«ستراتفور»: هجمات وهجمات مضادة .. الأوضاع في اليمن تتجه إلى طريق مسدود

الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 11:10 ص

على الرغم من أن اليمن كان يعاني دائما من حالة عدم الاستقرار، فإنه قد عانى من العنف بشكل متزايد في تاريخه الحديث على وجه الخصوص. مع اندلاع موجة «الربيع العربي»، ملأ المتظاهرون شوارع العاصمة اليمنية صنعاء و تصاعد الخلاف بين الرئيس السابق «علي عبد الله صالح» والعميد الجنرال «علي محسن الأحمر». تطور الصراع في اليمن إلى ما يشبه الحرب وأصيب «صالح» بجروح خطيرة في محاولة لاغتياله في يونيو/حزيران 2011. وفي محاولة لتخفيف حدة التوتر في البلاد، تم التوصل إل اتفاق بوساطة من مجلس التعاون الخليجي في عام 2012 تم بموجبه استبدل الرئيس المحاصر الحالي «عبد ربه منصور هادي» بالرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح». ومع ذلك، وبعد شن حملة لتحجيم المتمردين والقوات الانفصالية في جميع أنحاء البلاد، أصبح من الواضح أن الجيش لم يكن منظمة موحدة قادرة على الحفاظ على النظام داخل البلاد.

في عام 2014، بدأ «هادي» في متابعة التحول إلى نظام فيدرالي لتحسين توزيع السلطة بين المجموعات السياسية المختلفة في اليمن، ولكن برزت مجموعة من العقبات التي اعترضت الخطة. أرادت جماعة الحوثي المتمردة في البلاد مزيدا من السلطة داخل النظام الجديد وكثفت حملتها ضد الحكومة في صنعاء مجبرة إياها على القبول بمحادثات سلام ترعاها الأمم المتحدة في صنعاء في أغسطس/ آب من العام الماضي 2014. بموجب هذه الاتفاقية، شكلت اليمن حكومة جديدة لاسترضاء الحوثيين، ومع ذلك، كانت الجماعة غير راضية عن بنود الاقتراح الجديد لدستور البلاد، وعلى الرغم من الاتفاق على وقف إطلاق النار في 19 يناير/ كانون الثاني، فقد اقتحم الحوثيون القصر الرئاسي في صنعاء وحاصروا مقر رئيس الوزراء «خالد بحاح». وعلى الرغم من أن تصرفات الحوثيين في ظاهرها بدت وكأنها انقلاب إلا أن المتمردين كانوا في الواقع يتبعون استراتيجية مختلفة. حيث كانت تحركاتهم تهدف إلى إظهار القوة بأكثر مما تهدف للسيطرة على الحكم في اليمن بشكل مباشر. بدلا من ذلك، كان الحوثيون يسعون لزيادة نفوذهم داخل النظام الفيدرالي في اليمن.

تطورات ميدانية

يستمر القتال العنيف في جميع أنحاء اليمن بينما يجري هجوم بري كبير بقيادة سعودية لاستعادة السيطرة على العاصمة صنعاء. وكان وزير الخارجية اليمني قد أعلن في 13 أكتوبر/ تشرين الأول بدأ المعركة لاستعادة السيطرة على العاصمة اليمنية. ولكن حتى الآن، لم يحرز أي تقدم في محافظة مأرب في مواجهة مقاومة شديدة. طائرات التحالف التي تقودها السعودية تشن غارات جوية عقابية على البلدات والمدن اليمنية الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين والقوات المتمردة الموالية للرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح».

وصلت كتيبتان من كتائب المشاة السودانية إلى مدينة عدن للمساعدة في دعم العمليات العسكرية في اليمن. وجاء استدعاء تلك الكتائب بهدف تعزيز القوات الموجودة في عدن في محاولة لتحسين الوضع الأمني، أو بسبب الرغبة في التحرك شمالا للمشاركة في هجوم صنعاء أو ربما في محاولة لترجيح كفة الميزان في العملية المتعثرة لدفع الحوثيين من مدينة تعز المتنازع عليها. على الرغم من القوات الإضافية هي نعمة للتحالف المضاد للحوثي، فإن الطبيعة المتنوعة للتحالف العسكري تمثل إشكالية. كان التنسيق بين مختلف القوات البرية والجوية أمرا صعبا مما أدى إلى تكرار حوادث النيران الصديقة. وقع الحادث الأخير في 17 أكتوبر/تشرين الأول عندما قتلت الغارات الجوية السعودية 20 مقاتلا من قوات التحالف عن طريق الخطأ وأصابت العشرات. ومع وضع هذه الصعوبات جانبا، فإن الائتلاف لا يزال يحقق تقدما في بعض الأماكن وبخاصة على طول ساحل البحر الأحمر، على الرغم من أن ميناء الحديدة الحيوي لا يزال بعيدا عن متناول قوات التحالف في الوقت الحالي.

هجمات مضادة ودبلوماسية هشة

وبسبب عدم رغبتها في التقوقع في أماكنها فقد قامت قوات الحوثي و«صالح» بهجمات مضادة ناجحة خلال عطلة نهاية الأسبوع. نجح المتمردون في استعادة بعض المناطق في محافظة البيضاء وألحقوا خسائر كبيرة بقوات التحالف. الهجمات المضادة في شبوة حققت أيضا بعض النجاحات. فضلا عن إطلاق هجمات بنيران غير مباشرة عبر الحدود الشمالية لليمن عبر الحدود إلى داخل المملكة العربية السعودية. في هجوم خلال عطلة نهاية الأسبوع، تمكن الحوثيون من قتل العديد من المظليين في قاعدة في محافظة جيزان، في المملكة العربية السعودية. بينما تتوارد الأنباء عن سقوط أحد الجنود كأسير.

وفي محاولة لاستثمار الفوضى والاضطراب في اليمن، فإن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب بدأ بمد نفوذه في محافظة أبين وتعزيز قبضته على عاصمة المقاطعة، زنجبار، وفي الوقت نفسه، فإن «الدولة الإسلامية» يواصل تنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة تستهدف جنود التحالف وعمال الإغاثة في عدن. هذا التطور له تأثير مزعزع للاستقرار على نطاق أوسع لأن عدن هي نقطة عبور هامة للإمدادات الإنسانية الأساسية. وفيما سوى النزاع المباشر، فإن اليمن يعيش في خضم أزمة إنسانية ويعاني من نقص في الغذاء والغاز والمياه والإمدادات الطبية على وجه الخصوص، وقد تفاقمت الأوضاع بسبب القتال العنيف الناتج عن سعي التحالف لاستئصال الجذور العميقة لمتمردي «الحوثي- صالح» من جميع أنحاء البلاد كذلك الحصار البحري الذي منع الإمدادات الإنسانية من الوصول إلى المواني مثل الحديدة.

على الجبهة الدبلوماسية، وافق المتمردون مؤقتا على الالتزام بخطة سلام توسطت فيها الأمم المتحدة تم التوصل إليها في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. أعلن الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» مؤخرا أن إدارته مستعدة لقبول محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة. ردا على ذلك، أعلن الحوثيون موافقتهم على الوصول لاتفاق لكنهم أعلنوا أنهم سوف يواصلون القتال في هذه الأثناء، بينما يتجه الجميع إلى المحادثات، فإن كل الأطراف ترغب في التفاوض من موقع قوة مدعومة بنجاحات حققتها في ساحة المعركة. لقد بقى الحوثيون أقوياء ولم يتهالكوا تحت وطأة الضربات السعودية، وطالما أن لديهم المعدات والموارد اللازمة للقتال فإنهم لن يقدموا تنازلات بسهولة على طاولة المفاوضات أو في ميدان المعركة حتى يكون بإمكانهم تحقيق مكانة مواتية.

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية الحوثيين الرئيس هادي صنعاء تعز التحالف العربي المخلوع صالح

السعودية ترحب بموافقة الحكومة اليمنية على الحوار مع الحوثيين

مصرع 30 مقاتلا مواليا للحكومة اليمنية بغارة «خاطئة» لـ«التحالف العربي»

الأمم المتحدة تأمل في إجراء محادثات سلام بشأن اليمن نهاية أكتوبر

«ناشيونال إنترست»: هل تنتهي الحرب في اليمن أخيرا؟

«علي عبدالله صالح» .. سيرة تدمير اليمن ومقدراته

الدولة العميقة في اليمن: رجالات «صالح» .. التحدي الأكبر للشرعية

تخصيص 50 مليون دولار لاستئناف خطط البنك الدولي باليمن