نظرة في جذور الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران

الجمعة 20 نوفمبر 2015 12:11 ص

دعوة إيران إلى الجولة القادمة لمحادثة فيينا حول الأزمة السورية، وهي الدعوة الثانية بعد جولة الأسبوع الماضي، هي حدث فريد من نوعه، له آثار بعيدة المدى، في الواقع، فإن الحكومة الإيرانية الحالية تحاول قلب موازين القوى التي ظلت قائمة لأكثر من 1400 عام. ويبدو أن المملكة العربية السعودية، مهد العالم الإسلامي لن تسمح بحدوث ذلك.

الفجوة بين إيران والمملكة العربية السعودية، أبرز القوى الشيعية والسنية في المنطقة، لها جذور عميقة. إذا أردنا أن نفهم حقيقة ما يحدث في الشرق الأوسط اليوم، وليس فقط في سوريا، لا بد من النظر في جذور الانقسام السني الشيعي والانقسام العربي الفارسي والصراعات الماضية على الحكم في الإسلام.

تم تقسيم الإسلام بين السنة والشيعة في أعقاب وفاة النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم واختيار خليفته الجديد. معظم الأتباع صاروا يصنفون على أنهم من السنة، في حين أن مجموعة صغيرة، ستعرف في نهاية المطاف باسم الشيعة، كانت تصر على أن الخليفة الجديد يجب أن يكون أحد أقارب النبي المرتبطين معه بصلة الدم، وبالتالي قررت أن ابن عمه «علي بن أبي طالب»، الخليفة الرابع للمسلمين عند السنة، هو الأحق بشرعية خلافته. اليوم: 90% من جميع المسلمين هم من السنة، و 10% هم من الشيعة.

وبينما كان هذا الخلاف دائرا، جاء الفتح الإسلامي لبلاد فارس والذي بدأ عام 632 بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعام واحد. تم استنزاف الإمبراطورية الساسانية الفارسية ماليا وعسكريا من عقود من الحرب مع الإمبراطورية البيزنطية، قبل أن تعاني هزيمة حاسمة أمام المسلمين في معركة القادسية عام 636.

وفي العام التالي، كان الإمبراطور الفارسي «يزدجرد الثالث» قد هرب إلى حدود خراسان، وبدأ تعريب بلاد فارس مع دخول الفرس في الإسلام واتخاذهم لأسماء عربية. قبل عام 651، كانت جميع المراكز الحضرية الرئيسية تقريبا في بلاد فارس تحت السيطرة العربية.

كان التحول الجماعي من قبل الفرس إلى الإسلام هو الخطوة الأولى في تأسيس دولة الخلافة الأولى وهي ولاية سياسية دينية تضم جميع أراضي المسلمين . في أوقات مختلفة عبر التاريخ، امتد سلطان الخلافة في آسيا وإفريقيا وأجزاء من أوروبا. الجهد من قبل مختلف القوى التي تسعى للسيطرة على أو استعادة الخلافة هو موضوع متكرر طوال تاريخ الإسلام. وليست «الدولة الإسلامية» سوى أحد أمثلة وأشكال هذا الجهد.

حتى عام 1500، كان كل الفرس تقريبا من المسلمين السنة. ثم جاء الشاه «إسماعيل الصفوي» ليبدأ سياسة وحشية لإجبار المسلمين من الفرس على اعتناق المذهب الشيعي من أجل تمييز إمبراطوريته في بلاد فارس عن الخلافة العثمانية القوية التي يقع مقرها في القسطنطينية.

يفسر هذا السرد التاريخي ما تفعله إيران إلى اليوم. يمثل المسلمون الشيعة والإيرانيون أقلية داخل المجتمع الإسلامي اليوم، وهو واقع يتسبب في شعورهم بالاضطهاد. بدلا من قبول وضعهم كأقلية، حاولت الحكومات الإيرانية المختلفة تأسيس هيمنتها على العالم العربي.

بالطبع، إيران لا تمثل إلا أقلية صغيرة من المسلمين، كما أن الإيرانيون ليسوا عربا. ومن ثم لا توجد له صفة للسيادة على العالم العربي. ولكن هذا لم يمنع الحكومة الإيرانية من محاولة اغتصب الروافع الرئيسية للإسلام، سياسيا ودينيا. وذلك باستخدام المجتمعات الشيعية في الدول العربية، التي تحاول إيران بسط سيطرتها عليها، مع الهدف النهائي المتمثل في الاستيلاء على اثنين من أقدس المواقع الإسلامية، مكة والمدينة، والتي يمارس العاهل السعودي سيطرته عليها بصفته خادما للحرمين الشريفين.

بوصفها البلد الأكثر تأثيرا في العالم السني، فإن المملكة العربية السعودية تعلم أن عليها أن تفعل ما يلزم للحد من نفوذ إيران. في عام 2011، تدخل ائتلاف من دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية لتحييد التمرد الشيعي الذي ترعاه إيران في البحرين. هذا العام في اليمن (بلد غالبية سكانه من السنة)، تقود السعودية تحالفا عربيا في مواجهة المتمرين الحوثيين الزيديين من الشيعة، والذين حصلوا على السلاح من إيران من أجل السيطرة على البلاد والحصول على موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية.

في سوريا، وهي أيضا بلد تقطنه غالبية سنية وكانت مقرا لخلافة الأمويين السنية، أنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم نظام الرئيس «بشار الأسد»، التي يسيطر عليه أعضاء من الطائفة الشيعية العلوية (المعروفة تاريخيا باسم النصيرية).

الأعمال التي يقوم بها أنصار «الأسد» تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 270 ألف شخص، وتشريد أكثر من 7 ملايين شخص داخليا سوى 4 ملايين لاذوا بالفرار إلى الخارج. وتركت الحرب ما يقرب من 12 مليون في حاجة ماسة للمساعدة. وقد غذت هذه الحرب في الواقع تغذية صعود «الدولة الإسلامية»، ومعها التهديد المتزايد للنظام العالمي. كما أظهرت الهجمات الإرهابية المتتالية في شرم الشيخ وبيروت وباريس. ونظرا لهذا، فإن القيادة السعودية، وبغض النظر عما تحقق من نتائج مؤقتة خلال محادثات فيينا، ستواصل العمل بجد لضمان أن «الأسد» تم استبعاده من السلطة.

الإرهاب والحروب بالوكالة، شحنات الأسلحة، الطموحات النووية، هي حزب من استراتيجية إيران التي خبرها السعوديون بما فيه الكفاية. هذا هو السبب في أن الملك «سلمان» يشرف على صفقات الاستحواذ العسكري ويشرع في توسيع نشاطات المملكة العربية السعودية. المملكة العربية السعودية لن تتوقف حتى تتوقف إيران ووكلائها من الشيعة عن أوهامها الثورية وتبدأ في العمل من أجل إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم العربي الأوسع.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الصراع السني الشيعي الملك سلمان خامنئي العلاقات السعودية الإيرانية السنة الشيعة

«الجارديان»: السعودية وإيران تدشنان مستوى جديد من الخطاب العدائي

الإعلام السعودي يدخل المعركة مع إيران

6 خيارات عسكرية لإيران في مواجهة السعودية

السعودية وإيران: جغرافيا سياسية متقلبة من النفط والأقليات

هل ستقع حرب بين السعودية وإيران؟

السعودية ونداء اليقظة .. هل يمكن أن تنجح خطط التغيير في المملكة؟

أنباء عن مفاوضات سرية بين السعودية وإيران برعاية عمانية في مسقط