الهرولة العربية للتطبيع مع نظام الأسد.. 5 أسباب وراء الكواليس

الأربعاء 2 فبراير 2022 11:02 ص

لم تكن زيارة وزير خارجية سلطنة عُمان "بدر البوسعيدي" للعاصمة السورية دمشق لعقد مباحثات مع رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، الأسبوع الجاري، مفاجئة للمراقبين والمتابعين لاستمرار الهرولة العربية للتطبيع مع دمشق.

ويمكن كذلك القول إن التحذير الأمريكي لمسقط من أن الوقت ليس مناسبا للتطبيع مع النظام السوري، ليس جديدا من نوعه، بل سبقته إشارات عن عدم رضا واشنطن على التقارب العربي مع "الأسد".

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على النظام السوري، بموجب قانون "قيصر" الأمريكي الذي دخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران 2020، وذلك من خلال تجميد مساعدات إعادة إعمار سوريا، وملاحقة أفراد وكيانات متصلة بالنظام السوري ومثبت تورطها في جرائم إنسانية.

ضوء أخضر

في مقابل قانون "قيصر"، ثمة ضوء أخضر أمريكي تتلمسه عواصم العربية إزاء النهج الأمريكي غير الحازم بشأن إسقاط حكم "الأسد"، وعدم الإصرار على رحيله.

وحصل "الأسد" في مايو/أيار الماضي، على ولاية رئاسية رابعة، بعد عقد كامل منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتسببه في مقتل ما لا يقل عن نصف مليون سوري، واختفاء أكثر من 100 ألف شخص، وتشريد ونزوح ما يزيد على نصف الشعب السوري.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، شارك وزير خارجية النظام السوري "فيصل المقداد" في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وعقد مباحثات مع وزراء خارجية كل من مصر والأردن وتونس والجزائر والعراق وعُمان.

ولم تبد واشنطن رفضا لإحياء مشروع "خط الغاز العربي" الذي ينقل بموجبه الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، ما سيؤدي بالتأكيد إلى منح نظام "الأسد" مدفوعات نقدية.

ووفق مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط الأمريكي، "تشارلز ليستر"، فإن مكونات سياسة الإدارة الأمريكية في سوريا باتت ترتكز على "ضمان وصول المساعدات الإنسانية ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي"، بحسب ما أوردته "فورين بوليسي".

إيران وتركيا

ولا يمكن بحال من الأحوال النظر إلى التقارب العربي مع "الأسد" بمعزل عن استدعاء الخطر الإيراني، والنفوذ التركي في المنطقة.

وتطمح دول خليجية أبرزها الإمارات في إعادة تأهيل النظام السوري، بما يسمح له باستعادة مصادر قوته، وتحجيم نفوذ أنقرة المتمدد شمال شرقي سوريا.

ولا تزال تركيا تشكل عقبة أمام استكمال عملية تأهيل نظام "الأسد"، لكونها ترفض الاعتراف به، مقابل طرف روسي فاعل، مدعوما برغبة إماراتية مصرية، في فك العزلة المفروضة على دمشق.

كذلك تأمل الدول العربية التي تعتزم تطبيع العلاقات مع النظام السوري، أن يساعد ذلك في تحجيم دور إيران هناك، ونفوذ "حزب الله" اللبناني، ومنع مزيد من التدخلات الإقليمية والدولية عبر حضور عربي واسع، يعزز نفسه من خلال إنشاء علاقات اقتصادية وتجارية مع نظام "الأسد".

نموذج قمعي

ويرى مركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأمريكي، أن إحياء العلاقات مع النظام السوري بعد عقد من المحاولات الفاشلة للإطاحة بـ"الأسد"، يخدم توجهات الدول المناوئة للربيع العربي.

بمعنى أكثر وضوحا، فإن الأنظمة والجهات الفاعلة غير الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تريد إبراز نجاح "الأسد" كدليل على أن القوة خيار صالح للغاية لقمع التهديدات.

وتستخدم الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية، الحرب الأهلية السورية ليس كتحذير فقط ولكن كنموذج لمواجهة التمرد القادم حتما، وسط احتفاء متعمد بأن الاستبداد قد خرج منتصرا في الشرق الأوسط.

وبالنسبة للقادة في المنطقة، فإن نجاح "الأسد" في الاحتفاظ بالسلطة خلال العقد الماضي يضع أيضا نموذجا لكيفية النجاة حتى في أسوأ سيناريو لانتفاضة شعبية شاملة، وفق "ستراتفور".

أجندة اقتصادية

ويسيل لعاب دول عدة لنيل حصة من الكعكة الضخمة لإعادة إعمار سوريا، قدرها مبعوث الأمم المتحدة الخاص السابق لسوريا "ستفان دي ميستورا"، عام 2018 بمبلغ 250  مليار دولار.

والشهر الماضي، ذهب المبعوث الرئاسي الروسي "ألكسندر لافرنتييف"، بعيدا مقدرا تكلفة إعادة إعمار سوريا، بنحو 800 مليار دولار أمريكي.

وتعتبر روسيا الرابح الأكبر بين الدول الحليفة لنظام "الأسد"، خصوصا مع دورها في إعادة تشغيل حقول النفط والغاز، والتنقيب عن المعادن داخل الأراضي السورية وفي المناطق البحرية قبالة شواطئها في شرق البحر المتوسط، على أساس نسب مشاركة تبلغ 70% للجانب الروسي و30% للجانب السوري.

ويسعى الأردن عبر فتح "معبر جابر" الحدودي مع سوريا، إلى جني مكاسب من وراء تنشيط حركة التجارة بين البلدين، إضافة إلى إعادة إحياء مشروع خط الغاز العربي.

وتعد الإمارات شريك سوريا التجاري الأول عربيا والثالث عالميا، وتحوز 14% من تجارة سوريا الخارجية. ومن الممكن أن مكاسب الإمارات الاقتصادية من سوريا سترتفع بمقدار نصيبها من كعكة إعادة الإعمار، وفق "الجزيرة".

وتتأهب مصر هي الأخرى، للفوز بعقود بمليارات الدولارات من كعكة الإعمار، حال رفع العزلة الدولية عن نظام "الأسد"، شريطة تلافي "عقوبات قيصر"، وفق تفاهمات مع الجانب الأمريكي.

ومع المساعي المصرية الجزائرية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، بعد 12 عاما من تعليق عضويتها، لا يمكن تجاهل الإشارة إلى أن هناك أيضا ضوء أخضر إسرائيلي أمام التقارب الأخير بين سوريا ودول الخليج السنية، بما قد يؤدي إلى إبعاد إيران وعناصر المحور الشيعي الأخرى من سوريا.

تبقى إذن تلك الهرولة العربية، ضمن سياق يتضمن ترتيبات وتفاهمات تجري مع دمشق سرا، في محاولة لإعادة ترتيب الأوراق من جديد، وتأهيل الساحتين العربية والدولية للقبول بدور لـ"الأسد" من جديد، وطي صفحة تضحيات الشعب السوري إلى أجل غير مسمى.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بشار الأسد سوريا الجامعة العربية قانون قيصر عمان الإمارات مصر الجزائر إيران تركيا

واشنطن: لا خطط لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد ولا نشجع الآخرين على ذلك

إعادة الارتباط الخليجي مع النظام السوري.. الدوافع والعوائق

ماذا يعني استضافة سوريا قمة أوابك 2024 بالنسبة لنظام الأسد؟

تقرير: هكذا يتلاعب نظام الأسد بالمساعدات الإنسانية ويمنحها لحلفائه

وزير خارجية الأسد يتوعد إسرائيل برد الصاع صاعين

مودرن دبلوماسي: 4 مصالح استراتيجية تدفع الغرب للتطبيع مع نظام الأسد