ماذا يعني استضافة سوريا قمة أوابك 2024 بالنسبة لنظام الأسد؟

الخميس 3 فبراير 2022 05:22 م

تدخل الحرب الأهلية السورية مرحلة حاسمة حيث تتصاعد الجهود الدبلوماسية المتنافسة حول الأزمة. وبدعم قوي من روسيا وإيران والعديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية، ظهر نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" منتصرًا عسكريًا. وفي الوقت نفسه، يحكم "الأسد" دولة تضررت بشدة من العقوبات الأمريكية التي تساهم بشكل كبير في عدم استقرار النظام. وتجد الدول العربية نفسها بين هذين المعسكرين.

وبالرغم أن القادة الإقليميين رحبوا إلى حد كبير بتكتيكات الضغط ضد دمشق في أعقاب الربيع العربي عام 2011، فإن المشاعر تجاه "الأسد" آخذة في التحول. فقد رحبت معظم حكومات المنطقة اليوم بالرئيس السوري وعودة نظامه إلى الحظيرة الإقليمية. وظهر هذا التحول في مبادرات دبلوماسية صغيرة ولكنها مهمة من خلال المنظمات الإقليمية، مثل منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وجامعة الدول العربية.

على هذه الخلفية، يدور نقاش في واشنطن حول كيفية التعامل مع هذه الديناميكية المتطورة. ولم ينتج عن هذا النقاش إجماعا بين قادة الولايات المتحدة.

من جانب، دعا "بريت ماكجورك"، منسق سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إلى أن تعكس جهود الولايات المتحدة في سوريا "حقيقة بقاء سلطة الأسد". وعلى العكس من ذلك، فإن مشرعين من الحزبين في واشنطن يعبرون عن إحباط متزايد إزاء ما يرون أنه استعداد إدارة "بايدن" لتخفيف الضغط الأمريكي على "الأسد". وطالبت هذه المجموعة البيت الأبيض بجدية أكبر في تنفيذ قانون قيصر والضغط على الدول العربية ومنعها من تطبيع العلاقات مع نظام "الأسد".

سوريا وأوابك

ستكون مراقبة الطريقة التي تختارها إدارة "بايدن" لمعالجة العلاقات الدافئة بين الحكومات العربية ودمشق مهمة هذا العام حيث عملت الدول العربية، بما في ذلك الإمارات والبحرين والأردن، على إعادة تأهيل نظام "الأسد". وهناك أيضًا جهود إقليمية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وأدى قرار صدر مؤخراً عن منظمة أوابك بتعيين سوريا في منصب رئيس مجلس "وزراء النفط العرب" داخل المنظمة إلى تعزيز هذه الجهود. وفي اجتماع افتراضي استضافته الكويت، اتفقت جميع الدول الأعضاء في منظمة أوابك - الجزائر والبحرين ومصر والعراق والكويت وليبيا وقطر والسعودية وسوريا وتونس والإمارات - على عقد مؤتمر الطاقة العربي لعام 2024 في دمشق.

وقال "ريان بول" المحلل في "ستراتفور" إن مثل هذه القرارات يصعب فصلها عن التوجه العربي للتقارب مع "الأسد". ومن المحتمل تمامًا أن اختيار منظمة "أوابك" لسوريا لاستضافة مؤتمر الطاقة العربي في عام 2024 هو صورة لكيف "ستبدو إعادة دمج سوريا.. خطوات صغيرة ومتدرجة ومدروسة حتى يتم إعادة سوريا إلى الحظيرة الإقليمية. وأضاف: "ستكون عملية بطيئة بشكل يصعب علي أي أحد تحديد يوم معين باعتباره تاريخ عودة العلاقات لأن هذه العلاقات سيتم استعادتها عبر خطوات كثيرة متدرجة".

وفي هذا السياق، يمكن لقرارات أوابك أن تكون وسيلة مناسبة لقياس رد فعل البيت الأبيض. حتى الآن، فإن جهود إعادة تأهيل "الأسد" تجري بالرغم من معارضة واشنطن. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة لم تتخذ أي إجراء جاد بخلاف الإدلاء بتصريحات علنية صارمة ضد مثل هذه القرارات.

وقالت "كارولين روز"، كبيرة المحللين في معهد "نيولاينز": "يبدو أن هذه تجربة لكيفية إظهار التقارب بين سوريا وجيرانها العرب بشكل عام،  كما أنه يحقق هدفًا آخر للدول العربية مثل اختبار رد فعل إدارة بايدن لقياس حدود التعامل مع نظام الأسد".

تفكير الكتلة المناهضة لـ"الأسد"

من بين الدول الأعضاء في "أوابك" دعمت قطر والسعودية الجماعات المناهضة لـ"الأسد" في وقت سابق خلال الحرب الأهلية، ولم تستأنف الدوحة ولا الرياض العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. ومن هنا، فإن قرارات "أوابك" الأخيرة التي جاءت بالإجماع تثير بعض التساؤلات المهمة.

وقد يكون قرار السماح لقطر باستضافة قمة "أوابك" في عام 2023 هو السبب وراء دعم الدوحة لقرار "أوابك" بشأن سوريا لعام 2024، وذلك فقًا لـ"جوشوا لانديس"، خبير الشؤون السورية بجامعة أوكلاهوما.

علاوة على ذلك، يمكن لبعض العوامل الاقتصادية أن تهدئ المخاوف السعودية والقطرية المحتملة بشأن التداعيات السياسية لدعمهما لسوريا في منظمة "أوابك". بمعنى أن فرص التجارة والاستثمار قد تكون سببا محتملا وراء قرار قطر، وسيعكس مثل هذا التفكير استراتيجية الدوحة الإقليمية المتغيرة والتي أصبحت تدريجياً أكثر واقعية بسبب الاعتبارات الإنسانية والاقتصادية.

في الواقع، قد يكون قرار الدوحة علامة على أن قطر بدأت عملية إعادة التطبيع، وإن كان ذلك بحذر شديد وبنسبة أبطأ. وقال "بول": "يبدو أن قطر انضمت إلى الخطوة لأنها منخفضة المخاطر للغاية ولأن هذا هو الاتجاه الذي يسير فيه المجموع.. ومن غير المرجح أن ترسل قطر سفيرًا أو تحاول الاستثمار في سوريا حاليا، حيث ستنتظر لترى كيف ستتعامل الولايات المتحدة الدول الأخرى مثل الإمارات، وبعبارة أخرى إنهم على استعداد للغوص ولكن يريدون فقط أن يروا الآخرين يفعلون ذلك أولاً".

ولا شك أن استضافة سوريا لقمة "أوابك 2024" لن تتوافق مع الغرب حيث تعارض واشنطن ومعظم حلفائها في الاتحاد الأوروبي الاعتراف بـ"الأسد" كرئيس شرعي. ومع ذلك، فإن الاتجاه في العالم العربي يؤيد إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق. وداخل منظمة "أوابك"، تدعم الجزائر والبحرين ومصر والعراق وتونس والإمارات عودة "الأسد" إلى الحظيرة الدبلوماسية في المنطقة العربية. وبذلت هذه الدول أيضًا جهودًا متفاوتة للضغط من أجل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وأوضح "لانديس" أن "القرار العربي باستضافة سوريا لاجتماع أوابك هو صفعة في وجه كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي". وأضاف: "إنهم يحاولون عزل سوريا دبلوماسياً واقتصادياً ... وهذا التصويت من قبل جميع أعضاء أوابك يضع الدول الغربية والعربية في مسار تصادمي بشأن سوريا".

ويبقى أن نرى إلى أي مدى ستذهب واشنطن لمنع مثل هذه المبادرات الدبلوماسية. ومن المؤكد أن مشاركة سوريا في منظمة "أوابك" رمزية إلى حد كبير، من المؤكد أن إدارة "بايدن" تتفهم ذلك كما يتجلى في صمتها النسبي بعد القرارات الأخيرة.

ومع ذلك، لا يبدو أن إدارة "بايدن" مهتمة برفع العقوبات دون شروط مسبقة - وتحديداً الانتقال السياسي الذي يزيل عائلة "الأسد" وأتباعها من السلطة. علاوة على ذلك، فإن قانون قيصر الذي أقره الكونجرس يحمل التزامات قانونية بالنسبة لأي إدارة أمريكية.

المصدر | الكسندر لانجلوا وجورجيو كافيرو/ إنسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بشار الأسد أوابك العلاقات القطرية السورية قانون قيصر إدارة بايدن

ن. تايمز: السوريون يشعرون بالخيانة بسبب التطبيع الدولي مع نظام الأسد

رغم الرفض الأمريكي.. الإمارات تقود جهود العرب للتطبيع مع الأسد

تقرير: هكذا يتلاعب نظام الأسد بالمساعدات الإنسانية ويمنحها لحلفائه

هآرتس: الأسد يعيد تشكيل التركيبة السكانية في سوريا لترسيخ حكمه