكل غير معهود، ويبدو أنه حزين بشأن المملكة. إذ قال: "اسمحوا لي أن أضيف شيئا آخر، يحزننا انخراط السعودية حاليا في مناورة مشتركة مع اليونان. لا نود أن نرى المملكة تتخذ مثل هذا القرار. بالطبع سنبحث هذا الأمر أيضا مع السلطات السعودية. نعتقد أن هذا ما كان يجب أن يحدث،  ولا ينبغي أن يكون على هذا النحو".

"أردوغان" يسعى للحصول على دعم مصر في الخلاف مع اليونان

تتمثل الأولوية القصوى لـ"أردوغان" على المدى القصير في جذب مصر إلى جانبها في نزاع مستمر مع اليونان بشأن ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط​​، بما في ذلك السيادة على احتياطيات الغاز القيمة هناك، ولا يوجد أي مؤشر حتى الآن على حدوث ذلك.

يصف "فهيم تستكين" (الصحفي والمحلل التركي) الترتيبات المتداخلة بين مصر واليونان وقبرص الرومية من جهة وتركيا وليبيا من جهة أخرى، والتي حُصرت في أنقرة والقاهرة، على الأقل في الوقت الحالي.

وأوضح "تيستكين" أن "نية القاهرة في الإبقاء على الصفقة البحرية التي توصلت إليها مع اليونان وقبرص الرومية تحد من المساحة التي يمكنها التفاوض عليها مع تركيا".

وأضاف: "وهذا بدوره يعني أن هدف تركيا من التعاون مع مصر لمواجهة مطالبات قبرص الرومية واليونان الإقليمية لن يتحقق؛  لأن الصفقة البحرية التي توصلت إليها أنقرة مع حكومة طرابلس تتداخل مع الصفقات التي توصلت إليها مصر مع قبرص الرومية واليونان".

قدم "أردوغان"، بالطبع ، تحليله الثقافي الخاص لسبب ميل مصر نحو تركيا بدلا من اليونان.

وقال: "بالتأكيد لا يمكنك أن تضع الشعب المصري مع الشعب اليوناني؛ فـ"لا يمكننا أبدا أن نصدق أن الشعب اليوناني والشعب المصري سيكونان متطابقين. لهذا، نود أن نراه (الشعب المصري) حيث ينبغي أن يكون".

فرصة في ليبيا؟

على الجانب الآخر من البحر المتوسط​​، يمكن أن يعود الدفء في العلاقات بين مصر وتركيا بثماره على ليبيا. فقد كانت مصر داعمة للجنرال المتقاعد "خليفة حفتر". فيما أرسلت تركيا مسلحين من سوريا للقتال إلى جانب الحكومة الليبية (تنفي تركيا ذلك بشدة).

كما أوضحنا هنا الشهر الماضي، انضمت مصر ومعظم الأطراف الخارجية إلى اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2020؛ ما سمح لعملية سياسية بالترسخ واكتساب قوة دفع أثمرت عن مصادقة مجلس النواب الليبي، هذا الأسبوع، على حكومة انتقالية اقترحها رئيس الوزراء المكلف "عبدالحميد الدبيبة".

وتعد أجندة الحكومة الجديدة شاقة، بما في ذلك توحيد المؤسسات الحكومية، التي انقسمت؛ بسبب ما يقرب من عقد من الحرب الأهلية، والانتخابات (البرلمانية والرئاسية) مقررة في ديسمبر/كانون الأول. ليس لدى ليبيا فرصة إذا أثارت القوى الخارجية التي تدعم الأطراف المتحاربة الصراع العسكري مرة أخرى. كما دعا بيان صادر عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا (مؤخرا) إلى "انسحاب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب"، في رسالة إلى روسيا وتركيا.

تنافس على النفوذ في أفريقيا

أيضا، تحدت تركيا النفوذ المصري في أجزاء من أفريقيا، لكنها كانت معركة شاقة، وأحيانا كان مبالغا فيها في الصحافة الإقليمية، كما يقول "تيستكين".

فقد كان لتركيا علاقات جيدة مع الرئيس السوداني "عمر البشير"، المشتبه به في جرائم حرب، والذي أُطيح به عام 2019. و"البشير"، مثل "أردوغان"، كان لديه تقارب مع جماعة "الإخوان المسلمون" وعلاقات سيئة مع مصر.

وتنامت العلاقات بين مصر والسودان منذ تولي "عبدالله حمدوك" رئاسة الوزراء بعد الإطاحة بـ"البشير". وزار "السيسي" الخرطوم الأسبوع الماضي "في خطوة حملت رسائل سياسية وأمنية ضد قرار إثيوبيا ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير دون استشارة مصر والسودان"، وفق ما أوردته "آية أمان" (صحفية مصرية).

في مكان آخر، حشدت مصر وتركيا جهودهما الدبلوماسية في غينيا بيساو، كما نقول هنا، وكذلك السنغال كما أفاد "خالد حسن" (صحفي مصري)، وغانا كما يقول "جورج ميخائيل" (صحفي مصري)، والصومال كما جاء في تقرير "محمد مجدي" (صحفي مصري) و"تستكين".

تحذير

ويخلص "تيستكين" إلى أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه في إصلاح العلاقات بين تركيا ومصر.

وكتب قائلا: "لا يزال الوجود العسكري التركي في ليبيا، ودعم أنقرة للإخوان المسلمون (التي صنفتها القاهرة منظمة إرهابية)، وموقف أردوغان المناهض للسيسي، عوائق رئيسية أمام تحسين العلاقات". وعلى الرغم من أن "أردوغان" خفف من حدة غضبه ضد الزعيم المصري، إلا أن الرئيس التركي لا يزال يحيي أنصاره بـ"علامة رابعة" التي تشير إلى مقاومة أعضاء الإخوان المسلمون (يقول أردوغان إن علامة رابعة ليست الشعار الذي رفعه متظاهرون في مصر وإنما شعار تركي يقصد منه: أمة واحدة، علم واحد، وطن واحد، دولة واحدة).

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تركيا أردوغان السيسي

ماذا وراء المغازلة الدبلوماسية بين مصر وتركيا؟

مصر: رسائل قطر إيجابية.. ومواقف الساسة الأتراك سلبية

خلوصي أكار: نرغب في علاقات جيدة مع مصر واليونان

وفد من المعارضة التركية يتوجه إلى مصر خلال الأسابيع المقبلة

بهشتلي: أردوغان مرشحنا لانتخابات 2023 ونرغب في عودة العلاقات مع مصر

تركيا تطلب من قنوات المعارضة المصرية تجنب الإساءة للسيسي

تعثر محادثات المخابرات المصرية والتركية بشأن ليبيا والإخوان المسلمون