عندما قامت تركيا بإسقاط المقاتلة الروسية «سو 24» في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن تداعيات الحادث لم تقتصر على تعكير العلاقات بين موسكو وأنقرة، ولكنها قد أعطت روسيا سببا من أجل تعزيز قدرات الدفاع الجوي الخاصة بها في سوريا.
قبل وقوع الحادث، كان الغطاء الجوي الروسي في سوريا يقتصر على 4 وحدات من الطائرات متعددة المهام سو - 30 والتي ظهرت بوضوح في وضع الاستعداد في الممرات الخاصة بها، وفق ما أوضحته صور الأقمار الصناعية. بعد أسبوع من إسقاط المقاتلة الروسية على الحدود السورية، تم رصد قاذفات «سو -34 » الأكثر تطورا في سوريا وهي تحمل صواريخ جو جو من طراز «آر -27». كما سارعت روسيا في نشر أنظمة الصواريخ المتطورة أرض جو في سوريا بما في ذلك نظم «بوك»، إضافة إلى نظام الصواريخ بعيدة المدى وعالية القدرة من طراز «إس - 400». يمكن رؤية مركبات إطلاق أنظمة «إس - 400» بوضوح في قاعدة باسل الأسد الجوية قرب اللاذقية.
وقد عززت روسيا دفاعاتها الجوية لمنع الدول الأخرى من دخول الصراع السوري.
هناك تقارير متزايدة تشير إلى أن تركيا قد تفكر في التدخل العسكري المباشر في سوريا. حتى بعض الدول العربية، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، قد أدلت ببيانات حول إمكانية إرسال قوات إلى سوريا. ونتيجة لذلك، في منتصف شهر يناير/كانون الثاني، أوردت تقارير أن روسيا قد قامت بتفعيل أنظمة «إيه - 50» المحمولة جوا للإنذار المبكر، والتي توفر وعيا ميدانيا أفضل وتعزز من استجابتها الجوية في جميع أنحاء البلاد. خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وصلت 4 طائرات من طراز «سو - 35» أيضا في سوريا، وبدأت تسيير دوريات جوية قتالية. وأخيرا، فقد تم تشييد أنظمة «بانتسير إس 2» التي تجمع بين الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات. وقد رصدت وسائل الإعلام الروسية وصول هذه المنظومة إلى قاعدة «باسل الأسد» الجوية حيث من المرجح أن تستكمل أو تحل محل أنظمة «بانتسير إس1» التي كانت الحملة تعتمد عليها في وقت سابق.
مع هذا التواجد المكثف، سوف تكون روسيا قادرة على عرقلة جهود الحرب التي يقوم بها أولئك المعارضون للرئيس السوري «بشار الأسد».
لا يزال من الممكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها شن الضربات الجوية ضد «الدولة الإسلامية»، ولكن احتمال تغير أهدافها لتشمل القوات الموالية للنظام التي تتقدم تجاه مواقع المتمردين قد تمت إعاقتها بشكل كبير بفعل الدعم الجوي الروسي النشط.
تركيا والمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، في إطار مساعيهما للإطاحة بالرئيس السوري «بشار الأسد»، سوف تصطدمان بالدفاعات الروسية الكبيرة في حال أقدمتا على تقديم الدعم للمعارضة باستخدام أصولهما الجوية الخاصة. سوف تكون الولايات المتحدة أقل عرضة لتصعيد التوتر مع روسيا، وسوف تجنح إلى التركيز على القتال ضد «الدولة الإسلامية» في الوقت الذي لن يكون لديها فيه أي رغبة في خوض مواجهة جوية مع روسيا في سماء سوريا.