«الإخوان»: أجرينا تغييرات داخلية .. لا نعادي السعودية ولن نتصالح مع الانقلاب

الخميس 3 ديسمبر 2015 01:12 ص

أكدت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر أنها «لن تتصالح» مع السلطات الانقلابية الحالية، معربة عن تأييدها اصطفافا ثوريا يعيد الرئيس المصري «محمد مرسي» إلى الحكم» كمرتكز لأي تحوّل حر يقره المصريون.

وبينما كشفت الجماعة عن إجرائها تغييرات «داخلية وحركية» لكي تستطيع مواجهة تحديات ما بعد «الانقلاب العسكري» في الثالث من يوليو/ تموز 2013، اعترفت بوجود خلافات داخلية حول سبل مواجهة هذا الانقلاب، واصفة هذا الخلاف بأنه «خلاف تنوع».

تغييرات وخلافات داخل «الإخوان»

كما أكدت الجماعة أنها لا تحمل عداوة للسعودية، لافتة إلى أن قطاعا من النظام الدولي لا يزال متمسكا بالرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في ظل ما يقدمه لهم من تنازلات اقتصادية وأمنية.

وقال «محمد منتصر»، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، في مقابلة مع وكالة «الأناضول» للأنباء إن الجماعة تمر بمرحلة تاريخية فارقة على المستويين التنظيمي والسياسي، وإن هذه المرحلة دفعت بها لتغييرات «داخلية وحركية» لكي تستطيع مواجهة التحديات التي تقابلها منذ «الانقلاب العسكري».

واعترف «منتصر» بوجود خلاف في وجهات النظر داخل الجماعة حول بعض القضايا، لكنه وصف هذا الخلاف بـأنه «خلاف تنوع»، مضيفا أن إدارة الجماعة الحالية «تسعى بالفعل لاستيعاب كل الأفكار التي يطرحها الشباب والشيوخ داخل التنظيم، ومن كل وطني مخلص».

وكانت جماعة الإخوان عينت في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، «محمد منتصر»، وهو اسم مستعار لأحد الكوادر الشابة بالجماعة المحظورة من قبل السلطات الحالية، ليكون متحدثاً إعلامياً باسمها، ومعبراً عن مواقفها السياسية.

وقلّل «منتصر» من احتمال وقوع انشقاق داخل «الإخوان»، وقال: «ما دامت المبادئ واضحة والأشخاص تلتقي على المبادئ، فلا خوف على وحدة الجماعة، وإن الهياكل التنظيمية، وأساليب التحرك هي أمور تخدم الأهداف، وهي تـُختار وتتغير وتتطور بحسب الأوضاع والظروف المحيطة».

وعدّد المتحدث باسم «الإخوان» بعض الأسباب التي من الممكن أن تولّد الخلاف، ومنها: «اختلاف الرؤى بين القيادات الموجودة حول قراءة المشهد، وكيفية الخروج منه، واختلاف الأجيال والبيئات والثقافات، بالإضافة للاحتياطات الأمنية التي اتخذتها الجماعة لكي تحمي أفرادها وقياداتها، وهذه الاحتياطات تسببت في فقدان التواصل المتكرر بين الكتل التنظيمية، فضلا عن عمليات الاعتقال المتكررة بين صفوف القيادة».

وحول ما أشيع عن تشكيل الجماعة مكتبا مؤقتا لإدارتها لحين انتخاب مجلس شورى ومكتب إرشاد جديدين، قال «منتصر» إن «هذا أمر صحيح تنظّمه لوائح الجماعة، والإدارة الحالية لها صلاحيات كاملة في إدارة الجماعة، وإن استكمال هيئات الجماعة (مجلس شورى ومكتب إرشاد) أمر واجب إذا ما أمكن تنفيذه، فلا بد للجماعة بعد تغييب قيادتها باستمرار أن تكون قادرة على إفراز قيادات جديدة بشكل صحيح ومناسب، وهو أمر يجري ويتم باستمرار».

وكانت جماعة «الإخوان» شهدت خلافا بين قيادتها، ظهرت بوادره في منتصف مايو/ أيار الماضي، وتمحور الخلاف حول موقف الجماعة من السلمية والعنف تجاه السلطة الحاكمة.

رؤية الجماعة للمشهد المصري

وعن رؤية الجماعة للمشهد على الساحة المصرية، أوضح المتحدث أن مصر «تعيش حالة تقترب ربما من أجواء ما قبل ثورة يناير/ كانون ثان عام 2011»، لكن المتغير - حسب وصفه -أن مصر باتت تعيش «حالة ثورية حقيقية»، وأن ما وصفها بـ«منظومة القمع والقتل والفساد والإفقار» المستمرة تعجّل من «انتفاضة شعبية» على جميع الأصعدة.

ورأى منتصر، أن جماعته التي وصفها بـ«الـثورية الشعبية المدنية» جزء من أي حراك حقيقي ضد سلطة «الحكم العسكري»، وأن الجماعة ستتعاون مع كل «المخلصين» لتوسيع نطاق الثورة بين قطاعات أكبر من الشعب المصري والعمل على تحرير إرادة المجتمع.

وهاجم المتحدث باسم الجماعة دولاً وأنظمة – لم يسمّها – بسبب دعمها للسلطات الحالية في مصر.

واعتبر أن «قطاعا من النظام الدولي لا يزال متمسكا بعبد الفتاح السيسي(الرئيس المصري)، أو على الأقل ليست لديهم رغبة ملحة حالية في تغييره، في ظل ما يقدمه لهم من تنازلات اقتصادية وأمنية نظير بقائه في الحكم».

ومنذ تولي «السيسي» الحكم في يونيو/ حزيران 2014، تعرضت البلاد لهزات متكررة، على الصعيدين الأمني والاقتصادي؛ ما دفع عددا من مؤيدي السلطة لانتقادها بشكل لاذع وعلني.

 ووصف «منتصر» الحكم العسكري الحالي في مصر بأنه حكم «عصابة»، معتبرا أن المسؤولين العسكريين يتعاملون مع المواطنين على هذا الأساس؛ فيبتزّونهم مقابل وعود الأمن والرخاء الاقتصادي التي لا تتحقق، ومن خلال هذه الادعاءات يقومون بإعادة إنتاج أنفسهم حكاما للبلاد، مستفيدين من المتغيرات المحلية والإقليمية، كما يفعل «بشار الأسد» في سوريا.

وأضاف مستدركا: «لكن هذا لن يستمر بأي حال من الأحوال، والشعوب الحرة قادرة على إنجاح ثوراتها وإزاحة الطغاة»، حسب تعبيره.

وكشف المتحدث باسم «الإخوان» أن الضربات الأمنية الكثيفة، منذ وقوع «الانقلاب» قبل عامين، بالإضافة لعمليات القتل والمطادرة، أثّر سلباً على الحراك الثوري الرافض لـ«الانقلاب»، لكنه لم يوقفه، وأنه تمت إعادة تقييم الفترة الماضية، لتلافي السلبيات، وأن الملاحظ منذ شهر تقريبا ارتفاع جديد للحراك الثوري، وانضمام شرائح جديدة له، فضلا عن إقرار الجماعة لسلسلة من الإجراءات الثورية، التظاهرات جزء منها وليست كلها.

الموقف من الاصطفاف و«مرسي»

وحول ما أطلق عليه مؤخراً تسمية دعوات «اصطفاف» القوى السياسية المعارضة قبل ذكرى ثورة يناير المقبلة، أوضح «منتصر» أن الجماعة «مع أي دعوة صادقة لإعادة مكتسبات الثورة(يناير 2011) من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، بما يضمن معاقبة الإنقلابيين، وإنهاء الانقلاب، وعودة محمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب بمصر) رئيسا ممثلا لإرادة منتخبة يمكن الارتكاز عليها في أي تحوّل حر يقره المصريون لاحقا عبر الطرق الديمقراطية المعتبرة؛ تحوّل تُجدّد عبره شرعية مرسي أو يتم اختيار بديلا عنه رئيسا جديدا للبلاد، بشكل حر دون تغوّل العسكريين ووصاية أصحاب المصالح».

وعن إمكانية حدوث مصالحة بين الجماعة وسلطات الانقلاب الحالية، قال المتحدث، إن هذا «لن يحدث؛ فنحن لا نضع أيدينا في يد عصابة، وإننا لن نساوم على الثورة والشهداء والمعتقلين، وإن الجماعة وغيرها من الوطنيين لن يعطوا شرعية لهذا النظام، حتى وإن كلفنا ذلك حياتنا».

واعتبر «منتصر» أن قرارات الإعدام، والأحكام المغلّظة بالسجن بحق الرئيس «مرسي»، والمرشد العام للجماعة، «محمد بديع»، وكوادر التنظيم وأفراده «محاولة للضغط على الجماعة للقبول بالأمر الواقع، وأن الرسائل التي تصل من السلطة العسكرية بهذا الشأن واضحة، وتتعامل الجماعة معها بجدية».

وحذّر المتحدث باسم «الإخوان» من خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، مشيراً إلى أن «تغيير هذه السلطة الحاكمة أمر بات حتميا، وأن تغييرها يخص كل الشعب المصري وليس الإخوان فقط».

واتهم النظام الحالي في مصر بصناعة العنف، إما بـ«إرهاب المواطنين»، أو بقمع المعارضين الذين بدؤوا «يكفرون بالحلول الديمقراطية»، أو بدفع البعض لاستخدام العنف للدفاع عن أنفسهم من بطش السلطة.

وحول اتهام السلطة لـ«الإخوان» باستخدام العنف، قال «منتصر» إن جماعته ليست حركة مسلحة أو جيشا نظاميا، وإنها باتت تعرّف نفسها حاليا بأنها «حركة إسلامية شعبية تدير منظومة كفاح ثوري لرفض الانقلاب والحكم العسكري، وتعمل على تقوية المجتمع وإخضاع مؤسسات الدولة بالكامل لإرادة المواطنين وحكم الدستور والقانون».

وأضاف أن الجماعة ترى أن «السيسي» ونظامه يقومان بـ«تنفيذ خطة لتدمير مصر، والإضرار بأمنها القومي، بعزل منطقة سيناء (شمال شرقي مصر) وتهجير أهلها، والإمعان في إفقار منطقة الصعيد (جنوبي البلاد)، وتمكين رجال الأعمال والجيش من رقاب الفقراء، بالإضافة لافتعاله أزمات مع دول الجوار العربية الأشقاء في فلسطين المحتلة وليبيا والسودان، فضلا عن فشله الواضح في أزمة سد النهضة (تعمل إثيوبيا على إقامته على نهر النيل المصدر الرئيس للمياه في مصر)، وترسيم الحدود البحرية بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني، ومعاونة نظام الأسد وروسيا في قتل الشعب السوري، وبيع مقدرات الوطن لدولة الإمارات والدول الغربية».

وحول علاقة «الإخوان» بالولايات المتحد ، والمملكة العربية السعودية، في الوقت الحالي، أشار المتحدث إلى أن الجماعة ترصد تطور أداء السياسية الأمريكية، وتوجهها الاستراتيجي لتقليل تواجدها المباشر في المنطقة مع السماح لقوی إقليمية أخری بمد نفوذها فيها.

أما عن السعودية فقال منتصر: «نحن لا نعادي أحدا، ونريد من الجميع أن يكونوا على قدر اللحظة التاريخية التي تمر بها الأمة، وإن قوة مصر واستقرارها بحكم رشيد ديمقراطي هو ضمانة للأمة العربية وسلامتها».

  كلمات مفتاحية

مصر جماعة الإخوان محمد مرسي الاصطفاف الثوري محمد منتصر السعودية

«الإخوان» تشترط رحيل «السيسي» وعودة «مرسي» كأساس لأي حوار

مصادر: ضغوط خليجية ودولية على «السيسي» لـ«التهدئة» مع الإخوان

«السيسي»: «الإخوان» جزء من الشعب المصري وأحكام الإعدام «لن تنفذ»

الخليج والإخوان: طلاق غير بائن

«سعد الدين إبراهيم» يدعو «السيسي» لاستفتاء الشعب على المصالحة مع «الإخوان»

فيديو.. باحث سعودي: ما حدث في مصر «انقلاب عسكري» و«الإخوان» ليسوا إرهابيين

صورة «الكتاتني» بجسد هزيل تثير موجة واسعة من التعاطف والغضب في مصر

صحيفة مصرية: السعودية منعت دخول قيادات من «الإخوان» إلى أراضيها

انهيار الإخوان: هل تستطيع الجماعة البقاء في ظل الضربات الأخيرة؟