عمان والسعودية.. تقارب حتمي تعززه المصالح المتبادلة

الخميس 15 يوليو 2021 05:13 ص

في 11 يوليو/تموز الجاري، وصل السلطان "هيثم بن طارق آل سعيد" إلى مدينة نيوم السعودية في أول زيارة خارجية له منذ أن أصبح سلطان عُمان في 11 يناير/كانون الثاني 2020، وكان في استقباله الملك "سلمان بن عبدالعزيز" ورافقه وفد عماني رفيع المستوى.

وتم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات في مجالات التجارة والثقافة والنقل.

وتزامنت الزيارة مع افتتاح أول طريق بري مباشر بين مدينتي عبري في عُمان والأحساء في السعودية والذي يمتد لـ 800 كيلومتر عبر الربع الخالي، بدلا من طريق دائري بطول 1640 كيلومتر عبر الإمارات.

ويعد الطريق الجديد مهما للتجارة والسياحة والربط بين السعودية وعُمان.

ويعد توقيت هذه الزيارة لافتا.

وخلال الأيام القليلة الماضية، شهدت العلاقات السعودية الإماراتية توترات بعد قمة "أوبك+" بشأن حصص الإنتاج، والتي أعقبها قواعد تجارية جديدة من قبل المملكة على الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، كما وضعت المملكة قيودا على القادمين من الإمارات بدعوى تفشي وباء "كوفيد-19".

وفي المقابل، يسلط وصول السلطان "هيثم" الضوء على درجة معينة من الوحدة ما تزال قائمة في مجلس التعاون الخليجي.

وخلال الشهرين الماضيين، شهدت عُمان احتجاجات واسعة النطاق حول البطالة والفساد، بعد عقد من اندلاع احتجاجات مماثلة في بداية الربيع العربي في عام 2011.

ويأمل السلطان "هيثم" أن تساعد الصفقات الموقعة مع المملكة في التخفيف من بعض التحديات الاقتصادية التي تواجهها عُمان.

  • الاقتصاد العماني

وكانت السعودية، إلى جانب الإمارات، قد استثمرت بكثافة في عُمان وخلقت هناك حتى الآن وظائف أكثر مما فعلته دول مثل الصين.

ووسط مجموعة من الضغوط الهيكلية (بما في ذلك سعر تعادل مرتفع لبرميل النفط واحتياطات منخفضة قد تغطي 25 إلى 30 عاما فقط عند مستويات الإنتاج لعام 2019)، اضطرت عُمان إلى إعادة التفكير في سياساتها الاقتصادية.

وقد ارتفع الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 4.9% في بداية الانهيار النفطي في 2014 إلى 60% في 2019 و80% في 2020.

ومن المتوقع حدوث مزيد من التداعيات الاقتصادية بسبب "كوفيد-19".

وبعد وفاة السلطان "قابوس بن سعيد" في يناير/كانون الثاني 2020، تحدث السلطان "هيثم" عن الحاجة إلى "تطوير أدوات المساءلة".

وفي الوقت نفسه أعلن عن إنشاء نظام ضمان اجتماعي لتوفير مستوى معيشي لائق للمواطنين للوقاية من الآثار السلبية للإصلاحات الاقتصادية الجارية.

كما تحركت عُمان لاستخدام أدوات تمويل جديدة مثل القرض التجسيري من قبل بنك أبوظبي الأول وبنك مسقط.

وأحدثت عُمان تغييرات في وزاراتها، مثل وزارة الطاقة والمعادن، لتتماشى بشكل أفضل مع تحديات السياسة العامة، وهي على استعداد لتفويض جيل الشباب في الحكومة والمجالس المحلية.

كما أنها أنشأت مؤسسات جديدة مثل هيئة الاستثمار العمانية وشركة تنمية الطاقة في عمان.

  • دور الجسر في الخليج

وستساعد العلاقات السعودية العمانية الأوثق في تعزيز المكاسب السعودية في المهرة في اليمن، بما في ذلك التخطيط لما بعد الحرب والأمن على الحدود مع عُمان.

ويتوافق هذا جيدا مع المصالح الأمريكية في عُمان، بما في ذلك الاتفاقية الموقعة في عام 2019 التي تحكم وصول الولايات المتحدة إلى مينائي الدقم وصلالة لتعزيز "الأهداف الأمنية المشتركة".

ويعتبر ميناء الدقم كبير بما يكفي لاستيعاب حاملة طائرات، وهو في موقع مثالي للسيطرة على بحر العرب. 

وستواصل عُمان دعم الدبلوماسية لإنهاء الصراع في اليمن وتسهيل الاتصال بين السعودية وإيران، والاستفادة من مستوى عالٍ من الثقة والتي تم بناؤها مع إيران على مدى عدة عقود.

وسيسعى السلطان "هيثم" إلى الحفاظ على حياد عُمان الذي أرساه السلطان "قابوس" على مدى العقود الماضية.

على سبيل المثال، عندما قطعت السعودية والبحرين والإمارات وآخرون العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 2016 بعد أن اقتحم بعض الإيرانيين السفارة السعودية في طهران ردا على إعدام رجل الدين الشيعي البارز "نمر النمر"، حافظت مسقط على علاقات دبلوماسية مع طهران.

ومع ذلك، فقد أدانت العنف.

وكانت عُمان الدولة الوحيدة التي حافظت على علاقات دبلوماسية مع سوريا بعد عام 2011 وحاولت المساهمة في مفاوضات السلام في سوريا، حيث التقى وزير الخارجية العماني آنذاك "يوسف بن علوي بن عبد الله" برئيس النظام السوري "بشار الأسد" في 2015 و2019 و2020.

وجرت محاولات دبلوماسية أخرى في مسقط في عام 2015.

ويمكن لعمان الاستمرار في لعب دور الجسر بين الولايات المتحدة وإيران بعد عودة إدارة "بايدن" إلى المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة.

وسوف يتطلع السلطان "هيثم" إلى زيادة الاستثمار الداخلي إلى أقصى حد مع الاستمرار في الاستفادة من الموقع الجيوستراتيجي لسلطنة عُمان لضمان أمنها وتعزيز ثقلها في الشؤون الإقليمية والدولية.

لكن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية في آن واحد ستقلل من خيارات السياسة الخارجية والاقتصادية المتاحة له ولحكومته في الوقت الذي يسعى فيه إلى تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي.

المصدر | روبرت ماسون/معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السلطان هيثم سلطنة عمان العلاقات السعودية العمانية العلاقات العمانية الإيرانية دور الوسيط الوساطة العمانية

لماذا تتجه السعودية للاستثمار اقتصاديًا وأمنيًا في سلطنة عمان؟

النعماني.. رجل الظل وراء التقارب السعودي العماني

ماذا يدفع السعودية وسلطنة عمان للتقارب؟

الفالح يقود وفدا سعوديا بمسقط لتعزيز التعاون الاقتصادي مع عمان

السعودية وعمان توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الاستثمار بين البلدين