نفوذ متصاعد.. هكذا تلعب قطر دورا محوريا في كهرباء غزة

الخميس 27 مايو 2021 09:16 م

يعاني قطاع غزة من نقص حاد في الكهرباء لأكثر من عقد من الزمان بسبب القيود الصارمة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع. وتحتاج غزة إلى 600 ميجاواط من الكهرباء من أجل إمداد مستمر بالطاقة بينما تحصل فقط على 180 ميجاواط، منها 120 ميجاواط تأتي من إسرائيل.

وتفاقم هذا الموقف الرهيب الشهر الماضي مع اندلاع العملية العسكرية الإسرائيلية ضد غزة حيث أغلقت إسرائيل كافة المعابر وعلقت إمدادات الوقود. وفضلا عن ذلك، فقد تضررت خطوط الكهرباء والبنية التحتية جراء الهجمات الإسرائيلية مما حد من وصول سكان غزة للكهرباء إلى نحو 4 ساعات فقط في اليوم. وأدى هذا النقص في الطاقة إلى تفاقم الظروف المعيشية الصعبة بالفعل في القطاع.

وعلى مدى سنوات، لعبت قطر دورا مهما في دعم وصول سكان غزة إلى الكهرباء من خلال عدة مسارات بما في ذلك إرسال شحنات الوقود إلى القطاع. وفي فبراير/شباط الماضي، تعهدت الدوحة بمبلغ 60 مليون دولار لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي من إسرائيل إلى غزة.

وقد استطاعت قطر لعب دور محوري في قطاع الطاقة في غزة من خلال خبرتها في إنتاج الطاقة والمبادرات الإنسانية في غزة والعلاقات السياسية مع كل من إسرائيل وحماس.

وبعد الانقلاب على حكومة الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي" عام 2013، دمر الجيش المصري العديد من أنفاق التهريب بين مصر وغزة. وأدى هذا إلى تراجع كمية الوقود المهرب والذي قدم خيارا أرخص لتوليد الكهرباء حيث إن سعر الوقود القادم من إسرائيل ضعف ذلك القادم من مصر.

وكبديل رسمي أكثر، بدأت قطر في تزويد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة بالديزل. ووافقت الدوحة على التبرع بوقود تبلغ قيمته 12 مليون دولار لمحطة الطاقة في غزة في عام 2017. كما دفعت الدوحة أكثر من 150 مليون دولار لإنتاج الطاقة والمنح النقدية في عام 2019.

وفي فبراير/شباط الماضي، وافقت قطر على تمويل وبناء جزء من خط أنابيب الغاز إلى غزة الذي من المقرر أن يكتمل في عام 2023. وتم اقتراح مشروع الغاز لغزة للمرة الأولى من قبل مكتب الرباعية في عام 2014 بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.

ويهدف المشروع إلى نقل الغاز الطبيعي من حقل ليفياثان قبالة ساحل حيفا إلى إسرائيل عبر خطوط الغاز الطبيعي الإسرائيلية ومن ثم إلى غزة عبر خط جديد. وفي حين أن القطريين سيكونون مسؤولين عن بناء خطوط الأنابيب داخل إسرائيل، تعهد الاتحاد الأوروبي بمبلغ 24 مليون دولار لتركيب خطوط أنابيب من الحدود الإسرائيلية مع غزة إلى محطة توليد الكهرباء في غزة.

ويهدف المشروع إلى توفير كهرباء مستدامة في غزة من خلال زيادة القدرة الكهربائية كما سيؤدي التحول إلى الغاز الطبيعي إلى تقليل انبعاثات الكربون. ولكن في الوقت نفسه سيجعل المشروع غزة أكثر اعتمادا على إسرائيل كمصدر للطاقة.

وتعتبر قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث يأتي الغاز الطبيعي المسال من 7 مشاريع مملوكة للدولة بشكل رئيسي. وتتحكم قطر للبترول في جميع عمليات قطاعي النفط والغاز الطبيعي في البلاد، بما في ذلك التنقيب والإنتاج والمبيعات. ويجعل ذلك قطر قادرة على تقديم المساعدة الفنية والمالية لبناء خط الأنابيب المقترح والمشاركة في إنتاج الغاز في غزة.

وأرست مساعي قطر الإنسانية مع الفلسطينيين الأسس والعلاقات وآلية الوصول للمساعدة في بناء قطاع الطاقة الفلسطيني. وفي عام 2014 خلال قمة القاهرة، تعهدت قطر بمليار دولار لدعم إعادة إعمار غزة على مدى 3 أعوام، وتعهدت مؤخرا بمبلغ 360 مليون دولار لدعم غزة خلال عام 2021. وبين عامي 2012 و2018، خصصت قطر أكثر من 1.1 مليار دولار لمشاريع في قطاع غزة. وتم تخصيص جزء من هذه المساعدة لمشاريع إعادة بناء البنية التحتية وإنتاج الطاقة، بما في ذلك تمويل محطة الطاقة.

وعزز التدخل الإنساني لدولة قطر علاقاتها مع جميع الأطراف المشاركة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد عززت الدوحة من صورتها كوسيط دبلوماسي من خلال استضافة اجتماعات المصالحة بين حماس وفتح. ومع خبرة قطر كواحدة من الدول القليلة القادرة على العمل والتفاوض مع مختلف الأطراف المعنية، فقد استطاعت إيجاد مساحة للعمل في قطاع الطاقة في غزة.

وكانت قطر من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات مع إسرائيل. وبدأت قطر الاجتماع الأول في عام 2003 عندما التقى وزيرا خارجية البلدين في باريس لبحث تسوية سلمية في المنطقة. وتعتبر إسرائيل قطر وسيطا رئيسيا مع حماس.

وبالرغم أن إسرائيل متأزمة من علاقة قطر بحماس وإيران، إلا أنها تعلم أن قدرة قطر على العمل مع حماس تساعد في توزيع المساعدات. وفي فبراير/شباط 2020، أرسلت إسرائيل ضابطها العسكري الأعلى المسؤول عن غزة إلى الدوحة لإقناع المسؤولين القطريين بمواصلة دفع أموال لغزة سعيا لمزيد من الهدوء.

وفي الوقت نفسه، واصلت قطر دعم الدولة الفلسطينية وقالت إنها ليست مستعدة بعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل دون إحراز تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين. وبالرغم من وجود توتر بين السلطة الفلسطينية وقطر، زار رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" الدوحة في ديسمبر/كانون الأول 2020 لضمان استمرار دعم قطر.

ومن ناحية أخرى، تتمتع قطر بعلاقة قوية مع حماس، ويتجلى ذلك في دعمها الخطابي والمالي للحركة. وفي عام 2012، زار أمير قطر غزة، وهو أول رئيس دولة يقوم بذلك منذ عام 2007.

ومن خلال جهودها الإنسانية والسياسية واستعدادها للاعتراف بالمصالح الإسرائيلية وكذلك استعدادها لبناء خط الأنابيب المقترح من إسرائيل إلى غزة، يتزايد دور قطر في ديناميكيات الغاز الإقليمية.

وترحب حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية بدور قطر في قطاع الطاقة الفلسطيني والإسرائيلي. وإذا نجح مشروع الغاز لغزة في توفير كهرباء مستدامة في غزة، فقد يقلل من الحاجة إلى مستويات عالية من المساعدة الإنسانية من قطر ما يفتح الطريق لأنواع جديدة من النفوذ الاقتصادي القطري في غزة.

المصدر | سيما الدردري/معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كهرباء غزة غزة تحت القصف الدور القطري الوساطة القطرية الطاقة القطرية الغاز القطري محطة كهرباء غزة سيف القدس حماس قطر للبترول مساعدات إنسانية قطاع الطاقة الفلسطيني

إسرائيل تشترط استعادة جنود مفقودين لإصلاح خطوط كهرباء غزة

اتفاق قطري إسرائيلي أوروبي.. أنبوب غاز طبيعي لمحطة الكهرباء في غزة

تتضمن تبادلا للأسرى.. مبادرة مصرية جديدة لتعزيز الهدنة بين الفلسطينيين وإسرائيل

اشتية يرحب بتخصيص قطر 500 مليون دولار لإعمار غزة

قطر: من الخطأ اعتبار أكثر من مليوني نسمة في غزة من حماس

نفاد الوقود يهدد بتوقف محطة كهرباء غزة