هل يستغل السيسي تركيا لابتزاز حلفائه في الخليج؟

السبت 10 يوليو 2021 01:20 م

للمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، وصل وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية "سادات أونال" إلى القاهرة في مايو/أيار لإجراء جولة محادثات استكشافية استمرت يومين.

وبعد ذلك، أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا سلط الضوء على المناقشات "الصريحة والمعمقة" التي تناولت القضايا الثنائية والإقليمية، بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق "وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط".

وتم صياغة البيان بعناية لتوليد توقعات متواضعة. وفيما أبقى الباب مفتوحًا لمزيد من المحادثات، إلا إنه ربط هذا الاحتمال بعملية تقييم واتفاق على "الخطوات التالية".

وفي حين أن أهداف ونوايا تركيا لهذه العملية واضحة، لا يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لمصر. وربما تهدف القاهرة إلى زيادة قيمتها في نظر شركائها من خلال الانفتاح على تركيا، والضغط بذلك على حلفائها مع تجنب التصعيد مع تركيا أيضًا في خضم النزاع المتصاعد حول سد النهضة الإثيوبي.

وبعد انتهاء محادثات مايو/أيار، حدث تطوران مهمان؛ ففي 14 يونيو/حزيران، أيدت السلطات المصرية 12 حكماً بالإعدام بحق عدد من الشخصيات البارزة في "الإخوان المسلمين". وبينما تجنبت تركيا القضية إلى حد كبير، ربما لعدم إعطاء مصر ذريعة لتخريب المحادثات، أكدت أنقرة في أبريل/ نيسان أنها لا تزال تعارض الدول التي تعلن جماعة "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية.

مصر تنال الاهتمام المطلوب

ويتعلق التطور الثاني بعلاقات مصر الإقليمية، فخلال أسابيع من المحادثات التركية المصرية في مايو/أيار، سافر ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" ورئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس" وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" إلى مصر للقاء الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

فهل هذه صدفة؟ ربما لا؛ حيث لا يوجد لدى أي من الدول الثلاث أي مصلحة في التقارب المصري التركي، ولديهم دافع كبير لتخريبه.

وبينما تحرك "بن سلمان" لعرقلة التقارب مع أنقرة، تحركت اليونان لوقفه بشكل كامل، ويُعتقد أن الإمارات تقف وراء جهود ضغط جديدة مناهضة لتركيا في واشنطن تطلق على نفسها اسم "مشروع الديمقراطية التركية".

وبعد لقائه "بن سلمان" في شرم الشيخ الشهر الماضي، نشر "السيسي" صورة غير رسمية للاثنين مسترخيين ومبتسمين، وأكد أن البلدين يتفقان في القضايا الإقليمية والدولية.

وكانت مصر ضمن الرباعي الذي قادته السعودية لحصار قطر عام 2017، ومع ذلك، لم تنسق الرياض مع القاهرة أو تأخذ مصالحها في الاعتبار عندما عملت على المصالحة مع الدوحة في وقت سابق من هذا العام.

وكان من المفترض أن تؤدي المصالحة بين الرياض والدوحة إلى تطبيع العلاقات بين تركيا والسعودية، لكن ذلك لم يحدث لسببين رئيسيين، أولهما عدم إحياء الاتفاقية النووية الإيرانية حتى الآن، ما يعني أن الرياض ليست بحاجة إلى الانضمام إلى قوة إقليمية ضد إيران، وثانيًا، عدم تكثيف الولايات المتحدة لضغوطها على "بن سلمان" وهو الأمر الذي كان سيجعله حريصا على التعاون مع أنقرة لمواجهة هذا الضغط.

أما في الوضع الحالي، فإن التطبيع بين مصر وتركيا سيعزل السعودية، وهذا هو السبب في أن "بن سلمان" ربما ضغط على نظيره المصري لعرقلة التقارب.

التحديات المحتملة

أما "ميتسوتاكيس" فكانت لديه نقطتان رئيسيتان على أجندته عندما التقى بـ"السيسي"، أولهما إقناع القاهرة بالتوقيع على اتفاق كامل لترسيم الحدود البحرية المتعلقة بملكية حقوق النفط والغاز في شرق البحر المتوسط​، والاحتجاج على استبعاد أثينا من مؤتمر برلين بشأن ليبيا، وثانيهما الدعوة لخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.

وإذا تم اتفاق ترسيم الحدود في شرق المتوسط ​​مع اليونان فإنه سيخرب أي فرص للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود بين مصر وتركيا في المستقبل، بينما كان المطلب الثاني يهدف إلى تحريض القاهرة ضد أنقرة بشأن القضية الليبية.

أما عن "بن زايد"، فقد حضر ولي عهد اأبوظبي مؤخرًا حفل "السيسي" لتدشين قاعدة بحرية استراتيجية على البحر الأبيض المتوسط ​​بالقرب من الحدود الليبية.

ومنذ الانقلاب العسكري المدعوم من الإمارات في عام 2013، لم يفوت "بن زايد" تدشين أي قاعدة عسكرية مبنية حديثًا في مصر، ويُعتقد أيضًا أن أبوظبي هي الممول الرئيسي لصفقات الأسلحة الضخمة التي أبرمها "السيسي" مع الدول الغربية في السنوات القليلة الماضية.

وقد أرسل حضور "بن زايد" لافتتاح القاعدة العسكرية بالقرب من ليبيا رسالتين؛ هما أن أبوظبي تحتفظ بنفوذ كبير على السياسة المصرية، وأن الإمارات ما تزال القوة الرائدة عندما يتعلق الأمر بالأزمة الليبية، حيث تواصل سياساتها التخريبية.

ويبدو أن المحادثات التركية المصرية أثارت رد الفعل الذي أراده "السيسي" من حلفائه، وبعد أن أولوه المزيد من الاهتمام، فقد تبدأ المحادثات مع أنقرة في مواجهة تحديات خطيرة.

وإذا بدأت مصر في تبني مطالب غير واقعية مع عدم تقديم تنازلات متبادلة، فستكون هذه علامة على أنها تهدف إلى إطالة العملية قبل إغلاقها بالكامل.

وفي حين أن وسائل الإعلام المصرية قد خففت مؤخرا من انتقادها لتركيا، لم تكن هناك كلمة عن إغلاق المنافذ الإعلامية التابعة لـ"فتح الله غولن" في القاهرة.

وعلاوة على ذلك، بدأ وزير الخارجية المصري مؤخرا في تبني مطالب بالنيابة عن الدول العربية الأخرى، مثل وجوب توقف تركيا عن تهديد الأمن القومي العربي وكذلك وجوب الانسحاب من هذا البلد وذاك البلد، وفي حين أن تركيا سوف تتجاهل مثل هذا الخطاب، إلا إنه يلقي الضوء على استراتيجية القاهرة.

وفي الوقت نفسه، فإن الاجتماع الأخير بين رئيس المخابرات المصرية وجنرال الحرب الليبي "خليفة حفتر"؛ مع تهديدات "حفتر" بـ"تحرير" طرابلس بالقوة إذا لزم الأمر؛ بالإضافة إلى الترشح الرئاسي لأستاذ الفلسفة الليبي "علي عارف النايض" المدعوم من الإمارات، فإن كل هذه العوامل تهدد مرة أخرى بتحويل ليبيا إلى أرضية صراع بين تركيا ومصر، بدلا من أرض من المصالح المشتركة.

المصدر | علي باكير/ ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي تركيا ليبيا التقارب المصري التركي الخليج الحرب في ليبيا ترسيم الحدود البحريّة شرق المتوسط

مصر تعتبر قرار تركيا منع الإخوان من استخدام مواقع التواصل خطوة إيجابية

معارضون مصريون بتركيا يخشون دفع ثمن تقارب القاهرة وأنقرة