خلال زيارة إلى إيران، الثلاثاء، تحدث نائب وزير الخارجية السوري بقوة ضد مقترحات تشكيل حكومة انتقالية من شأنها أن تؤدي إلى إزالة الرئيس «بشار الأسد»، هذا ليس بيانا غريبا لكونه يأتي من مسؤول سوري، ما يجعله مثيرا للاهتمام هو أن الإدلاء بهذه الأقوال في إيران يثبت أن إيران تدعم وجهة النظر تلك بقوة أيضا. يوم الثلاثاء أيضا، أكد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء «محمد علي جعفري» التزام إيران تجاه «الأسد»، مؤكدا أن إيران لا ترى أي بديل عن «الأسد» كقائد لسوريا، وقال «جعفري» إن روسيا قد لا تتفق تماما مع هذا الرأي. في واقع الأمر، وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن إنقاذ «الأسد» ليس أمرا حرجا أو حاسما..
سوف يكون الخلاف بين إيران وروسيا بشأن مسألة مستقبل «الأسد»، للوهلة الأولى، يبدو عبئا ثقيلا على قدرة البلدين لدعم «الأسد» وحكومته في الحرب الأهلية السورية. ومع ذلك، فإنه ليس سوى اختلافا سياسيا ودبلوماسيا في الرأي ولا يؤثر بالخطر على الجانب العسكري من الصراع. كلا البلدين لديهما مصلحة واضحة في دعم الحكومة السورية، أيا كانت هوية الشخصية الذي يقودها. وعلى أرض المعركة، فإن القوات الإيرانية والأصول الجوية الروسية، جنبا إلى جنب مع العتاد من كلا البلدين، قد تم تسخيرها في دعم الحكومة.
بالنسبة لإيران، يعتبر مستقبل سوريا مصلحة وطنية أساسية. قبل الحرب، كانت سوريا الحليف الإيراني الأوثق والذي يتمتع بقوة عسكرية كبيرة وقدرات غير متماثلة يمكن الاستفادة منها ضد إسرائيل وربما ضد تركيا. وعلاوة على ذلك، مع سلاح الجو الإسرائيلي المتحكم في سماء لبنان والقوات البحرية الإسرائيلية التي تراقب عن كثب النهج البحري في لبنان، فإن سوريا هي الطريق الوحيد المتاح أمام إيران لتعزيز وتوفير الإمدادات أمام حزب الله، الحليف الرئيسي لها. حزب الله ضالع بشكل عميق في الصراع السوري وسوف تفتح الهزيمة في سوريا الطريق أمام لانتشار الصراع في لبنان ما يهدد حزب الله في عقر داره. قدرة إيران على بسط مشروع للنفوذ في المنطقة سوف تتضرر بشدة إذا تم استبدال الحكومة الحالية بكيان معادي لها في سوريا. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من المواقع الدينية الشيعية الهامة، بما في ذلك مسجد السيدة زينب، تقع في سوريا، ما يزيد من نشاط الإيرانيين من أجل ضمان أن حكومة سنية معادية لها لن تحل محل الحكومة الحالية.
سوف تكون إيران حذرة بشأن التفاوض في أي صفقة قد تضعف موقف الحكومة. هذا ليس كثيرا، ولذا فإن إيران تعزز من اتصالها المباشر بـ«الأسد» بقدر الخوف من أن تغيير القيادة في هذا الوقت قد يؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة وإضعاف تماسك القوات الموالية السورية.
الروس، في الوقت نفسه، يتمسكون بالحفاظ على موقع الحكومة السورية بهدف الدفع نحو تسوية تفاوضية للنزاع، ولكنهم لا يشعرون بنفس القدر من القلق مثل الإيرانيين حول القادة الذين سوف يتم استبعادهم من التسوية طالما أن النتيجة النهائية تحمي مصالح موسكو على نطاق واسع. لا تستثمر موسكو بشكل رئيسي في سوريا، تبدو موسكو أكثر استعدادا للانخراط في محادثات شاملة وتنظر إلى المسألة السورية باعتبارها كعنصر من عناصر المفاوضات ضمن إطار مواجهة أكبر مع الغرب. وبالتالي يمكن لروسيا أن تتحمل الحفاظ على بعض المرونة في المفاوضات مما يتيح مجالا لتغيير في القيادة السورية إذا أمكن انتزاع بعض التنازلات الأساسية في المقابل.
في نهاية المطاف، تختلف مواقف روسيا وإيران حول مستقبل «الأسد» بشكل أولي نظرا لحسابات المخاطر والعوائد وليس من حيث المبدأ. تبدو روسيا أكثر استعدادا لتشجيع تغيير القيادة في سوريا مقارنة بإيران، والتي ترى في الأمر مخاطر كبرى تهدد محور الموالاة في سوريا. في النهاية، ومع ذلك، فإن كل من روسيا وإيران بإمكانهما العيش في سوريا لا يديرها «الأسد» طالما أن ذلك يخدم مصالحهما بشكل جيد.