تظاهر الآلاف من السودانيين في مختلف مدن البلاد، السبت، وخرجوا في مسيرات احتجاجية عرفت بـ"مليونية الغضب"، رفضا لما يعتبروه "انقلابا عسكريا" بعد إجراءات قائد الجيش "عبدالفتاح البرهان" بحل الحكومة وتشكيل مجلس سيادة جديد.
جاء ذلك وسط انتشار أمني كثيف وإغلاقات شملت 5 من الجسور الثمانية الرابطة بين مدن العاصمة الخرطوم.
واحتشد المحتجون في أحياء "الكلاكلة"، و"الشجرة"، و"العزوزاب"، و"جبرة" جنوبي الخرطوم، تمهيدا للتوجه إلى موكب شارع الستين، شرقي العاصمة.
وردد المتظاهرون هتافات أبرزها "الشعب يريد إسقاط البرهان"، و"مدنية خيار الشعب"، كما رفعوا لافتات مدون عليها عبارات "الشعب أقوى والردة مستحيلة"، و"حرية وسلام وعدالة".
ويطالب المحتجون بإنهاء كافة القرارات التي اتخذها "البرهان"، خلال الأسبوعين الماضيين، والتي شملت حل مجلسي السيادة والوزراء، وإعلان حالة الطوارئ، وتجميد بنود مهمة في الوثيقة الدستورية التي تنظم العلاقة بين المدنيين والعسكريين وتحكم الفترة الانتقالية التي دخل فيها السودان، عقب الإطاحة بنظام "عمر البشير"، عبر ثورة شعبية في أبريل/نيسان 2019.
مواكب جبرة تصل محطة 7.
— BLACKBOY سودانى (@blackboy) November 13, 2021
الهتاف
برهان مالو .. برهان وسخان
الجابو منو .. جابو الكيزان #مليونية13نوفمبر pic.twitter.com/vKd8JD5cTt
تحلف اول تحلف تاني يابرهان مابتحكم تاني ..🔥🔥#مليونية13نوفمبر pic.twitter.com/GZ7ynHI4Xj
— عماد احمد (@E_Ahmed86) November 13, 2021
الصحافة محطة سبعة
— Eltayeb Elmosharaf (@Elmosharaf_E) November 13, 2021
السبت 13 نوفمبر 2021م#مليونية13نوفمبر pic.twitter.com/xMnSJAUWEF
الشجرة الحماداب 13 نوفمبر 2021م #مليونية13نوفمبر #الردة_مستحيلة pic.twitter.com/0TTXUlS1dU
— Ahmed | 🇸🇩✌🏻 (@_ahmed_hassann) November 13, 2021
وتزايد الغضب في الشارع السوداني بعد إعلان "البرهان" تشكيل مجلس سيادة برئاسته وعضويات أغلبها من العسكريين بجانب عدد من المدنيين؛ لكن ثلاثة من الأعضاء الذين أُعلنت أسماؤهم رفضوا أداء القسم ظهر الجمعة؛ واصفين الخطوة بأنها تشكل "انقلابا" على الفترة الانتقالية.
كما يطالب المتظاهرون بتسليم السلطة للمدنيين وتحقيق العدالة، وعودة رئيس الوزراء "عبدالله حمدوك"، وإطلاق سراح الوزراء والسياسيين المعتقلين.
وتأتى هذه التظاهرات استجابة لدعوات الأحزاب والقوى المهنية والثورية، خروج مظاهرات حاشدة السبت "للمطالبة بالحكم المدني ورفضا لإجراءات الجيش".
وحددت لجان المقاومة بالخرطوم، 4 مواكب رئيسية في مدن الخرطوم الثلاث "الخرطوم، وبحري ، أم درمان" إلى جانب منطقة شرق النيل (شرق الخرطوم).
وخلال الساعات الماضية، تصدرت دعوات التظاهر مواقع التواصل الاجتماعي في السودان، وأصبحت أوسمة "مليونية 13 نوفمبر"، "الردة مستحيلة" الأكثر انتشارا على مواقع التواصل.
كما انتشرت تغريدات تحت عنوان "اللاءات الثلاث" (لا شراكة.. لا تفاوض.. لا شرعية).
وفي خطوة سبقت المظاهرات، أغلقت السلطات جميع الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان، بالحواجز الإسمنتية والسلك الشائك، وفرضت إجراءات أمنية، ونشرت قوات مدججة بالسلاح، بينما أبقت على 3 جسور مفتوحة.
وأغلقت القوات السودانية شارع أفريقيا الموازي لمطار الخرطوم عند محطة "لفة الحريف"، حيث تمنع العبور من هناك باتجاه وسط الخرطوم.
كما نشرت السلطات قوات حول المؤسسات الحكومية والأسواق وسط الخرطوم.
في الأثناء، حذرت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي وسويسرا قوات الأمن السودانية من استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين.
ودعت الولايات المتحدة رعاياها في السودان إلى تجنب الحشود والمظاهرات وتوخي الحذر، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تنطلق احتجاجات كبيرة، في حين يستمر المنظمون في التشجيع على العصيان المدني غير العنيف.
من جانبها، دعت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، القادة العسكريين إلى ضمان الاحترام الكامل لحقوق الشعب السوداني في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأشارت المفوضية إلى أن هذه الدعوات تأتي تحسبا لوقوع أي ضحايا مع الإبلاغ عن مقتل 14 شخصا وإصابة حوالي 300 شخص خلال الاحتجاجات بين 25 و30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية "ليز ثروسيل" إن سقوط الضحايا كان "بسبب الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة من قبل القوات العسكرية والأمنية".
وفي تصريحات للصحفيين من جنيف، أضافت "ثروسيل": "من الأهمية بمكان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان عدم حدوث المزيد من إراقة الدماء في الاحتجاجات المزمعة غدا وما بعد ذلك".
كما حث المبعوث الأممي الخاص إلى السودان "فولكر بيرتس" السلطات في هذا البلد على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وفي تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، قال "بيرتس"، إنه "في ضوء مظاهرات الغد (السبت) في السودان، أدعو مرة أخرى قوات الأمن لممارسة أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وعلى المتظاهرين أن يحافظوا على مبدأ سلمية الاحتجاج".
في ضوء مظاهرات الغد في #السودان ، أدعو مرة أخرى قوات الأمن لممارسة أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير. وعلى المتظاهرين أن يحافظوا على مبدأ سلمية الاحتجاج.
— Volker Perthes (@volkerperthes) November 12, 2021
بدورها، علقت السفارة الأمريكية في الخرطوم على هذه الدعوات للتظاهر، في تغريدة على "تويتر"، وقالت: "تتابع السفارة الأمريكية عن كثب المظاهرات المعلنة غدا ضد الاستيلاء العسكري على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول".
وأضافت: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء عمليات اعتقال القادة السياسيين والمواطنين، فضلا عن عدد المدنيين الذين أصيبوا أو قُتلوا.. نحن ندعم حق الشعب السوداني في التعبير السلمي عن مطالبه".
تتابع السفارة الأمريكية عن كثب المظاهرات المعلنة غدا ضد الاستيلاء العسكري في 25 أكتوبر. إننا نشعر بقلق بالغ إزاء عمليات اعتقال القادة السياسيين والمواطنين، فضلاً عن عدد المدنيين الذين أصيبوا أو قُتلوا. نحن ندعم حق الشعب السوداني في التعبير السلمي عن مطالبه pic.twitter.com/PaXwIzL2Jh
— US Embassy Khartoum (@USEmbassyKRT) November 12, 2021
والخميس، أصدر "البرهان"، مرسوما بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين "محمد حمدان دقلو" (حميدتي) نائبا له، وأدى اليمين الدستورية أمام رئيس القضاء بالبلاد.
ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعاني السودان أزمة حادة؛ إذ أعلن "البرهان" حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتجميد بنود في الوثيقة الدستورية، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين.
وتشهد البلاد احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها "انقلابا عسكريا"، فيما يقول "البرهان" إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ هذه الإجراءات لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهما قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
وقبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش، منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.