استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«علي عبدالله صالح» وكرسي جهنم!

الخميس 29 أكتوبر 2015 04:10 ص

الحاكم المتسلط مشكلة وهو على الكرسي، لكنه يكون مشكلة أكبر بعد رحيله عنه، ذلك أنه أثناء جلوسه على الكرسي يختصر الدولة في شخصه، وعندما يرحل أو يُرحّل، فإن الدولة ترحل معه، لأنه هو الدولة، هو الجيش والأمن والإدارة والحزب الحاكم، وهو أمين الصندوق.

وبعد رحيل الحاكم عن الكرسي، ينهار كل شيء، ويحضر الفراغ فاغراً فوهته العظيمة، ليلتهم كل إنجاز يمكن أن يحققه من يأتي بعد هذا الحاكم. وبعدها ينظر الحاكم إلى الأوضاع من بعده، وهو يقدح سيجارته بارتياح، ويقول مخاطباً جمهوره المتخيل: ألم أقل لكم! لا أحد يملأ مكاني.

وأمام وضع كهذا تكون الشعوب المبتلاة بمثل هذا الحاكم أمام خيارين كل واحد منهما أكثر مرارة من الآخر: إما القبول بهذا الحاكم، وفساده وظلمه وتفرده، واستمرار سلطته، أو التخلص منه بالثورة عليه، ومن ثم الدخول في مرحلة من الفوضى على كل الأصعدة.

هذا ما حصل في اليمن على سبيل المثال. مكث علي عبدالله صالح في السلطة 33 سنة، كان هو الرئيس والوزير ووكيل الوزارة، والأهم من ذلك أنه كان وزير الدفاع ووزير المالية، كما كان رئيس شؤون مصلحة القبائل بامتياز.

اختصر صالح الحزب والدولة بكامل مؤسساتها في شخصه، وكان لا ينام إلا بعد أن يؤدي كل المهام المنوطة به وبغيره. كان سفير أمريكي في صنعاء يتحدث عن صالح في تسعينيات القرن الماضي، ويقول: صالح هو المسؤول الوحيد الذي يعمل في اليمن. الكثيرون يرون هذه ميزة، لكنها في حقيقة الأمر على العكس، إنها أكبر سلبيات الرئيس السابق، لأنه اختصر كل المؤسسات في شخصه، وعطل عملها، وحاول وهو فرد أن يقوم بعملها لعدم ثقته في أحد.

وكانت النتيجة أنه لم يبن دولة، ولكن بنى شبه كيان سياسي وأمني وعسكري، ذهب معه ولم يظل معنا.

وهذا هو معنى كلام الرئيس منصور هادي أن الرئيس السابق لم يسلمه سلطة، ولكن سلمه قطعة قماش، هي علم الجمهورية.

اليوم يحاول الرئيس السابق بوسائل دولته التي خرجت من دار الرئاسة معه تفجير الأوضاع الأمنية في المناطق التي خرجت من تحت سيطرته، ويعمل رجاله وخلاياه على تسليم هذه المناطق للعناصر المتطرفة، من أجل إثبات فشل السلطة الجديدة، ولتأليب القوى العالمية ضد التحالف العربي، سعياً منه لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب في اليمن، يكون هو جزءاً منه على غرار التحالف الموجود في سوريا والعراق.

علاقة صالح بـ«القاعدة» لم تعد محصورة ضمن الدوائر السرية، والشواهد أكثر من أن تحصى، وقد أكدت ذلك الأمم المتحدة في تقرير لجنة العقوبات الذي تم بموجبه معاقبة الرئيس السابق دولياً، بالمنع من السفر، وتجميد الأصول والأموال.

حتى حلفاؤه الحوثيون كانوا يتهمونه بالوقوف وراء دعم «القاعدة» قبل أن يتحالفوا اليوم معه، ويخوضوا واحدة من أكثر الحروب كلفة على اليمنيين، من أجل الاحتفاظ بالسلطة والثروة في يد من قال الحوثيون إنهم قاموا بثورة للتخلص منهم.

واليوم يحاول صالح عن طريق خلاياه النائمة والقائمة في عدن، إقلاق الأوضاع في المدينة، وهناك معلومات عن محاولات حثيثة لإتاحة الفرصة لإعلان القاعدة عدن ولاية، والشأن ذاته في أبين، كل ذلك لخلط الأوراق، وليتم إفشال عمل الحكومة والتحالف المستمر للوصول إلى صنعاء.

المشكلة هنا أن جهود الحكومة لمواجهة هذه الأوضاع ليست بالشكل الذي ينبغي أن تكون عليه، فمنذ أن صدر قرار رئيس الجمهورية بدمج قوات المقاومة الشعبية بالمؤسستين الأمنية والعسكرية، لم يحدث أي مستجد بشأن تنفيذ هذا القرار. ولا شك أن ترك عدن على ما هي عليه، يؤشر إلى وضع غير مريح ينتظر المدينة، وهو ما يتمناه صالح والحوثيون.

لعله من المفيد هنا الإشارة إلى أن واحدة من أهم نقاط ضعف صف الرئيس هادي، أنه غير متجانس، وأن هناك صراعات كامنة أحياناً، وظاهرة أحياناً أخرى بين مكوناته، يأتي ذلك في الوقت الذي رأينا فيه الرئيس السابق والحوثيين يطوون صفحة ست حروب بينهم، ويتحالفون تكتيكياً لتحقيق أهدافهم التي أصبحت مشتركة.

بالطبع لا بد أن يشعر معسكر الرئيس هادي بالحرج، وهو يرى أن عدداً معقولاً من الدول العربية تحالفت ونسقت جهودها لإعادته إلى اليمن، في وقت لم يستطع هذا المعسكر فيه أن يتغلب على خلافاته الحزبية والجهوية والشخصية المقيتة.

نعود لنقول إن بقاء الرئيس السابق في السلطة كان مشكلة، بعد أن وصلت الأمور في عهده إلى حد لا يطاق من الفساد والتسلط، غير أن رحيله عنها تكشف عن مشاكل لا تقل خطورة عن مشاكل استمراره فيها، من دون أن يعني ذلك أن بقاءه كان أفضل.

لأنه متسبب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في كل ما يحصل اليوم، إما بالتخطيط له، أو باختصاره كل مؤسسات الدولة في شخصه، الأمر الذي جعل الدولة ترحل بخروجه من دار الرئاسة، ليحضر الفراغ الأمني والسياسي والإداري، وتطل الفوضى بكل تجلياتها في المشهد اليمني الحالي.

مرة كان علي عبدالله صالح في مأرب، وكان يخاطب عددا من المواطنين والمسؤولين وشيوخ القبائل، تجلى صالح كعادته عندما يرتجل خطاباته، ضرب بيده على الكرسي الذي كان يجلس عليه، وقال: لا تغركم هذه الكراسي، هذه كراسي جهنم.

كنت حينها لا أزال طفلاً لا يستوعب كيف يمكن لبشر أن يجلس على كرسي من نار ثلاثاً وثلاثين سنة، ولا يزال بعد خروجه من جهنم يريد العودة إليها، بينما أنا لا أستطيع أن أمسك بجمرة واحدة في يدي أكثر من ثانية واحدة.

يا لها من جهنم لذيذة، يا له من رجل عجيب!

٭ د. محمد جميح - كاتب يمني

  كلمات مفتاحية

اليمن علي عبدالله صالح صنعاء عبدربه منصور هادي القاعدة

ضبط 7 صواريخ «زلزال 2» الإيرانية بيد الحوثيين والمخلوع «صالح» في مأرب

دول تقدم بيانات حول أرصدة المخلوع «صالح» لتجميدها

صالح في مشرحة علم النفس .. ماكر ونرجسي وانتهازي من طراز رفيع

تدحْرُج اليمن إلى الجحيم .. صفقة «صالح» و«هادي» السرية (1-2): تزوير تسليم السلطة

تدحْرُج اليمن إلى الجحيم .. صفقة «صالح» و«هادي» السرية (1-2): السيطرة على صنعاء

«هادي» يعين سفيرا جديدا لليمن في الإمارات خلفا لنجل «صالح»

الترويج لعودة نجل «صالح» إلى صنعاء لرفع معنويات «الانقلاب»

كواليس علي عبدالله صالح