الإيرانيون والروس ليسوا حلفاء في سوريا كما يعتقد الجميع

الأربعاء 11 نوفمبر 2015 11:11 ص

نشرت صحيفة «المونيتور» تحليلا للكاتب ومحلل السياسات الإيراني «صاحب صديقي»، تحدث خلاله حول الرؤى المتعارضة لكل من إيران وروسيا حول طبيعة توازنات القوى في سوريا وأيضا هوية أي نظام سياسي منتظر في البلاد، ووفقا لـ«صديقي»، فإن موسكو وطهران، وأن كانتا تبدوان حليفين وثيقين، فإن بينهما خلافات جوهرية لن تلبث حتى تظهر إلى العلن، وهذا هو نص المقل كما ترجمته الخليج الجديد:

اتحدت الأهداف المشتركة والفورية لإيران وروسيا بشأن سوريا على المدى القصير. ومن المرجح أن هذه الوحدة سوف تشهر في وجه النفوذ الغربي على المدى الطويل. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر ببعض الجوانب الرئيسية لمستقبل سوريا، بما في ذلك طبيعة الحكومة وإعادة بناء الجيش السوري، فإن الخلافات بين طهران وموسكو تطفو إلى السطح.

وعلى الرغم من الأهداف المشتركة قصيرة الأجل التي وحدت بين الجانبين، فإن الخلافات حول مستقبل سوريا لا بد أن تؤدي بهم إلى الصراع.

وبصفة عامة، سارت إيران وروسيا على نفس المسار ودخلتا مرحلة جديدة من اللعبة الجيوسياسية في سوريا. تحاول روسيا، بوصفها قوة كبرى، إعادة تعريف دورها في العالم، كما يتضح من أعمالها في أوكرانيا وسوريا. بعد 40 عاما، عادت روسيا إلى الشرق الأوسط من أجل إثبات وجودها في عالم مختلف ومتعدد الأقطاب. تدور استراتيجية إيران في الأصل حول إعادة تعريف دورها الجيوسياسي. لا ينبغي النظر إلى لعبة إيران في سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن فقط من وجهة النظر الأيديولوجية، ولكن على أن الجمهورية الإسلامية تسعى لهيئة ما يمكن وصفه بـ«مكان ملائم للعيش».

وعلى المدى القصير، فإن كل من إيران وروسيا تحاولان الحفاظ على موقف الرئيس السوري «بشار الأسد» ومساعدته في الحفاظ على الأراضي التي تسيطر عليها حكومته واستعادة الأراضي التي فقدها الجيش السوري مؤخرا. كما تسعى روسيا أيضا لاختبار أسلحتها الجديدة وقواتها الجوية. وباختصار، فإن الهدف الواضح هو إضعاف موقف المعارضين لنظام «الأسد» في سوريا قدر الإمكان، وهذا الهدف على المدى القصير هو الضامن للوحدة الإيرانية الروسية الحالية.

لكن على الرغم من هذه الوحدة، فإن موسكو وطهران لديها خلافات خطيرة حول مستقبل سوريا.

بين الجيش السوري وميليشيات إيران

وكانت موسكو ودمشق حليفين تقليديين. في العقود الماضية، كانت روسيا أكبر مصدر للأسلحة إلى سوريا، مع وجود طرطوس كمركز خدمة لوجيستي رئيسي لشحنات الأسلحة الروسية، وعلاوة على ذلك، تم تدريب العديد من القادة السوريين وكبار الضباط في روسيا. في هذا السياق، فإن هياكل ومعدات الجيش السوري تعتمد بشكل كبير على موسكو. تسعى روسيا إلى أحياء نفوذ الجيش السوري في البلاد ليستعيد حالته قبل الحرب الأهلية في عام 2011. في بعبارة أخرى، فإن الجيش العلماني يمكن بسهولة أن تتم السيطرة عليه.

على الجانب الآخر، فقد اختارت إيران مسارا مختلفا تماما. عندما رأت إيران أن الجيش السوري قد صار على وشك الانهيار، فإنها سعت نحو تعزيز القوات غير النظامية للمتطوعين. وهكذا أنشأت الجمهورية الإسلامية قوة ضخمة تتألف من العلويين. وقد أصبح هذه الأخيرة القوة الرئيسية التي تتولى الآن مهام مكافحة مختلف جماعات المعارضة المسلحة، وتفوق نفوذها نفوذ الجيش السوري في ساحة المعركة. هذه القوات المتطوعة يبلغ إجمالي تعدادها حوالي 200 ألف شخص وتتلقى الأوامر من طهران وليس من الحكومة السورية. وفقا لبعض التقارير، فقد انضم حوالي 20 ألفا من الشيعة في العراق ولبنان وأفغانستان إلى المعركة أيضا. هذه القوات قد تلعب دورا مهما للغاية في مستقبل سوريا. وعلاوة على ذلك، تأمل الجمهورية الاسلامية في استخدامها كبديل عملي لحكومة «الأسد». هذه الاستراتيجية ليست فريدة من نوعها لسوريا ولكنها أيضا السياسة الإيرانية المتبعة في العراق ولبنان وحتى في اليمن. في لبنان، فإن قوة حزب الله تعادل على الأقل قوة الجيش اللبناني، وفي العراق فإن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران الآن هي الركائز الأساسية للقوات المسلحة للبلاد، وعلاوة على ذلك، ففي اليمن تم دمج الجيش اليمني مع ميليشيات أنصار الله الشيعية.

هوية الدولة السورية

تختلف إيران وروسيا أيضا على التوجه السياسي المستقبلي للدولة السورية. بالنسبة لإيران، فمن الأهمية بمكان أن يحافظ على النظام السياسي السوري في المستقبل على موقف معاد لـ(إسرائيل) ويستمر ليكون بمثابة جسر بين طهران وحزب الله. في المقابل، فإن روسيا لا تشغل نفسها بهذه الأمور وتتجنب حتى إطلاق أي تصريحات بشأنها. في الواقع، فإن كل من (إسرائيل) وروسيا قد عقدا سلسلة من الاجتماعات المشتركة خلال الأشهر الماضية لإيجاد أرضية مشتركة حول سوريا.

وقد اتفق الجانبان على تجنب المواجهة العسكرية المحتملة في سماء سوريا، وحتى إن موسكو قد التزمت بمنع حزب الله من الحصول على أسلحة روسية. كما تعهدت أيضا بعرقلة أي إجراءات ضد (إسرائيل) من قبل الميليشيات الموالية للحكومة وقوات لحزب الله في مرتفعات الجولان. من جانبها، فإن (إسرائيل)، وعلى عكس حلفائها الغربيين، لم تعبر عن موقف سلبي تجاه الوجود العسكري الروسي في سوريا، مما يشير إلى أن موسكو لا تريد للنظام السياسي المستقبلي في سوريا أن يحافظ على الموقف المعادي لـ(إسرائيل). وفي هذا السياق، ينبغي أن يوضع في الاعتبار أن (إسرائيل) وروسيا أيضا في الآونة الأخيرة قد شرعا في بناء علاقات جيدة بلغت إلى حد عقود الأسلحة المتطورة والتبادلات العسكرية الثنائية. في الواقع، يظهر في الصورة الأكبر أن أحد الأهداف الرئيسية لروسيا في سوريا هو الحصول على مزيد من التنازلات من أوروبا والولايات المتحدة بشأن مسألة أوكرانيا.

وهكذا، فإن إمكانية الوصول إلى حل وسط بين واشنطن وموسكو ليست بعيدة المنال. ويمكن جدا أن يتم التوصل إلى ذلك الحل على حساب مصالح إيران. في هذا السياق، يبدو أن روسيا والولايات المتحدة تملكان إمكانات العمل معا حول مستقبل سوريا. التهديد المشترك الذي يشكله الإسلاميون المتطرفون إلى جانب عدم وجود بديل قابل للتطبيق من قبل المعارضة الليبرالية يدفعان الولايات المتحدة وروسيا إلى القبول أن يكون خليفة «الأسد» هو شخص من حزب البحث السوري. في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي بعد الاجتماع الأول حول سوريا في فيينا، أعلن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» أن البلدين يشتركان فى الالتزام بفكرة سوريا العلمانية والديمقراطية. السخط الروسي من النفوذ الإيراني في سوريا تم الكشف عنه على لسان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» خلال لقائه مع «الأسد»، عندما قال «لقد قاوم الشعب السوري خلال السنوات القليلة الماضية بمساعدة الحكومة السورية في مواجهة الإرهاب الدولي»، بينما لم يأت على ذكر إيران بأي حال من الأحوال.

باختصار، يبدو أن الخلافات بين إيران وروسيا حول مستقبل سوريا سوف تصبح خطيرة جدا. إلا أن هذه الخلافات لا تظهر إلى العلن نتيجة محاولة البلدين تحقيق الأهداف المشتركة وقصيرة الأجل في الوقت الراهن. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أن نغفل أن روسيا تشعر بالقلق من تضييق الهوة بين الغرب وإيران في أعقاب الاتفاق النووي، ولذا تحاول موسكو أن تظهر تمتعها بعلاقات وثيقة مع طهران. ولذلك، فمن الواضح أنه مع بدء المفاوضات بشأن انتقال السلطة في سوريا ونزع سلاح المجموعات المسلحة المختلفة في عصر ما بعد «الدولة الإسلامية»، فإن الخلافات بين إيران وروسيا سوف تصعد لا محالة إلى الواجهة.

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا سوريا الأسد بوتين روحاني التدخل الروسي في سوريا (إسرائيل)

السعودية تطرح مشروع قرار يدين تدخل إيران وروسيا في سوريا

«ستراتفور»: إيران وروسيا لا تحملان نفس الالتزام تجاه «الأسد»

قائد «الحرس الثوري» الإيراني: روسيا تبحث عن مصالحها ولا يهمها «الأسد»

دراسة: تناقض الأهداف بين روسيا وإيران في سوريا يمنح (إسرائيل) نفوذا سياسيا

التدخل الروسي في سوريا يعزز نفوذ المتشددين الإيرانيين

لماذا تخشى إيران أيضا التدخل الروسي في سوريا؟