«عباءة بوتين» وخلفيات «الاندفاع» الأردني نحوها

الخميس 26 نوفمبر 2015 06:11 ص

الإيحاءات التي تتفاعل وتنتشر في المنطقة تحت عنوان التقارب الاستراتيجي بين الأردن وروسيا قد تحمل في مضمونها وخطابها المباشر مفاجآت، على شكل تفصيلات، تثير مجددا شهية التساؤل حول المدى الذي يمكن ان تصل إليه العلاقات الأردنية ـ الروسية، خصوصا بعد لقاء وصف بأنه سياسي حميمي بين العاهل الملك «عبدالله الثاني» والرئيس الروسي «فلاديمير بوتين».

خلفية الاندفاع الأردني نحو روسيا لها ما يبررها بالتوازي، وتنطوي على مفاجآت أيضا، فعمان تتحرك باتجاه موسكو ليس فقط لأنها أصبحت تشكل الواقع الموضوعي في المشهد السوري المجاور، بحسب ما أفاد به تقرير نشرته صحيفة القدس العربي .

وليس فقط لأنها راغبة في استقطاب الروس للمساهمة في رعاية عملية السلام، ولكن أيضا، وقد يكون الأهم، لأن تقديراتها الاستراتيجية تتوقع انخفاضا حادا وملموسا في حجم المساعدات الأمريكية بعد انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما وفي حال عودة الجمهورين لحكم وإدارة الولايات المتحدة.

الأردن يشعر بأن مصالحه الأساسية في بند المساعدات، تحديدا، قد تتأثر مستقبلا وإن كانت الإدارة الديمقراطية لواشنطن حرصت على الالتزام ببرنامج المساعدات للأردن من دون زيادتها تفاعلا مع المستجدات والأزمة المالية حيث ترتفع المديونية الخارجية بصورة حادة وتنمو فاتورة النفط والطاقة وتقل المساعدات الخليجية والسعودية وتزيد أعباء استضافة اللاجئين ويندر الاستثمار بسبب المحيط الإقليمي المضطرب.

مخاوف الأردن في هذا الاتجاه زادت عندما قرر الأمريكيون استراتيجية التخلي العسكري عن المنطقة، من دون التشاور مع شركائهم وحلفائهم، وزادت عندما أبلغ الوزير جون كيري» نظيره الأردني ناصر جودة» بأن إدارة أوباما لا يوجد لديها برنامج حقيقي لعملية السلام والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية العام المقبل.

معنى ذلك أن عمان اقتصاديا وسياسيا، وفي ظل تقديراتها السلبية عن مناخات الصراع في المنطقة، تسعى لحماية ما تستطيع حمايته من مصالحها الأساسية بدلا من ترك الهوامش للفراغ والاحتمالات، الأمر الذي يبرر الاندفاع نحو اللاعب الروسي ليس فقط على أساس التقارب السياسي أو حتى العسكري والأمني مستقبلا. ولكن أيضا على قاعدة الحرص على بقاء في منطقة الدور والتأثير لحماية مصالح الذات تفاعلا مع الواقع الموضوعي للمنطقة اليوم.

من هنا تسارعت الاتصالات الأردنية الروسية على أكثر من صعيد وجبهة مؤخرا، والتقى الملك عبدالله الثاني الرئيس «بوتين» مرتين خلال ثمانية أسابيع وهو معدل قياسي غير معتاد في العلاقات مع موسكو.

في اللقاء الثاني الذي ترتب الثلاثاء الماضي أظهر الزعيمان «بوتين» و«عبدالله الثاني» حرصا على أكبر حجم ممكن من صناعة كيمياء شخصية، فقد وصف ملك الأردن حسب التقارير بوتين بانه الأخ العزيز وعبر الأول عن تقديره لما أسماه بالدور الأردني الفاعل في إشاعة الاستقرار الأمني في المنطقة وفي مقاومة الإرهاب.

بوتين أشاد أيضا بالمعلومات القيمة التي تقدمها عمان لروسيا ضمن خطة مشتركة لمقاومة الإرهاب، وعاهل الأردن استخدم صيغ الذات (أنا وأنت) في الحديث مع بوتين باعتباره شريكا أساسيا في مقاومة الإرهاب، وهي صيغة تعني عمليا وضمنيا استعداد الأردن للانضواء تحت عباءة بوتين مادام العدو المشترك وهو «تنظيم الدولة ـ داعش» بصورة أساسية ما زال موجودا في المنطقة.

ما يعنيه ذلك هو انسحاب تكتيكي غير معلن وغير منظم من إطار التحالف القديم بقيادة الولايات المتحدة.

في الأثناء بدأت أوساط الإعلام الروسية تتحدث عن أربعة مليارات من الدولارات قد يحصل عليها الأردن تحديدا في المجال الحيوي الذي يفضله الروس، وهو بند المساعدات العسكرية، بالمقابل تحدثت أوساط عمان الإعلامية عن تعزيز المنظومة الدفاعية الأردنية وإقامة غرفة عمليات مشتركة مع روسيا.

بالتوازي، بدأ التفكير مع موسكو، وليس مع أي طرف آخر، ليس فقط في تصنيف وأرشفة السجل الإرهابي في ميزان القوى المسلح داخل سوريا، ولكن في الاحتمالات التي تتصاعد لإعادة فتح معبر نصيب المغلق بين الأردن وسوريا وبصفة رسمية، مما قد يساعد في تنشيط الدورة التجارية بين البلدين الجارين برعاية روسيا هذه المرة.

  كلمات مفتاحية

الأردن روسيا بوتين الملك عبد الله الثاني سوريا التدخل العسكري الروسي أوباما

«أبو علي» بوتين .. الرفاق حائرون و«يسحجون»!

«الإندبندنت»: «بوتين» يسعى لتهدئة المخاوف الخليجية من غاراته بسوريا

«ديبكا»: الجنرال «سليماني» ضيفا على الاستخبارات الأردنية في زيارة «تاريخية»

3 طائرات فرنسية مقاتلة تصل الأردن لمواجهة «الدولة الإسلامية»

الحدود الأردنية مفتوحة وسط مخاوف من "الدولة الإسلامية"