الرياض وأنقرة تواجهان طهران وموسكو لتحديد مصير «الأسد»

الاثنين 15 فبراير 2016 05:02 ص

شهدت الساعات القليلة الماضية تسارعا كبيرا على مستوى الأحداث في سوريا، وما يحيط بالتدخل السعودي – التركي هناك، لا سيما بعد إرسال السعودية وقطر والإمارات مقاتلات إلى قاعدة إنجرليك التركية.

وتحولت التساؤلات من التركيز على إمكانية هذا التدخل إلى مناقشة حدوده وتداعياته، وبدأت القوات التركية بالفعل، أول من أمس السبت، هجماتها داخل الأراضي السورية ضد قوات حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الفرع السوري للعمال الكردستاني)، ووحدات «حماية الشعب» الكردية التابعة له في مناطق شمال غربي سوريا.

في غضون ذلك، أرسلت كل من السعودية، والإمارات، وقطر، مقاتلات جوية إلى قاعدة إنجرليك الجوية التركية، وسط أنباء عن تأسيس قيادة عمليات عسكرية سعودية ـ تركية مشتركة، وتكهنات حول عزم الرياض إرسال قوات برية إلى تركيا فور انتهاء مناورات «رعد الشمال» التي تشهدها المملكة هذه الأيام.

رحيل «الأسد»... الثابت السعودي

وفي ظل هذه التطورات، شدّد وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، أمس الأحد، على ثوابت السياسة السعودية تجاه سوريا، والتي تتمحور حول رحيل «بشار الأسد»، كخطوة رئيسية في سبيل محاربة الإرهاب هناك.

ودأب وزير الخارجية السعودي على الربط ما بين استمرار «الأسد» بالحكم في دمشق، وتدفق المسلحين إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، باعتبار أن الأول «مغناطيس للإرهابيين»، على حدّ تعبير «الجبير»، وذلك يعني أنّ محاربة الإرهاب لا تنفصل عن مواجهة رئيس النظام السوري، بحسب تحليل للكاتب «بدر الراشد» في صحيفة «العربي الجديد».

رحيل «الأسد» وتمسك السعودية بمبادئ محادثات جنيف 1 كانا أهم النقاط التي ركّز عليها «الجبير» في مؤتمره الصحفي مع نظيره السويسري، «ديدييه بوركهالتر»، في الرياض، أمس.

كل هذه الخطوات والمؤشرات تصب باتجاه التأكيد على أن المعركة ضد الإرهاب في سوريا، والتي تعتزم السعودية خوضها بالتنسيق مع تركيا، تحت مظلة التحالف الدولي، ستكون خطوة في إعادة صياغة الأوضاع السياسية في دمشق ضد الهوى الروسي ـ الإيراني، خصوصا مع ربط الرياض ما بين الإرهاب ونظام «الأسد»، وما بين الفوضى في المنطقة والتدخلات الإيرانية.

وشدّد وزير الخارجية السعودي على أن قرار نشر قوات سعودية خاصة في سوريا «مرتبط بالقتال بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة»، مؤكدا أن إرسال مقاتلات سعودية إلى تركيا جزء من هذه الحملة.

وحاول «الجبير» التقليل من أهمية اعتبار التدخل السعودي في سوريا تصعيداً ضد موسكو، بالقول إنّ «التحالف بدأ عملياته عام 2014، والسعودية شاركت منذ البداية في هذا التحالف ضد الإرهاب»، في محاولة لتطبيع الخطوات التركية ـ السعودية، والتي لا يمكن اعتبارها عادية.

وفي ظلّ تكهنات باحتمال بدء عمليات برية في سوريا بعد الانتهاء من مناورات «رعد الشمال»، والتي تبدأ في غضون ساعات، بحسب إعلان الرياض، أمس الأحد، أشار «الجبير» إلى أنّ «توقيت بدء العمليات أو إرسال قوات برية سعودية مرتبط بعمليات التحالف الدولي».

ويعتبر الوزير السعودي ‏أنّ النظام السوري غير جاد في المفاوضات السياسية، مؤكداً أنه لو أنّ النظام كان جاداً، فعليه إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، مشيراً إلى أن «عدم جدية الأسد وحلفائه تترجم عبر استمرار عملياتهم العسكرية».

محاولات أمريكية للتهدئة

ويأتي كلام «الجبير» عن أن إرسال قوات برية إلى سوريا هي فكرة أمريكية، وتأكيده على أن قيادة العمليات ستكون أمريكية ضمن التحالف الدولي، لإحراج واشنطن ومحاولة الضغط باتجاه مواقف أكثر جذرية من الولايات المتحدة تجاه الصراع في المنطقة، ولا سيما أنّ كل المؤشرات تؤكد على محاولات واشنطن تجنب صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه مع موسكو.

وأكّد الرئيس الأمريكي، «باراك أوباما»، في اتصال هاتفي، أجراه أمس الأحد، مع نظيره الروسي، «فلاديمير بوتين»، على أهمية دعم وقف إطلاق النار في سوريا، والتأكيد على تعاون البلدين في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».

ويأتي ذلك، مع انتقاد واشنطن العمليات التركية في سوريا، مطالبة القوات التركية بوقف إطلاق النار، لكن الأخيرة تجاهلت النداءات الأمريكية حتى اللحظة.

ويتناقض ذلك، في ظلّ معلومات تشير إلى انضمام حلف شمال الأطلسي إلى التحالف الدولي ضد «الدولة الإسلامية»، وطلب الولايات المتحدة من دول الأطلسي إرسال طائرات أواكس إلى تركيا.

هنا تجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من طائرات الرصد والمتابعة ليس ضرورياً لمحاربة «الدولة الإسلامية»، لكنها ستكون رئيسية في أي مواجهة مع موسكو في سوريا.

ويبدو واضحاً أن الولايات المتحدة التي رفعت راية «محاربة الإرهاب» مبكراً، وضغطت على الدول العربية والإسلامية لمشاركتها، باتت اليوم محرجة من حلفائها في السعودية وتركيا، اللتين باتتا تضغطان بدورهما باتجاه مكافحة الإرهاب، وفق ما تعتبرانه مصلحة المنطقة من خلال إيجاد تسوية في سورية تتضمن رحيل «الأسد»، وانحسار النفوذ الإيراني في المنطقة.

لذا، بادرت كل من الرياض وأنقرة، وبشكل واضح، إلى تحدي الإرادتين الأمريكية والروسية، في إبقاء الحلّ في سوريا مرهوناً بموسكو، وعبر بوابتها حصراً، الأمر الذي لم تتحداه واشنطن، بل حاولت استثماره.

في هذا السياق، يبدو التحول السعودي من التأكيد على تغيير النظام في دمشق بصورة مستقلة، إلى الحديث عن رحيل «الأسد» ضمن الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، يأتي للضغط أكثر على الحلفاء الدوليين من جهة، وإضفاء مبررات أقوى على تحركاتها في الساحة السورية، من جهة أخرى.

فمن الصعب تغطية تدخل سعودي ـ تركي بري من أجل إسقاط النظام السوري، لكن هذا التدخل سيكون منطقياً أكثر على المستوى الدولي، عندما يأتي تحت لافتة محاربة الإرهاب.

رد الفعل الإيراني

وتواصل إيران تأكيداتها على أنّ السعودية لن تقوم بأي شيء في سوريا، باعتبار تأكيدات الرياض عن قرب إرسالها قوات برية خاصة ضمن التحالف الدولي، مجرد عملية نفسية ودعائية، كما أكد، أمس، مستشار المرشد الأعلى في الحرس الثوري، «يد الله جواني»، واعتبر الأخير أن موقف إيران من سوريا ثابت ولن يتغير تحت أي ظرف، مستبعداً تدخل الرياض في سوريا.

تأكيدات المسؤولين الإيرانيين الذين قاموا أخيراً بإخلاء مقاعدهم الأمامية في الدفاع عن «الأسد» لصالح الروس، تأتي في ظل رفض السعودية لعرض سويسري بالتوسط بين الرياض وطهران، وإعلان «الجبير أنّ «سويسرا ستقوم برعاية المصالح السعودية في إيران».

هذه الخطوة، قرأها مراقبون على أنّه «لا نيّة لدى الرياض لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران على المدى المنظور».

المصدر | الخليج الجديد+ العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا إيران روسيا رحيل الأسد مناورات رعد التدخل السعودي التركي

حسابات المخاطر والتحديات: آفاق التدخل العسكري التركي في شمال سوريا

«بروكنغز»: هل يمكن للولايات المتحدة وأوروبا ترويض الجموح الروسي في حلب؟

«مركز بلفور»: هل يمكن للسعودية هزيمة «الدولة الإسلامية» في سوريا؟

هل المملكة العربية السعودية مستعدة حقا للقتال في سوريا؟

«ستراتفور»: روسيا تعزز دفاعاتها الجوية في سوريا وتصعب المهمة السعودية التركية

صحيفة: طهران تخطط لشراء أسلحة روسية بـ8 مليارات دولار

وزير الخارجية العماني يلتقي نظيره الإيراني لبحث الأزمة السورية

الحل السوري المؤجل: موسكو وواشنطن تضغطان على «الأسد» والمعارضة