تكاليف باهظة.. هل تقفز أمريكا إلى الخيار العسكري مع تعثر مفاوضات فيينا؟

السبت 25 ديسمبر 2021 11:50 ص

مع استمرار مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، بدأ المعلقون في طرح فكرة توجيه ضربة عسكرية لإيران لمنعها من التحول إلى دولة نووية. وكتب "ليون بانيتا" و"ميشيل فلورنوي" و"دينيس روس" وآخرون حول أن التهديد بضربة عسكرية سيكون ضروريا لإقناع إيران "بأنها ستعاني من عواقب وخيمة إذا بقيت على مسارها الحالي". وتوصل الخبراء الإقليميون "إريك بروير" و"هنري روما" إلى نفس النتيجة، قائلين إن خيار الضربة العسكرية ربما يقنع إيران بكبح جماح نشاطها.

لكن هذه الحجج ليست مقنعة. وقد أشارت "أنيل شايلين" و"بروس ريدل" من معهد "كوينسي" إلى الدمار الذي يمكن أن تلحقه إيران بالشرق الأوسط إذا تم استفزازها. واعترف مسؤولون أمنيون إسرائيليون بأن الأمر سيستغرق أعواما حتى تكون إسرائيل قادرة على شن هجوم بمفردها. ويمكن للولايات المتحدة وحدها شن مثل هذه الضربة، لكن ليس هناك ما يضمن أنها ستلحق ضررا جوهريا بقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم.

في المقابل، يرى المحلل "ماكس بوت" أنه من الأفضل "التكيف مع إيران نووية" بدلا من السماح بتصعيد الأمور إلى حد الهجوم العسكري والحرب الشاملة.

ويشير هذا الخطاب إلى حقيقة أساسية وهي أنه مع اقتراب خطة العمل الشاملة المشتركة من الانهيار، لا يوجد شيء موضوعي يقف بين إيران والسلاح النووي إذا قرر قادتها السير في هذا الطريق.

ورغم أن ذلك سيكون فشلا هائلا للولايات المتحدة، وهو الفشل الذي تسبب فيه "دونالد ترامب" في الأساس، إلا أن هناك القليل الذي يمكن لإدارة "بايدن" فعله لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

ولن يجبر التهديد بضربة عسكرية إيران على شيء. ويعد المسار العملي الوحيد لتغيير سلوك إيران هو المشاركة الدبلوماسية، سواء على المستوى الإقليمي أو من خلال مفاوضات فيينا.

ورغم الزيادة الهائلة في تخصيب اليورانيوم، لا تزال إيران غير راغبة في صنع سلاح نووي. ونفت الحكومة مرارا وتكرارا اهتمامها بامتلاك سلاح نووي؛ حيث أصدر المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" فتاوى تحرم الأسلحة النووية. وسيشكل عكس هذه السياسة تحولا دراماتيكيا، رغم أنه ليس خارج نطاق الاحتمال.

وحتى لو امتلكت إيران سلاحا نوويا، فسيكون من الصعب استخدام هذا السلاح خاصة ضد إسرائيل التي تمتلك رادعا نوويا خاصا بها. وبالرغم أنها مضت في تخصيب اليورانيوم بما يزيد عن 60%، وقامت بتنشيط عدد من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، إلا أن إيران لم تتخذ بعد خطوات لبناء سلاح، وقد لا تفعل ذلك أبدا.

وستكون الضربة العسكرية ذات فائدة محدودة، وربما تأتي بنتائج عكسية. ويجب أن يتكرر الهجوم على منشآت إيران النووية المحصنة، وهو أمر أطلق عليه مؤيدوه "جز العشب"، من أجل منع إيران من صنع قنبلة نووية.

وتعد إيران في وضع أقوى الآن مما كانت عليه عام 2015. فقد أثبتت قدرتها على الانتقام من شركاء الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2019 عندما قصفت المنشآت النفطية في بقيق وخريص، وهي الضربة التي أقنعت الرياض بتهدئة التوترات.

وحتى شن ضربة محدودة ضد إيران ستؤدي إلى تحرك انتقامي؛ مما يهدد بتصعيد الأوضاع إلى حرب شاملة. وتشير عمليات المحاكاة عامي 2002 و2012 إلى أن الولايات المتحدة إما ستخسر الحرب مع إيران أو ستفوز، لكن بعد أن تتكبد خسائر فادحة.

وبعد أعوام من العقوبات الاقتصادية، لا يزال النظام في إيران صامدا. وتم هندسة الانتخابات الرئاسية بعناية في وقت سابق من هذا العام لضمان سيطرة المتشددين، فيما تم إخضاع المعارضة بكفاءة.

وبالرغم أنها دولة منبوذة في المنطقة، تسعى إيران إلى استخدام الدبلوماسية مع خصومها في الخليج خاصة السعودية والإمارات. وبالتالي فإن النظام ليس قريبا حتى من الانهيار.

ولا يستدعي الوضع ضربات عسكرية أمريكية أو إسرائيلية، والتي ستكون كبيرة ومكلفة وستؤدي في النهاية إلى هزيمة وتكلفة هائلة. إذن، ما هو المسار الذي يجب أن تسلكه الولايات المتحدة؟ حسنا، كما أشار "إسفنديار باتمانجليج"، ففي نهاية أي حرب يكون هناك مفاوضات لوقف إطلاق النار، لكن لم يكن هناك وقف لإطلاق النار في الحرب الاقتصادية على إيران.

ويمكن للتعهدات الأمريكية بتخفيف العقوبات لفترة زمنية محددة، ربما حتى نهاية ولاية "بايدن" الأولى في يناير/كانون الثاني 2025، أن توفر لإيران الحافز اللازم لوقف التخصيب خارج الحدود المسموح بها. ويتطلب النجاح في ذلك موافقة حكومة "رئيسي"، التي دفعت حتى الآن بمطالب غير واقعية في فيينا.

وإذا كانت إيران صادقة في رغبتها في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وإذا كانت لا تنوي حقا بناء سلاح نووي، فستكون على استعداد لخفض أنشطة التخصيب إذا أثبتت واشنطن أنها مستعدة للتعامل مع قضية العقوبات.

ولن تقدم الضربة العسكرية شيئا لإنقاذ الاتفاق أو ردع إيران عن صنع قنبلة إذا كانت هذه هي النية منذ البداية. لذا فإن السبيل الوحيد للمضي قدما هو من خلال الحوار البناء.

المصدر | ريسبونسيبل ستيت كرافت/جرجوري بريو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي الإيراني محادثات فيينا ضربة عسكرية العقوبات الاقتصادية حكومة رئيسي المنشآت النووية تخصيب اليورانيوم

أمريكا تحذر: أمام إيران بضعة أسابيع لإنقاذ الاتفاق النووي

مسؤول: البنتاجون جهز خططا لضرب إيران ويعرضها على إسرائيل