دوافع روسيا وإيران لصفقة القمر الصناعي عالي التقنية؟

الثلاثاء 29 يونيو 2021 05:54 ص

تستعد روسيا لتزويد إيران بقمر صناعي عالي التقنية يسمى "كانوبس ف"، وفق ما كشفه تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" مؤخرًا، وستطلق روسيا القمر الصناعي من أراضيها ومن ثم تسلم السيطرة عليه لطاقم إيراني تلقى تدريبًا أساسيًا في روسيا، وستتحكم إيران في القمر الصناعي من منشأة مبنية حديثا في مقاطعة البورز، بالقرب من طهران.

وبالنسبة لإيران، قد يكون هذا التطور العسكري الأكثر أهمية منذ انتهاء حظر الأسلحة الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومع ذلك، فليس هناك مفاجأة فيه، بالنظر إلى التعاملات التكنولوجية والعسكرية السرية السابقة بين طهران وموسكو.

ففي خريف عام 2020، كشف الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث روسي أن إيران استحصلت على نظام رادار "Rezonans-NE" من روسيا واستخدمته لتحديد وتتبع الطائرات المقاتلة الأمريكية "F-35" بنجاح.

تعويض هشاشة إيرانية

على الرغم من أن هذا النظام محدود النطاق، إلا أن جهود إيران لتعزيز قدراتها الاستطلاعية وقدرات المراقبة عن طريق استيراد التقنيات الأجنبية المتقدمة أمر حيوي لتعويض برامجها وأجهزتها الدفاعية الجوية التي عفا عليها الزمن، وخاصة سلاحها الجوي القديم.

تدرك روسيا جيدا هذه الهشاشة الإيرانية وهي عازمة على تقديم معدات تكنولوجية عسكرية دفاعية أقل إثارة للجدل يمكن أن تساعد طهران، إلى حد ما، في التعامل مع الأسلحة المتقدمة لمنافسيها الإقليميين.

حسابات روسيا الحذرة

لدى روسيا حساباتها الخاصة الحذرة عند التفاعل مع إيران، كما أن لديها إدراكًا للمنطقة الأوسع، فأولا؛ ترى موسكو نفسها كقوة موازنة في الشرق الأوسط، وهي ترغب في التعاون مع جميع البلدان والاستحواذ على الفرص الاقتصادية والسياسية كلما أمكن.

لذلك، فمن الأولويات بالنسبة لروسيا عدم تهديد علاقاتها مع الدول العربية وإسرائيل بسبب علاقاتها أو معاملاتها مع إيران.

ثانيا؛ تقوم روسيا بإجراء صفقاتها العسكرية الحساسة في المقام الأول مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي نيابة عن إيران، لكن الولايات المتحدة فرضت عقوبات كثيفة على الحرس الثوري، وتم تعيينهم كمنظمة إرهابية أجنبية خلال إدارة "دونالد ترامب"، وبالتالي فإن أي تعامل علني يمكن أن يضع بسرعة الكيانات الروسية المشاركة تحت تهديد الحكومة الأمريكية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه قبل انتهاء حظر الأمم المتحدة للأسلحة على إيران في أكتوبر/تشرين الأول 2020، قامت الحكومة الأمريكية من جانب واحد بفرض العقوبات على وزارة الدفاع الإيرانية، بالإضافة إلى استعادة حظر الأسلحة على إيران من خلال أمر تنفيذي.

ولهذا السبب نفى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بشدة المقال الصحفي الأخير عن صفقة القمر الصناعي مع إيران، ودعاه بـ "الهراء" و"القمامة".

وعلى الرغم من فرض عقوبات على روسيا تشبه تلك المفروضة على إيران (على سبيل المثال بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات - جاستا)، فإنها تعارض بشدة فرض المزيد من العقوبات على الكيانات الرئيسية مثل "روسكوسموس".

وتقوم "روسكوسموس" بتشغيل برنامج الفضاء الروسي وفرعها "فنيم" هي الشركة المصنعة للقمر الصناعي "كانوبس ف".

ومع ذلك، فإن تزويد إيران بأداة جديدة سرية في الفضاء لا يعني بالضرورة إعطاء موسكو لطهران تفوقًا استراتيجيًا على منافسيها أو خصومها الإقليميين مثل السعودية وإسرائيل.

رد فعل إسرائيل

تعد الميزة الرئيسية في "كانوبس ف" هي قدرته على أخذ صور عالية الدقة بكاميرا بدقة 1.2 متر، وبشكل عام، فإن هذه ليست ميزة مخصصة لإيران، حيث يمكن لأي أحد شراء صور الأقمار الصناعية من الشركات التجارية.

وبغض النظر عن المبالغات حول "التهديدات" التي يمثلها تحسين قدرة الأقمار الصناعية الإيرانية، يعتقد بعض المسؤولين الإسرائيليين أن القمر الصناعي "يفتقر إلى أي أهمية استراتيجية" وأن قرار إيران بشراء قمر صناعي من روسيا يمكن أن يكون مؤشرا على فشلها في تطوير قدرة إطلاق الأقمار الصناعية المحلية الخاصة بها.

وعلاوة على ذلك، لاحظ محلل أمني إسرائيلي كبير أيضا أن إسرائيل يمكن أن تعطل وظائف القمر الصناعي عن طريق التشويش أو حتى استهدافه بصاروخ.

ولكن، ما تزال القدرات العسكرية الأخرى المحتملة للقمر الصناعي والهدف الأساسي من حصول إيران عليه غير واضحة.

أحد الاحتمالات هو أن طهران تتوقع استخدام القمر الصناعي لتحسين دقة الاستهداف لبرنامجها الصاروخي؛ إذا تم تحويل غرضه من الاسخدام المدني إلى الاستخدام العسكري.

ويطلب المرشد الأعلى "آية الله علي خامنئي" دائمًا من قوة الفضاء التابعة للحرس الثوري بأن يحسنوا دقة الصواريخ، وقد أعلن مؤخرا أن صواريخ إيران "دقيقة" وطالب قوة الفضاء بالاستمرار في العمل على تعزيز دقتها.

ويعد برنامج إيران الصاروخي الهجومي أكثر تقدما من قطاعاتها العسكرية الدفاعية الأخرى، وقد طورته بالاعتماد على نفسها.

وقد يبدو وجود قمر صناعي أجنبي مفيدا للغاية لهذا البرنامج، لكنه لن يكون كافيا لقوة الفضاء، والتي لديها أيضًا برنامج الفضاء الموسع الخاص بها وتحاول إطلاق أقمارها الأقمار الصناعية العسكرية مع قاذفات أنتجتها بنفسها.

وبصرف النظر عن نجاحات قوة الفضاء في تطوير أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، فقد فشل قطاع الدفاع الإيراني في التصميم المحترف والإنتاج الضخم للمقاتلات النفاثة الحديثة ويعتمد على شرائها من الخارج.

تعبير عن الصداقة الثنائية

تعتبر طهران روسيا كـ "صديق للأوقات الصعبة سيتعامل معها بالتأكيد بشكل مختلف"، وبالتالي فإن موسكو هي مورد أسلحة مناسب لإيران.

وقد صرح "كاظم جلالي"، سفير إيران في روسيا، أن الأخيرة هي "أولوية" للجمهورية الإسلامية فيما يتعلق بواردات الأسلحة.

وبعد اتفاقية إيران والصين الاستراتيجية التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، وتستمر 25 عاما، وستزيد بشكل كبير من البصمة الاقتصادية والسياسية الصينية في إيران، فإن الحصول على القمر الصناعي الروسي، قد يكون نصيبًا يرضي روسيا المترقبة حاليًا، فيما يتعلق بسوق أسلحة إيران الجديد.

وإذا أدت محادثات فيينا لإحياء الاتفاقية النووية لعام 2015 ورفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة "ترامب"، بما في ذلك حظر الأسلحة، فلن تكون هناك عقبة على الأقل على الورق، على تزويد روسيا لإيران بالأسلحة.

وفي مقابلة مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، في 23 يونيو/حزيران، قال سفير روسيا في إيران "ليفان دزاجاريان": "انتهى حظر الأسلحة على إيران العام الماضي، ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، لا توجد مشكلة في تجارة الأسلحة مع إيران، ونحن مستعدون لذلك".

وأضاف: "بعض الدول تشعر بالقلق، لكننا نقول لها بألا تقلق؛ لأن الجمهورية الإسلامية لن تهاجم، إنها ليست تهديدا لأي أحد وتريد شراء الأسلحة لمصالحها الدفاعية".

وبالتالي يمكن رؤية صفقة القمر الصناعي في هذا الإطار باعتبارها تعبيرا أوليا عن النوايا، ويبدو أنه بعد التطورات الملحوظة مثل التعليقات المسربة لوزير الخارجية "جواد ظريف" حول الجهود الروسية لتخريب المحادثات النووية في عام 2015، واستبعاد طهران من محادثات وقف إطلاق النار في ناجورنو كاراباخ، والمنافسة المتنامية مع إيران على النفوذ الاقتصادي والسياسي في سوريا، تعتزم موسكو إظهار حسن النوايا لمؤسسة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية بأنها لا تزال ترى إيران كحليف أمني في الشرق الأوسط.

المصدر | فاردين افتخاري/  معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا إيران قمر صناعي الاتفاقية النووية كانوبس ف

و.بوست: روسيا تزود إيران بقمر صناعي متطور يمنحها قدرات عسكرية كبيرة

حسابات جيوسياسية متكاملة.. هل تقترب روسيا وإيران من إعلان التحالف الكامل؟

روسيا تطلق للفضاء قمر تجسس عسكريا لصالح إيران