غطاء عربي إسرائيلي لانقلاب السودان؟

الجمعة 29 أكتوبر 2021 05:19 ص

غطاء عربي إسرائيلي لانقلاب السودان؟

كان الانقلاب خطة مدروسة تعاون على تنفيذها أطراف داخلية وقوى دولية وغطاء عربي إسرائيلي، لكنّ هذا كلّه لا يجعل النظام محصنا.

الأكثر استتارا في الانقلاب رغم أهميته كان الدور الإسرائيلي فيه، فقد ظهر منذ سقوط حكم عمر البشير وصعود ثنائي البرهان وحميدتي لقمة السلطة!

استمرار ضغوط القوى السياسية والشعبية على الانقلاب إذا ترافقت مع ضغوط دوليّة وازنة تغيّر موازين القوى على الأرض وتدفع العسكر لإعادة حساباتهم.

قوى إقليمية ودولية وفّرت الغطاء لذلك الانقلاب وتحاول، من وراء ستار تمكين حكم الانقلاب العسكري رغم ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من خراب للسودان وشعبه.

لم تقتصر عمليات البطش بالمتظاهرين على الأجهزة الأمنية وقوات حميدتي بل شاركت فيها أيضا عناصر من حركة تحرير السودان (جناح مني إركو مناوي).

اندفعت القيادة العسكرية بسرعة للاحتماء بالنفوذ الإسرائيلي عبر مبادرة البرهان بلقاء نتنياهو ثم بالزيارات السرية الأمنية المتكررة بين تل أبيب والخرطوم.

*     *     *

يواصل السودانيون احتجاجاتهم على الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر الماضي، عبر التظاهرات وقطع الطرق، وقد أدت أعمال القمع وإطلاق النار على المتظاهرين إلى مقتل سبعة منهم وأحد الجنود، كما وصلت جثث أخرى إلى المشافي.

تتزايد، من جهة أخرى، ضغوط دولية على قادة الانقلاب، والتي كان آخرها طلب مجلس الأمن الدولي، في بيان توافق عليه بالإجماع، من السلطات العسكرية إعادة الحكومة الانتقالية ذات القيادة المدنية، ودخول حوار دون شروط مسبقة، والإفراج الفوري عن جميع الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات العسكرية.

غير أن البحث وراء هذين المشهدين الواضحين يظهر عناصر أكثر تعقيدا، سواء في خلفيّة الجهات الداخلية التي شاركت في الانقلاب، أو في القوى الإقليمية أو الدولية التي وفّرت الغطاء لذلك الانقلاب، وتحاول، من وراء ستار، تمكين حكم الانقلاب العسكري رغم ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من خراب للسودان وشعبه.

على الجبهة الداخلية ذكرت تقارير سودانية، أن عمليات البطش التي تجري ضد المتظاهرين لم تقتصر على الأجهزة الأمنية و«قوات التدخل السريع» التي يرأسها الجنرال محمد حمدان دقلو «حميدتي» بل شاركت فيها أيضا عناصر من حركة «تحرير السودان» (جناح مني إركو مناوي) وأن شهود عيان أكدوا وجود مركبات للحركة ضمن قوات ضمت جنودا من الجيش و«الدعم السريع» شاركت في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

اللاعب الثاني المهم بعد حركة مناوي، التي عمّدت مشاركتها للعسكر بقمع الشعب الذي تريد تحريره، كان جبريل إبراهيم محمد، قائد «حركة العدل والمساواة» الذي كان الطرف الثاني العالي الصوت في تبرير الانقلاب ضد الحكومة المدنية رغم أنه كان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في حكومة حمدوك.

وواضح أنه كان لهذين الشخصين دورهما المهم في تنفيذ خطة البرهان وحميدتي للانقلاب عبر قيادة «اعتصام القصر» لتبرير ما سماه البرهان بـ«الخطر الداهم» و«الحرب الأهلية» التي قام بالانقلاب لمنعها!

تحدّثت صحف عالمية عديدة أيضا عن وجود غطاء إقليمي للانقلاب، فرأت «لوموند» الفرنسية أن الانقلاب يعد انتصارا لمصر، التي زارها البرهان قبل إطاحته بالسلطات الانتقالية في بلده، وأن القاهرة، بدعم من دول خليجية، أرادت إنهاء «المغامرة المدنية للانتقال الديمقراطي».

أما تأكيد صحيفة «واشنطن بوست» أن الانقلاب يمثل تحديا مباشرا للولايات المتحدة الأمريكية، فيؤشر إلى ظلال صراعات النفوذ بين الصين وروسيا، من جهة، وأمريكا، من جهة أخرى، على السودان.

الجانب الأكثر استتارا في موضوع الانقلاب، رغم أهميته، كان الدور الإسرائيلي فيه، فقد كان ظاهرا، منذ سقوط حكم عمر البشير، وصعود الثنائي، البرهان وحميدتي إلى قمة السلطة، أن خوف القيادة العسكرية من الحراك الشعبي، والقوى السياسية السودانية، وقلقها المتزايد من بنود «الوثيقة الدستورية» وإجراءاتها (وخصوصا منها ما يتعلق بإزالة التمكين، والتحقيق في مجزرة فض الاعتصام ونقل رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، والمحافظة على امتيازات مؤسسة الجيش و«الدعم السريع») جعلها تندفع بسرعة للاحتماء بالنفوذ الإسرائيلي، عبر مبادرة البرهان بلقاء بنيامين نتنياهو، ثم بالزيارات السرية الأمنية المتكررة بين تل أبيب والخرطوم.

كان الانقلاب خطة مدروسة تم التعاون على تنفيذها بين أطراف داخلية وقوى دولية وغطاء عربي إسرائيلي، لكنّ هذا كلّه لا يجعل النظام محصنا، فاستمرار ضغوط القوى السياسية والشعبية عليه، إذا ترافقت مع ضغوط دوليّة وازنة، يمكن أن تغيّر موازين القوى على الأرض وتدفع العسكر لإعادة حساباتهم مجددا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، الانقلاب العسكري، غطاء عربي إسرائيلي، احتجاجات، نتنياهو، البرهان، حميدتي، اعتصام القصر، الحرب الأهلية،

انقلاب السودان.. المهدي تستنكر الصمت المصري وتشيد بقطر والسعودية

صفقة أمريكية إماراتية مصرية لإقناع البرهان بإعادة حمدوك للسلطة.. ما المقابل؟

مسؤول أمريكي: نرفض تخفيف دين السودان مادام يحكمه العسكر

بن جاسم يتهم إسرائيل ودولة عربية بالتخطيط للأحداث في السودان