فورين بوليسي تتساءل: لماذا تكره إسرائيل غزة؟

الثلاثاء 28 ديسمبر 2021 08:58 م

"لطالما أظهر قادة الاحتلال الإسرائيلي الكراهية للفلسطينيين في قطاع غزة، لأن ماضيهم ووجودهم المستمر، يشكل تحديا مباشرا لأسطورة تأسيس إسرائيل".

بهذه الكلمات خلص مقال في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تحت عنوان "لماذا تكره إسرائيل غزة؟".

المقال الذي كتبه الأكاديمي بجامعة روسكيلد في الدنمارك "سومديب سين"، قال إن "قطاع غزة دائما يُنظر إليه على أنه مكان مكروه بشكل استثنائي، يستحق إجراءات قمعية استثنائية، ونادرا ما يُنظر إليه بتعاطف".

وأضاف: "غالبا ما يجد هذا القطاع نفسه خارج نطاق المحادثات العادية حول إسرائيل وفلسطين".

ودلل الكاتب على قوله بواقعتين، الأولى إعلان وزارة الداخلية البريطانية في نوفمبر/تشرين الثاني، حظر حركة "حماس" الإسلامية الفلسطينية بالكامل، بموجب قانون الإرهاب لعام 2000 في البلاد.

وعلق الكاتب بالقول: "إنه بالنظر إلى أن حماس تحكم قطاع غزة الذي لا يزال محاصرا، فإن هذه الخطوة ستؤدي بالتأكيد إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المدمرة بالفعل في هذا القطاع الساحلي الفلسطيني، ومع ذلك، فإن هذا الخطر لم يردع خطط الحكومة البريطانية لإدراج حماس في القائمة السوداء، لأسباب ليس أقلها أن غزة نادرا ما يُنظر إليها بتعاطف".

أما الموقف الثاني، فهي الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 11 يوما في غزة في مايو/أيار الماضي، وقتلت نحو 250 شخصا في غزة ودمرت 2200 منزل فلسطيني.

وعلق "سين" على الواقعة بالقول: "أصدر البيت الأبيض بيانا أشار فيه إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بلّغ دعمه الثابت لأمن إسرائيل وحق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها وشعبها لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، في اليوم التالي، أضاف بايدن أنه لم يكن هناك رد فعل مبالغ فيه، من جانب إسرائيل، ولم يرد ذكر لغزة أو فلسطين أو فلسطينيين في البيان".

ونقل الكاتب، نتائج استطلاع أجرته مؤسسة "مورننج كونسالت"، خلال القصف الإسرائيلي لغزة، والذي أشار إلى أن 11% فقط من الناخبين الأمريكيين متعاطفون مع الفلسطينيين، بينما لا يزال 28% يؤيدون إسرائيل.

ووفق الاستطلاع، بلغت نسبة التأييد للفلسطينيين 19% بين الديمقراطيين و3% بين الجمهوريين.

وأظهر استطلاع آخر أن نصف اليهود الإسرائيليين يعتقدون أنه لم يكن هناك فائزون واضحون في نهاية الحملة الإسرائيلية، ومع ذلك، فقد اعتبر غالبية السكان أن عملية غزة مبررة ويعتقدون أنها كان يجب أن تستمر لفترة أطول.

وبحسب "سين"، فإن السلطات الإسرائيلية تبدو أنها تدرك بشكل خاص وصمة العار المتعلقة بغزة.

وأضاف: "يبدو أن غزة تميل إلى لفت الانتباه عن المسائل الأساسية المتعلقة بحقوق الفلسطينيين في الأرض والسيادة والتحرير الوطني، التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات في القدس، لكن غزة على العكس من ذلك، فإن سياستها هي إلى حد كبير تجسيد ونتيجة للسياسات الأوسع لإسرائيل وفلسطين".

وأكد الكاتب أن "غزة تجسد تأثير قيام دولة إسرائيل عام 1948 على فلسطين والفلسطينيين".

وأشار إلى أنه "في الواقع، قبل النكبة لم يكن يُنظر إلى غزة على أنها منطقة منفصلة إلى جانب كونها جزءا من المنطقة الجنوبية من الانتداب البريطاني لفلسطين، وبعد النكبة، أثرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على التركيبة الديمغرافية للمنطقة بأسرها. لكنها أيضا أنشأت غزة وشكلت مستقبلها السياسي والاقتصادي".

وتضاعف عدد سكان القطاع الساحلي ثلاث مرات بين عامي 1947 و1948 مع تدفق 220 ألفا إلى 250 ألف لاجئ فلسطيني من يافا والمنطقة الساحلية الجنوبية.

وتابع: "أصبح قطاع غزة فجأة ليس مجرد واحد من أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم، لقد أصبح الآن أيضا مكانا غالبية السكان فيه من اللاجئين".

وكان قطاع غزة أيضا أكثر فقرا من الضفة الغربية، وفي ظل الحكم المصري وبعد النكبة مباشرة، واجهت غزة انهيارا اقتصاديا مع إغلاق مينائها وفقدان معظم أراضيها الزراعية خلال الحرب.

ونظرا لكون اقتصاد غزة ريفيا وصغير الحجم، فقد كان أيضا غير مجهز إلى حد كبير لإعالة السكان اللاجئين الوافدين حديثا.

ويذكر أنه كانت مصر معنية بالدرجة الأولى بتعزيز حكمها العسكري على جميع مناحي الحياة في غزة، ولم تفعل سوى القليل لتعزيز التنمية الاقتصادية أو تطوير البنية التحتية.

وعُيِّن مسؤولون مصريون على رأس جميع المناصب العامة، واستُبعد الفلسطينيون من المناصب الإدارية البارزة.

وتمت مراقبة سكان غزة الأصليين عن كثب من قبل مصر، وتم إقصاء اللاجئين إلى حد كبير على هوامش الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار إلى أنه بعد أزمة السويس عام 1956، كانت مصر أقل ميلا إلى تخصيص الموارد لمنع الفصائل الفلسطينية المسلحة من دخول إسرائيل، نتيجة لذلك، فقد خفف الجيش المصري من قبضته على الحياة في غزة.

ولفت "سين"، إلى أنه في العقد الأخير من الحكم المصري، أعيد فتح ميناء غزة وجعل منطقة تجارة حرة. وتمكن مزارعو الحمضيات في غزة من الوصول بشكل أكبر إلى السوق العالمية، بما في ذلك في أوروبا الشرقية.

ومع ذلك، فإنه في حين أفادت هذه الأنشطة الاقتصادية السكان الأصليين في غزة، فقد ظل لاجئو القطاع محرومين اقتصاديا ويعتمدون على الأونروا والمانحين الدوليين الآخرين.

ويرى أنه بعد حرب عام 1967، شهدت غزة بعض التطور الاقتصادي في ظل الاحتلال الإسرائيلي المباشر، مدعوما بشكل أساسي بالأرباح المرتفعة نسبيا لسكان غزة العاملين في إسرائيل.

وفي غضون العقدين التاليين، شكل الفلسطينيون من غزة 60% من إجمالي القوى العاملة الفلسطينية في إسرائيل، ارتفاعا من 10% في عام 1970.

وقد أدى ذلك إلى نمو الطلب في الاقتصاد المحلي. وفي الوقت نفسه، أضعفت النخبة الأصلية التقليدية في غزة وعززت نخبة مضادة جديدة ستستمر في لعب دور مركزي في الحركة الوطنية الفلسطينية.

وتابع الكاتب مقاله بالقول إنه مع ذلك، "فقد استعصى النمو الاقتصادي على نطاق واسع على قطاع غزة حيث كان الاقتصاد يعتمد على الأجور المكتسبة في إسرائيل والتحويلات المالية".

وزاد: "هذا يعني أن الاقتصاد الداخلي ظل ضعيفا هيكليا ومتخلفا".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فورين بوليسي غزة حماس إسرائيل

غزة: التكامل بين خطة لبيد وخطط الطيران الحربي الإسرائيلي

حماس: خطة إسرائيل بشأن تحسين الظروف في غزة وعود كاذبة وزائفة

الجيش الإسرائيلي يعلن رصد صاروخين أطلقا من غزة وسقطا في البحر

إسرائيل تقرر الرد العسكري على إطلاق صاروخين من قطاع غزة