بعد السودان.. إيكونوميست: انقلابات أفريقيا أصبحت واقعا لا مفر منه وهذه أسبابها

الجمعة 29 أكتوبر 2021 12:56 م

"بعد السودان.. الانقلابات في أفريقيا باتت واقعا لا مفر منه في السياسة بالقارة السمراء".. بهذه الجملة صدرت مجلة "إيكونوميست" افتتاحيتها للتعليق على انقلاب السودان، الذي استولى بموجبه الجيش على السلطة واعتقل أعضاء بالحكومة المدنية، الإثنين الماضي.

ورأت المجلة أن صعود الجهادية والتنافس بين القوى العظمى يدفع باتجاه تغيير الأنطمة بالقوة في دول أفريقيا.

ومنحت سيطرة الجيش السوداني على السلطة صورة عن توجه مثير للقلق.

وقالت إن طريق السودان نحو الديمقراطية طالما كان مليئا بالألغام؛ فقد أصبح البلد مستقلا عام 1956، وفي الفترة بين عامي 1964 و1986 كانت هناك محاولات قصيرة للحكم الديمقراطي، وكلها حرقت برجال يحملون البنادق.

وفي عام 2019 وبعد 30 عاما من الحكم الديكتاتوري لـ"عمر البشير"، زادت الآمال بقدرة الاحتجاج السلمي على التخلص من الديكتاتور، وحنّ السودانيون لعودة الجيش إلى ثكناته.

لكن الجيش، بحسب وصف التقرير، كانت لديه فكرة جديدة؛ ففي  أبريل/نيسان، سيطر على السلطة مرة أخرى.

وبعد أسابيع أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين، وقتلت 100 شخص ورمت جثثهم في نهر النيل.

ولحل الأزمة، قام الوسطاء بالضغط على قادة الاحتجاج للتنازل والسماح للجيش بإدارة البلاد مدة عامين، مقابل وعد بتسليم السلطة للمدنيين والسماح بتنظيم انتخابات عام 2022.

لكن قادة الجيش قاموا في 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري ومع اقتراب موعد تسليم السلطة، بانقلاب عسكري.

وتقول المجلة إنه ربما كان قادة الجيش قلقين مما سيحمله لهم المستقبل بعد خروجهم من السلطة والتحقيق بدورهم في الحرب الأهلية بالسودان، بحسب ما ترجمته صحيفة "القدس العربي".

وعلى أي حال، فالسودان يعاني من ورطة، سواء خرج الجيش أم بقي في السلطة، بحسب التقرير.

وكان لدى المانحين الدوليين القدرة على تسهيل عملية التحول الديمقراطي في السودان بمساعدات أكثر وأسرع، ولكن الاقتصاد ظل ينكمش؛ مما غذى حس الأزمة التي استغلها الجيش.

وقبل أيام من الانقلاب، حذر الدبلوماسيون الأجانب، الجنرالات من أي محاولة انقلابية، وهو ما يعطي صورة بأنهم لم يتعاملوا بجدية مع التهديدات الغربية.

وتعلق المجلة أن الانقلابات في أفريقيا عادت؛ ففي العام الماضي رأينا انقلابات ناجحة في تشاد وغينيا ومالي (التي شهدت انقلابا ثانيا هذا العام) وانقلابا فاشلا في مدغشقر وآخر في جمهورية أفريقيا الوسطى، وهي تحركات سيئة مثلما كانت قبل عقود.

وتضيف: "لم تعد سياسة الاتحاد الأفريقي لا انقلابات التي تبناها في عام 2000، مهمة في الوقت الحالي".

ويرى التقرير أن هذه الانقلابات المتكررة في أفريقيا وراءها سببان؛ الأول هو انتشار الجهادية، ففي عام 2012 عندما سيطر العسكر على السلطة في مالي، علق الاتحاد الأفريقي عضويتها بشكل سريع، وقامت المنظمة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إكواس) بفرض عقوبات، وأوقفت الولايات المتحدة دعمها. لكن الجهاديين سيطروا على شمال البلاد.

ويبدو أن الاتحاد الأفريقي و”إكواس” تبنّيا سياسة تحذير الجنرالات علنا وتركهم في السلطة خشية أن يتأثر استقرار البلدان التي سيطروا عليها.

ولسوء الحظ، فالحكومة التي لا تخشى من المحاسبة تحكم بطريقة سيئة وتغذي الظروف التي تزدهر فيها الحركات الجهادية.

وعندما تفضل استقرارا قصيرا المدى على الديمقراطية، فإنك تنتهي خاسرا للإثنين.

أما التوجه الثاني، فهو التنافس على أفريقيا بين القوى الأجنبية، فقد حصلت الصين على أصدقاء كثر من خلال "سياسة عدم التدخل".

وتعزز روسيا من نفوذها عبر استئجار المرتزقة لحراسة الرؤساء وتدريب الجيوش.

وتعرف القوى الغربية أنها لو شجبت انقلابا أو انتخابات مزيفة أو هددت بعقوبات، فهي خاسرة للصين وروسيا اللتان يهرع سفراؤهما إلى القصور الرئاسية عارضين على ساكنيها الخدمات من الدعم والقروض.

وتعتقد المجلة أن بناء توازن بين القيم وسياسة الواقع، أمر صعب، مع أن هناك مبدأين يمكنهما المساعدة.

الأول هو فرض خطوط حمراء والالتزام بها، والتأكيد على أنه لن يتم التسامح مع الإبادة وانتهاك حقوق الإنسان وجرائم الحرب وستواجه بعقوبات، حتى لو أدت إلى قطع العلاقات.

أما الثاني، فهو عدم نسيان أن الأفارقة أنفسهم يريدون الديمقراطية أكثر من رغبة الغرب بتحققها، وعلى الغرب احترام هذه الرغبة، وكذا الدول الجارة للدول التي تحدث فيها انقلابات، والمشكلة أنه لو تم التسامح مع الانقلابات فسنرى مزيدا منها.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

انقلاب السودان انقلابات أفريقيا الاتحاد الأفريقي الجهادية

العسكر يحكم القبضة.. 10 انقلابات عسكرية في العقد الأخير

مظاهرات السودانيين تتواصل ودعوة لمليونية السبت بـ7 مطالب

مسؤول أمريكي: نرفض تخفيف دين السودان مادام يحكمه العسكر