«بروكنغز»: هل يمكن للولايات المتحدة وأوروبا ترويض الجموح الروسي في حلب؟

السبت 13 فبراير 2016 10:02 ص

تواجه الولايات المتحدة معضلة في حلب. القوات الروسية، الذي وجدت الفرصة سانحة لهزيمة قوات المعارضة، تقوم بقصف حلب من الجو وعبر المدفعية. وتبدو المدينة قريبة من التطويق والحصار. وهناك أكثر من 70 ألفا من سكانها قد غادروا بالفعل لتتفاقم بذلك أزمة اللاجئين التي تهدد الاستقرار ليس فقط في المنطقة فحسب ولكن أيضا في أوروبا.

وقد أدانت واشنطن تصرفات روسيا ولكنها لا تملك أي تصور عن كيفية وقفها. وقد دعا بعض الخبراء إلى إقامة منطقة حظر للطيران واتخاذ إجراءات لوقف القصف. ويرى النقاد أن هذا قد يعني إسقاط الطائرات الروسية أو قتل القوات الروسية، وهو أمر من شأنه أن يزيد من خطر نشوب حرب بين قوتين مسلحتين نوويا. وهم يتوقعون أيضا أن روسيا سوف تقوم بالرد مباشرة على أي تصعيد ضدها.

من ناحية أخرى، فإن الاعتماد فقط على الخطابة والدعوة للمفاوضات يعطيان «بوتين» و«الأسد» مطلق الحرية لفعل ما يحلو لهم. وقد ثبت أن تنبؤ الإدارة بأن التدخل الروسي سوف يفشل أو يكون غير فعال هو أمر بعيد بشكل كبير عن الحقيقة. لا يوجد لدى موسكو أي حوافز لتغيير مسارها، ومن الممكن أن تصير حلب بسهولة «سربرنيتشا» جديدة في سوريا.

من أجل إقناع الروس، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى وسيلة لتوليد ضغط حقيقي على «بوتين» بدون قتال القوات الروسية. وإليكم مقترحا بطريقة ممكنة.

يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يقوما بربط العقوبات المالية على روسيا بأنشطتها في سوريا. حتى الآن، كانت عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي متعلقة فقط بإجراءات روسيا في أوكرانيا وعدم امتثالها لاتفاقية «مينسك». عندما تدخلت روسيا في سوريا، فقد كان تدخلها تحت راية القتال ضد «الدولة الإسلامية». عندما قامت باستهداف جماعات أخرى بدلا من ذلك، فقد صارت بذلك واحدة من الأطراف المتعددة للنزاع ضمن الحرب الأهلية السورية. ولكن، الآن، وبعد عبرت روسيا الخط الأحمر باستهداف المدنيين، فإن القناع ينبغي أن يكون قد انكشف تماما.

هناك حجة مقنعة للعمل. لا يوجد فارق أخلاقي بين ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وهجومها على مدينة حلب. إذا كان هناك فارق، فمن المؤكد أن الهجوم على حلب سوف يكون هو التصرف الأسوأ. من الناحية الاستراتيجية، فإن كليهما يمثل تهديدا مباشرا لنظام الأمن الأوروبي. قامت القرم بكسر الحواجز في مواجهة التوسع الإقليمي بينما تهدد حلب بتفاقم أزمة اللاجئين التي تختبر المؤسسات الأوربية والحكومات إلى أقصى حدودها. لا بد للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة التمسك بمسؤولية الحماية، والتي تفرض على المجتمع الدولي حماية المدنيين إذا كانت حكومتهم غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك.

يمكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يقوما بتوجيه إنذار إلى روسيا و«الأسد» بالتوقف والكف قبل تاريخ معين أو مواجهة عقوبات إضافية. سوف يمثل ربط العقوبات بتصرفات روسيا في سوريا انتكاسة كبيرة لـ«فلاديمير بوتين»، الذي يعول على قيام أووربا برفع العقوبات المتعلقة بأوكرانيا خلال هذا الصيف. وهذا يجب ألا يحدث حتى تقوم روسيا بتغيير سلوكها في كل من أوكرانيا وسوريا.

يمكن لـ«بوتين» تجنب فرض عقوبات جديدة فقط من خلال السماح بتدفق المساعدات إلى حلب ووقف الهجوم. يمكن لهذا التأثير أيضا أن يوفر بعض المساحة السياسية التي تشتد الحاجة إليها من أجل المفاوضات كما أنه قد يشجع روسيا أيضا من أجل مرة أخرى في الاقتراحات التي تنطوي على تقاسم السلطة أو الاتحادات الكونفيدرالية في سوريا.

إذا لم تمتثل روسيا، يمكن ساعتها للولايات المتحدة والاتحاد الأوربي النظر في زيادة العقوبات التي لا تزال في مكانها. كما يمكن وضع مسألة مشاركة روسيا في نظام الدفع «سويفت»، الذي يعتمد عليه نظامها المصرفي، على الطاولة أيضا. استخدمت عقوبات «سويفت» بشكل صحيح في التصعيد بخصوص مسألة أوكرانيا وسوف يكون هناك مبرر لاستخدامها مرة أخرى لمنع أعمال القتل الجماعي والتطهير العرقي في حلب.

أعضاء الاتحاد الأوروبي لديهم مشاعر مختلطة حول فرض عقوبات على روسيا لكن أزمة اللاجئين تشكل تهديدا وجوديا أكثر إلحاحا بالنسبة إلى الاتحاد الأوربي أكثر من الغزو الروسي لأوكرانيا. الحكومات الأوروبية في حاجة ماسة لوقف تدفق اللاجئين وأي مبادرة من هذا القبيل يجب أن تبدأ بالحد من هجمات «الأسد»، الذي يمثل المحرك الرئيسي للأزمة. للقيام بذلك، تحتاج أوروبا أيضا إلى الضغط على روسيا.

سوف تكون للعقوبات أيضا ميزة حاسمة وهي كونها مقبولة سياسيا من طرف الرئيس الأمريكي «باراك أوباما». وقد سبق لـ«أوباما» أن أعلن أنه لن يسمح بأي عمل عسكري يورط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع «الأسد» وحلفائه. لكنه سبق أن دعم بالفعل عقوبات على روسيا وإيران وغيرها من الدول. ومثل هذا النفوذ هو عنصر ضروري من أجل أي استراتيجية دبلوماسية فعالة. القوة المالية هي الأداة المفضلة لـ«أوباما» وقد حان الوقت لاستخدامها مرة أخرى.

المصدر | بروكنغز

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا حلب بشار الأسد الولايات المتحدة الدولة الإسلامية التدخل الروسي العسكري

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

خدعة «بوتين»: كيف تم استخدام جنيف كغطاء سياسي للحل العسكري الروسي في سوريا؟

«الصبر الاستراتيجي»: لا تطاردوا «بوتين» في سوريا .. دعوه يفشل من تلقاء نفسه

التدخل الروسي في سوريا (2-2): التداعيات العسكرية

«بروكنغز»: كيف ترتكب كل من روسيا والولايات المتحدة نفس الأخطاء في سوريا؟

وول ستريت جورنال: العملية الروسية بسوريا تؤدي لتقسيم الشرق الأوسط الأمريكي

التآمر الأميركي على الشعب السوري

واشنطن تدعو أنقرة لوقف قصف الأكراد والنظام في شمال سوريا

الرياض وأنقرة تواجهان طهران وموسكو لتحديد مصير «الأسد»

«الجيش الحر» يدعو السعودية وقطر وتركيا للتدخل السريع لمواجهة تقسيم سوريا

الوطن العربي يحترق والخلق يتفرجون

رويترز: تقدم الأكراد في سوريا يفرق بين أمريكا وتركيا

«داود أوغلو» يتهم روسيا مجددا بتنفيذ تطهير عرقي في حلب

مستشارة «الأسد» تقر بتعاون جيش النظام مع «وحدات حماية الشعب الكردية»

نظام «الأسد» يخسر طريق الإمداد الوحيد لقواته إلى حلب

قوات «الأسد» تستعيد السيطرة على بلدة خناصر على الطريق بين حلب وحماة