«ناشيونال إنترست»: ما الذي يمكن أن تفعله واشنطن لتتمكن من إزاحة «الأسد»؟

الخميس 29 أكتوبر 2015 10:10 ص

يبدو أن الرئيس «أوباما» قد تعلم من سلفه أن الحسم ليس بالضرورة أن يكون فضيلة، لذا فإنه حتى الآن يتخذ نهجا حذرا أكثر من اللازم أمام تحديات السياسة الخارجية والتي ربما يكون لها عواقب مؤسفة على الأمن الوطني.

في سوريا، يمكن القول بأن الرئيس «أوباما» قد أخطأ بالتصرف على نحو حذر أيضا والمساهمة في وضع تكون فيه الفصائل الأكثر قدرة على البقاء هي من الإسلاميين من جانب، إضافة إلى الرئيس السوري، غير القابل للإصلاح، «بشار الأسد» على الجانب الآخر.

وقد دافع الرئيس «أوباما» عن سياسته غير الفعالة تجاه سوريا بحجة أنه من البداية، كان هناك عدد قليل جدا من المتمردين السوريين المتدلين القادرين على العمل على أرض الواقع، وبغض النظر عن كون هذا الأمر صحيح أم لا، فإنه ربما يكون نبوءة ذاتية التحقق بشكل كبير.

المتمردون السوريون المعتدلون الذين كانوا على استعداد للدخول في شراكة مع الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في وقت مبكر كانوا مصرين على إبعاد «الأسد» عن السلطة، وقد كان الرئيس «أوباما» متحفظا على دعم هذا الهدف على الأقل علنا، وربما يرجع ذلك إلى خوفه من العواقب المحتملة للمفاوضات النووية مع إيران، بالإضافة إلى سائر القضايا المحددة للأمن الإقليمي.

ونتيجة لذلك، فإن المعتدلين صاروا مجبرين على نحو كبير للدخول في صفقة مع الإسلاميين الراديكاليين من أجل الحصول على أي فرصة لتحقيق هدفهم الأسمى. أي محاولة للقيام بخلاف ذلك يمكن أن تكون غير مجدية في أفضل الأحوال، وربما تزيد فقط من فرصهم في الذبح من قبل الجيش السوري المتفوق كميا ونوعيا بشكل ملحوظ.

أولئك الذين لم يحسبوا هذه المعادلة إما أنهم الآن في عداد القتلى أو أنهم قد قاموا بالانسحاب من ساحة المعركة أو أنهم لا يزالون يعيشون على أمل أنهم لن يقتلوا نتيجة الحسابات الجيوسياسية غير الحاسمة من قبل رعاتهم في الولايات المتحدة.

تدخل روسيا في سوريا يثير بدوره مسألة ما إذا كانت روسيا سوف تتمكن من إنقاذ «الأسد» أم أن مغامرة «بوتين» سوف تنتهي إلى نتائج أكثر مسؤولية، كما ذكر مسؤولون في إدارة «أوباما» أنهم يعتقدون أن «بوتين» سوف ينتهي إلى ذلك في نهاية المطاف. ولكن من المؤكد أن العمليات العسكرية السورية قد زادت من مخاطر تورط الولايات المتحدة في سوريا.

أخذا لهذه المخاطر بعين الاعتبار، يجب على إدارة «أوباما» زيادة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية المعتدلة من أجل الضغط على «بوتين» كي يقوم بالتخلي عن «الأسد».

إذا لم تفعل إدارة «أوباما» ذلك فإنها من المرجح أن تجد نفسها تشاهد بأسى شركاءها الإقليميين، السعودية وتركيا وقطر على وجه الخصوص، يتخذون خطوات أحادية الجانب نحو دعم الفصائل الموالية لهم، ما يهدد بتفاقم البعد الطائفي في الصراع.

وسوف يعزز هذا التوجه الدينامية الحالية التي تجبر المعتدلين (من وجهة نظرهم)، على العمل مع المتشددين الإسلاميين.

تحت الوضع الراهن، إذا كان لتحالف المتمردين أن ينجح في نهاية المطاف فإن المتطرفين سوف يكونون في وضعية مميزة خلال مرحلة ما بعد «الأسد» في سوريا على حساب الجميع بما في ذلك روسيا وإيران. أما في حال وجود عناصر معتدلة أقوى، فإن ذلك يعطي فرصة أفضل في استيعاب المنافسة الراديكالية خلال مرحلة ما بعد «الأسد».

تواجه إدارة «أوباما» مجموعة من الخيارات القاتمة ولكنها واضحة على ما يبدو، إما أن تأخذ خطوة إلى الوراء وتسمح لروسيا وإيران بتقديم الدعم غير المشروط لنظام «الأسد» فيما يواصل ذبح شعبه، أو أن تعمل الإدارة على جعل اتخاذ هذه القرارات من قبل الخصوم أمرا مكلفا بما فيه الكفاية بما يدفعها، عاجلا وليس آجلا، نحو اتخاذ مسار أكثر حكمة من العمل عبر دفع «الأسد» عن السلطة أو تدبير انقلاب عليه.

على الولايات المتحدة أن تتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع إسقاط الطائرات الروسية من أجل التخفيف من خطر المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة أو أحد شركائها الإقليميين. يجب على إدارة «أوباما»، مع ذلك، أن تزيد بشكل ملحوظ في إمداداتها من الأسلحة المضادة للدبابات وغيرها من المعدات العسكرية التي يمكن أن تساعد ميدانيا. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تساعد في استهداف الطائرات الدوارة وثابتة الجناحين لجيش «الأسد» من أجل المساعدة في استنزاف موارده وموارد روسيا وإضعاف معنويات قواته على الأرض.

ونتيجة لبعثات استشارية واسعة، يجب أن تحصل كل من روسيا وإيران خلال الأشهر لمقبلة على صورة استخباراتية أكثر وضوحا تمكنهم من تحديد من سيكون في وضع أفضل لقيادة سوريا خلال مرحلة ما بعد «الأسد». وينبغي أن يكون هذا القائد قادرا على نيل ولاء الجيش السوري ويجب أن لا يكون متورطا بشكل كبير في انتهاكات حقوق الإنسان.

من شبه المؤكد أنه قد لا يكون من الممكن العثور على مرشح قوي مع سجل نظيف لا تشوبه شائبة. ولكن هذا الاعتبار يجب أن يكون له وزنه في مقابل أولوية استقرار الدولة السورية.

ربما تكون روسيا وإيران على حق في أن «الأسد» هو الشخص الوحيد الذي بإمكانه أن يبقي سوريا موحدة. ولكن على الأرجح، فإن كل منهما لم يبد استعدادا بعد لقبول مخاطر التنصل منه.

ربما إدارة «أوباما» محقة: قد لا يكون هناك ما يكفي من المعتدلين على الأرض لتشكل تحديا حاسما للأسد والإسلاميين الراديكاليين. على الأرجح، ومع ذلك، فإن العديد من المعتدلين نسبيا يتواءمون الآن مع المتشددين من أجل تحقيق هدفهم المشترك، وبعد ذلك سوف يتحولون ضد بعضهم البعض.

من مصلحة جميع الأطراف أن تدرك أن البعد الطائفي لهذا الصراع من المرجح أن يزداد سوءا مع مرور الوقت. وأنه ينبغي السعي إلى الهدف المشترك المتمثل في تحديد المواقع المعتدلين. كلما استمرت نيران الحرب الأهلية متقدة، كلما قلل ذلك من فرصة العثور على المعتدلين وتنظيم صفوفهم مرة أخرى. ينبغي أن يتم وضع حل ذي محصلة إيجابية في حين لا يزال هناك متسع من الوقت.

  كلمات مفتاحية

التدخل العسكري الروسي سوريا بشار الأسد أوباما المعارضة السورية المعتدلة واشنطن روسيا

الملك «سلمان» و«أوباما» يتعهدان بدعم المعارضة السورية المعتدلة

«واشنطن بوست»: «أوباما» يدرس إرسال قوات خاصة إلى سوريا

خطة «أوباما» المعدلة لتسليح المعارضة السورية تثير قلق الكونغرس

«أوباما»: الاستراتيجية التي يتبعها الروس والإيرانيون في سوريا لن تنجح

تقرير: السعودية وأمريكا وروسيا يبحثون الإطاحة بـ«الأسد»

«بروكنغز»: كيف ترتكب كل من روسيا والولايات المتحدة نفس الأخطاء في سوريا؟

«كارنيجي»: لماذا ينبغي للغرب أن يغض الطرف عن تدخل روسيا لدعم «الأسد»؟

وزير الخارجية التركي: «الأسد» يسعى لتشكيل دولة مصغرة في سوريا

«قيمة مضافة» لواشنطن أم «حمولة فائضة»

لأن رحيل الأسد ضرورة