«مركز بلفور»: هل يمكن للسعودية هزيمة «الدولة الإسلامية» في سوريا؟

السبت 13 فبراير 2016 08:02 ص

كان هذا الأسبوع حافلا بالمؤشرات التي تقود إلى أن سوريا تتجه نحو المزيد من الانقسام والمعاناة، وأن البشر الذين يعانون بالفعل في طريقهم نحو مكابدة المزيد من البؤس، بسبب تصرفات السوريين فضلا عن القوى الأجنبية، وسط خطى شديدة البطء بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار والانتقال السياسي في المستقبل. وقد كانت العلامة الأكثر إثارة للاهتمام من بين جملة التطورات التي شهدها الوضع السوري هي إعلان المملكة العربية السعودية بشكل رسمي أنها على استعداد لتوفير قوات برية من أجل محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا في حال وافقت الدول المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة التنظيم، خلال اجتماعهم في بروكسل هذا الشهر، على تنسيق استراتيجية برية وجوية.

وتثير احتمالية وقوع تحرك عسكري سعودي على الأرض في سوريا فضولا مضاعفا لأنها تأتي في وقت سبق فيه أن قامت الولايات المتحدة بزيادة أعداد قوات العمليات الخاصة التي تعمل في مهام مواجهة التنظيم في العراق (وربما أيضا في سوريا) في حين تشير بعض الدلائل على أن تركيا ربما تستعد لإجراء بعض العمليات البرية في شمال سوريا. سوف يكون وجود قوات برية أجنبية تقاتل داخل سوريا تطورا في غاية الأهمية في المعركة ضد «الدولة الإسلامية». ولكنه رغم ذلك يثير جملة من التساؤلات الهامة حول عواقب مثل هذه الخطوة، وهو نوع من التساؤلات التي عادة لا يتم توجيهها أو الإجابة عليها من قبل أي حكومة قبل أن تقوم بعمل عسكري داخل دولة عربية.

العمليات البرية المحتملة للمملكة العربية السعودية في سوريا سوف تكون أمرا مهما إذا كانت تعكس رغبة حقيقية بين القوى الإقليمية الرئيسية للقيام بما هو مطلوب لتفريق القاعدة الإقليمية للدولة الإسلامية في شمال سوريا والعراق. كل سياسي أو عسكري يقوم بالتعليق على التحدي الذي تمثله هزيمة «الدولة الإسلامية» يلاحظ بشكل صحيح أن القوة الجوية وحدها لن تكون كافية للقيام بهذه المهمة، وهو ما أثبتته مجريات الأشهر الـ19 الماضية. تواصل «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة توسيع نطاقاتهما الإقليمية في دول أخرى بالتوازي مع الهجمات العسكرية التي تقوم الولايات المتحدة بشنها ضدهم. أظهرت تجارب الأشهر الماضية أنه حين تتم مهاجمة التنظيم بالقوات البرية المصحوبة بالهجمات الجوية، فإنه يكون بالإمكان هزيمته وإجباره على التراجع، كما تؤكد نصف دزينة من هذه الحالات في سوريا والعراق.

وبالتالي فإن احتمال تدخل القوات السعودية في سورية يشير إلى أحد ثلاثة أمور هامة: احتمال وجود استراتيجية عسكرية دولية موحدة حقا ومنسقة لهزيمة «الدولة الإسلامية» باستخدام جميع الوسائل المتاحة أو أنه يعكس رغبة القوى الإقليمية العربية والقوى الأخرى بالقتال على الأرض في هذه المعركة، مع احتمال انضمام دول عربية أخرى إلى أي قوة متعددة الجنسيات تضم القوات السعودية.

ومع ذلك، فإنه لم يتضح بعد إذا ما كان هذا التحرك السعودي سوف ينتج عنه تفعيل تلك القوة الإسلامية متعددة الجنسيات، «التحالف الإسلامي»، التي تم الإعلان عنها قبل ثلاثة أشهر والتي تتمثل مهمتها في محاربة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط. لا يبدو أنه قد تم في أعقاب الإعلان عن هذه القوة اتخاذ أي تدابير عملية من أجل إنشائها شأنها شأن القوة العربية المشتركة التي تم الإعلان عنها من قبل جامعة الدولة العربية بقيادة مصرية قبل عام تقريبا، وهي القوة التي كان من المفترض أن تضطلع بمهام مماثلة.

القوات الخارجية السعودية والتركية والأميركية، أو غيرها في سوريا ينبغي أن تكون بمثابة جرس إنذار. وأيا كان الدافع أو سياقه، يجب أن ينظر إلى أي عمليات برية السعودي داخل سوريا في ضوء الأشهر التسعة الأخيرة من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. وصلت تلك الحرب إلى نوع من الجمود حيث لم يتمكن أي طرف من تحقيق النصر بشكل واضح أو حتى الهزيمة بشكل واضح. كل ما هنالك أن كلا الطرفين يواصلان الادعاء بأنهما يقاتلان من أجل حماية مصالحهم وفرض مبادئهم. لقد عانى الشعب اليمني بقوة، ومعظمهم من هم على قيد الحياة اليوم يعيشون على مساعدات جهود الإغاثة الدولية. ومن المرجح أن يتم بذل جهود جادة الآن لإيجاد حل دبلوماسي لإنهاء حرب اليمن على نحو يتيح لجميع الأطراف المعنية العودة إلى طاولة المفاوضات للاتفاق على آلية واقعية لحكم اليمن.

التدخل العربي بقيادة السعودية من أجل مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا قد يكون له عواقب إيجابية إذا تم تشكيله بطريقة واقعية وناضجة تعالج بدقة أسباب الأخطار التي نواجهها في هذه المنطقة، وتقترح الحلول التي تعطينا الأمل في أن العالم العربي قد يتطلع إلى عهد جديد من الاستقرار والنمو والعدالة والإنصاف في حياة جميع المواطنين. نادرا ما يتم تطبيق هذا النهج المنطقي في الحروب داخل الدول العربية، سواء التي تشنها السلطات المحلية أو الأجنبية. أي تدخل عسكري جديد داخل سوريا أو العراق ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار الإرث الصعب من الفوضى بعد الحرب والتشرذم الوطني في نصف دزينة من الدول العربية هي سوريا، الصومال، العراق، ليبيا، واليمن، حيث تفتح الحروب الباب للمتشددين و الإرهابيين لإنشاء أفرع لهم والتوسع منها في جميع أنحاء المنطقة.

لا غني عن الحرب من أجل هزيمة «الدولة الإسلامية». ولكن ينبغي التخطيط لمثل هذه الحرب بذكاء بحيث تتم إزالة التهديد المباشر لكن مع توفير حزمة من الحلول والأفكار الواقعية ما بعد الحرب لتحقيق الاستقرار في سوريا، وفعل ما لم تفعله أي قوة عربية أو أجنبية تدخلت بشكل فاعل في المنطقة من قبل: وهو المعالجة الجدية للدوافع الكامنة راء التشدد والتطرف الفكري والإرهاب، والتي تكمن أساسا في استبداد الدولة والفساد وعدم التكافؤ ووحشية الدولة البوليسية، والغزوات المنتظمة من قبل الجيوش الأجنبية.
 

المصدر | مركز بلفور للشؤون الدولية - جامعة هارفارد

  كلمات مفتاحية

السعودية سوريا الدولة الإسلامية التحالف الدولي التحالف الإسلامي

«عسيري»: انطلاقة التحالف الاسلامي خلال شهرين والتدخل البري في سوريا لا رجعة فيه

«الجبير» عقب لقاء «كيري»: نجدد استعدادنا للمشاركة بقوات برية في سوريا

«غارديان»: السعودية قد تنشر الآلاف من القوات الخاصة في سوريا بالتنسيق مع تركيا

أمريكا ترحب بعرض سعودي للتدخل بريا في سوريا وتناقشه في بروكسل الأسبوع المقبل

«عسيري»: السعودية مستعدة للمشاركة في أي عمليات برية في سوريا

الرياض وأنقرة تواجهان طهران وموسكو لتحديد مصير «الأسد»

خطة تقسيم سوريا .. ماذا بعد أن ينهار وقف إطلاق النار؟