الروس عالقون في الوحل السوري.. وعليهم أخذ «أردوغان» في الحسبان

الجمعة 27 نوفمبر 2015 05:11 ص

في سوريا كما هي الحال عندنا لم يشعروا بالشتاء بعد، لكن روسيا غارقة في الوحل السوري الذي دخلت إليه قبل شهرين فقط – بكل قوتها لكن بقليل من التفكير لرؤية المستقبل.

في بداية أيلول وصلت عشرات الطائرات الروسية إلى الأراضي السورية، وخلال يومين بدأت بقصف جميع الأهداف بدون تمييز في كل المناطق السورية. هذا بناء على الطريقة الروسية المحافظة: من لا يستجيب للقوة فإنه يستجيب لمزيد من القوة. وإنجازاتهم في الوقت الحالي هي صفر باستثناء قتل مئات المدنيين السوريين والمتمردين المعتدلين. لكن ثمن تدخلهم في سوريا له تأثيرات كثيرة. في الشهر الماضي كانت طائرة الركاب الروسية حيث تم تفجيرها من قبل «داعش» في سماء سيناء وقتل 224 مسافرين على متنها، وفي هذا الأسبوع كانت طائرة قتالية بطاقمها تم إسقاطها من قبل الأتراك.

التدخل العسكري الروسي في سوريا يهدف إلى تحقيق أمرين: الأول، ضرب أوباما والإثبات للعالم أن «بوتين» هو الرئيس. والثاني هو إنقاذ «بشار الأسد» وضرب المعارضين المعتدلين في غرب سوريا الذين يغلقون على نظامه. لذلك تم توجيه القنابل الروسية الكثيفة نحو المعارضين المعتدلين في غرب الدولة ولم توجه تقريبا ضد داعش الموجود في غرب سوريا. فداعش أقل تهديدا على «بشار الأسد». بل العكس، «بشار» و«بوتين» يحتاجان لـ«داعش» من أجل استمرار حرب البقاء التي يديرها «بشار» ضد معارضيه المعتدلين في غرب الدولة.

العمليات في باريس قبل أسبوعين كانت في صالح «بوتين» وقد حولته الى بطل في لحظة. أمام «أوباما» المهزوم الذي يريد فقط العودة إلى البيت بسلام وعدم فعل أي شيء، وأيضا أمام الرئيس الفرنسي «أولاند» الذي يلقي الخطابات بشكل جيد لكنه لا يقدر على العمل ضد الإرهاب. أما «بوتين» فقد ظهر أنه صاحب موقف سياسي واضح حول كيفية حل الازمة السورية، وبذلك فهو ينقذ أوروبا من موجة العمليات الارهابية، وأيضا من تدفق اللاجئين. حل «بوتين» هو تعزيز بشار «الأسد» وهزيمة معارضيه على أمل أنه، أي «بشار الأسد»، ستكون له القوة الكافية في المستقبل للقضاء على «داعش».

يوجد لقادة أوروبا والولايات المتحدة سهولة في الوقوع في سحر «بوتين»، ولديه سوابق، وهو يستطيع فعل ما لا يستطيعون أو لا يريدون فعله وهو إرسال قوات إلى الميدان. واذا استدعى ذلك تطهير «بشار» الذي قام بمذبحة ضد شعبه، فالحديث هو عن أقل المساويء. وفي نهاية المطاف، «بشار» قتل آلاف السوريين بواسطة الغاز باسم فكرة التنور والعلمانية، وهو يكتفي بقتل أبناء شعبه ولا يريد إلحاق الضرر بأوروبا.

لكن مشكلة «بوتين» لم تكن أبدا «أوباما» أو أوروبا. حيث لا يراهم. المشكلة هي المعارضين والمؤيدين لهم في الميدان. يكتشف «بوتين» أن للقوة الروسية قيود. وهو لا يحسب حساب لـ(إسرائيل) ويقوم بإرسال طائراته للقصف على بعد مئات الأمتار من الحدود الاسرائيلية السورية في هضبة الجولان. لكن «أردوغان» التركي يجب أن يحسب حسابه. إضافة إلى ذلك فان القصف والصواريخ البالستية التي يطلقها الروس على سوريا تظهر بشكل جيد على شاشات التلفاز، لكن تأثيرها الميداني محدود ولا سيما أمام المعارضين الذين ليسوا جيشا حقيقيا.

نظام الشر في دمشق مدعوم حتى الآن بقوات إيرانية ومقاتلين من حزب الله وبغطاء جوي روسي، وقد نجحوا في السيطرة على عدد من المدن والقرى في شمال الدولة، وحلفاءهم من طهران وبيروت وموسكو يقاتلون من أجلهم. لكن هذا لا يعني أنه حدث تغير حقيقي في وضع الدولة. الحرب في سوريا ستستمر ومعها سفك دماء الروس. في أفغانستان ايضا بدأ التدخل الروسي بتأييد واسع من الرأي العام في الدولة، لكن ليتذكر الجميع ماذا كانت النهاية، إلا أنه يبدو أن «بوتين» نفسه قد نسي.

بالنسبة لـ(إسرائيل) يجب التصرف الآن بحذر على هذه الجبهة. الدب الروسي مصاب لذلك قد يضرب بدون مراعاة قيود معينة. في وضع كهذا فإن خطورة الاحتكاك مع (إسرائيل) في الحدود مع الجولان أو في سماء سوريا، كبيرة. وهذا ليس مصلحة إسرائيلية، أن تجد نفسها في مقدمة المسرح وتتعرض لنتائج الغضب الروسي.

  كلمات مفتاحية

(إسرائيل) تركيا أردوغان روسيا إسقاط الطائرة الروسية داعش التدخل العسكري الروسي أوباما بوتين

«أردوغان»: روسيا وإيران لا تحاربان «الدولة الإسلامية»

«ستراتفور»: هل يمكن لروسيا أن توظف التجارة والاقتصاد ضد تركيا؟

منع الحرب العالمية الثالثة في سوريا بين روسيا وتركيا

العرب وروسيا .. مواجهة حتمية في سوريا

«ستراتفور»: إيران وروسيا لا تحملان نفس الالتزام تجاه «الأسد»

«الراشد»: موقف الخليج المحايد تجاه تركيا يعني التفريط في سوريا

«أردوغان» يرفض مزاعم «بوتين»: لسنا عديمي الكرامة لنتعامل مع منظمات إرهابية