ضغوط ومساومات.. المعركة على الرئاسة تشتعل في العراق

الجمعة 4 فبراير 2022 04:59 ص

في 1 فبراير/شباط الجاري، أكد الرئيس العراقي "برهم صالح" أنه سيترشح لولاية جديدة، وقد شغل المنصب منذ عام 2018، ورشحه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لولاية ثانية، فيما رشح منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير المالية والخارجية السابق "هوشيار زيباري" لهذا المنصب.

وحدد البرلمان العراقي يوم 7 فبراير/شباط موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية وسط منافسة شرسة غير مسبوقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين. ومنذ عام 2005، كانت الرئاسة محجوزة تقليديا للأحزاب الكردية، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، ومنصب رئيس البرلمان للسنة.

وكان الاتفاق بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني أن تكون الرئاسة من نصيب الأول، فيما يتولى الثاني رئاسة إقليم كردستان العراق.

ويعد "نيجيرفان بارزاني" من الحزب الديمقراطي الكردستاني هو رئيس إقليم كردستان حاليا. ومع ذلك، منذ وفاة الرئيس السابق وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، "جلال طالباني"، وجد الحزبان نفسيهما في صراع على المناصب والنفوذ داخل إقليم كردستان وخارجه.

وفي عام 2018، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة "مسعود بارزاني" عن رغبته الصريحة في تولي منصب الرئيس، ثم اعترض على ترشيح الاتحاد الوطني الكردستاني للرئيس الحالي على أساس تراجع نفوذ الحزب وانكماشه، وأنه يجب أن ينعكس عدد مقاعد البرلمان العراقي على توزيع المناصب.

ويتكشف نفس السيناريو اليوم، حيث يرشح حزب "بارزاني" وزير الخارجية الأسبق لرئاسة الجمهورية، فيما يكرر الاتحاد الوطني الكردستاني دعمه لـ "صالح". وهناك أيضا 24 شخصية أخرى مرشحة لنفس المنصب، معظمهم من القوميين الأكراد الذين سيتم التصويت على قبول ترشحهم في جلسة البرلمان المقبلة.

وبحسب قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن ترشيح "زيباري" للرئاسة هذه المرة لن يكون لغرض المساومة السياسية، على الأقل في الوقت الحالي، وأن الحزب لن يتراجع عن ترشيحه في جلسة البرلمان المقبلة.

وتوقع مراقبون أن يتراجع الحزب مقابل مكاسب من الاتحاد الوطني داخل المنطقة أو في حال حصوله على مناطق نفوذ جديدة أو تنازل في الصراع على مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان.

وزار قائد فيلق القدس الإيراني "إسماعيل قاآني" أربيل أواخر الشهر الماضي للتوسط بين الحزبين الكرديين على أمل التوصل إلى اتفاق بشأن المرشح لرئاسة الجمهورية. لكن "مسعود حيدر"، من الحزب الديمقراطي الكردستاني، كرر رفض الحزب التوافق بشأن المرشح الرئاسي، وقال إن "زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني هو صاحب الصلاحية لترشيح رئيس الجمهورية كزعيم يمثل السلطة السياسية الكردية والأغلبية السياسية الكردية في أربيل وبغداد".

وتوقع "حيدر" أن يصوت التيار الصدري وتحالف "تقدم" بزعامة رئيس مجلس النواب "محمد الحلبوسي" لصالح "زيباري" في الانتخابات المقبلة، إضافة إلى بعض الكتل الأخرى المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وخلال الأسابيع الماضية، ظهر تحالف قوي بين أكبر الكتل الفائزة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهي تحالف "الصدر" بـ 73 مقعدا، وتحالف "تقدم" بزعامة "الحلبوسي" بنحو 40 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني بنحو 35 مقعدا.

واستطاع هذا التحالف توفير أغلبية مريحة لـ "الحلبوسي" للفوز برئاسة البرلمان في أول جلسة لمجلس النواب مطلع الشهر الماضي رغم اعتراضات الكتل الشيعية المعارضة في "الإطار التنسيقي".

ويمكن لتحالف "الصدر - الحلبوسي - بارزاني" بسهولة ترشيح مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني "زيباري" لرئاسة الجمهورية دون أي مشكلة، ما لم يتراجع "بارزاني" عن ترشيح "زيباري" بضغط من الكتل الشيعية المعترضة على ترشيح "زيباري" بذريعة قضايا فساد تم استجوابه عنها في البرلمان السابق.

إلا أن الكتل الشيعية في "الإطار التنسيقي" تحاول الحفاظ على صيغة الحكم المستمرة منذ الانتخابات الأولى عام 2005، وترى أن أي تغيير، مثل حرمان الاتحاد الوطني الكردستاني من منصب الرئاسة، سيؤدي بطبيعة الحال إلى متغيرات أخرى على صعيد التوافق على ترشيح رئيس الوزراء، وهو منصب مخصص للكتلة النيابية الأكبر بحسب الدستور العراقي.

من ناحية أخرى، يبدو أن الرئيس "صالح" في مأزق الآن فيما يتعلق بإمكانية فوزه بولاية ثانية؛ فبالإضافة إلى تمسك "بارزاني" بترشيح "زيباري" للرئاسة، هناك انقسام مستمر داخل حزبه، الاتحاد الوطني الكردستاني، بالنظر إلى وجود مرشحين أكراد آخرين منتسبين إلى الحزب، أبرزهم "لطيف رشيد"، الوزير السابق في الحكومة الاتحادية، حيث يتمتع الأخير بدعم "هيرو طالباني" زوجة الرئيس الراحل "جلال طالباني"، وتربطه علاقات طيبة مع القوى الشيعية التقليدية وبعض دول الجوار.

وتفصل المادة 70 من الدستور العراقي آلية انتخاب رئيس الجمهورية على النحو التالي: "أولا: ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه. ثانيا: إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة، يتنافس المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات، ويعلن رئيسا من حصل على أغلبية الأصوات في الانتخاب الثاني".

وفاز "صالح" بالرئاسة عام 2018 بأغلبية 302 صوتا من أصل 329، بالرغم من دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني لوزير الخارجية العراقي الحالي "فؤاد حسين".

ومن المرجح أن يجري البرلمان في جلسته المقبلة جولة إعادة بين المرشحين الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات بسبب صعوبة فوز مرشح واحد بأغلبية الثلثين في الجولة الأولى من الانتخابات.

وبما أن رئيس الجمهورية يركز على تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة، فإن الأيام التي تسبق جلسة انتخاب الرئيس ستشهد محادثات مكثفة خاصة بين القوى الشيعية المتنافسة، الصدريون والإطار التنسيقي، بهدف الوصول إلى صيغة توافقية لتسمية رئيس الوزراء، وإلا ستكون الجلسة المقبلة مماثلة لجلسة انتخاب "الحلبوسي" وسط ضجة كبيرة وانسحابات من جانب الأطراف الخاسرة.

المصدر | عمر ستار/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية العراقية البرلمان العراقي كردستان العراق الأحزاب الكردية العراقية برهم صالح هوشيار زيباري

لمدة 15 يوما.. الحلبوسي يعلن فتح باب الترشح لرئاسة العراق

العراق.. حسم طعن إعادة فتح باب الترشيح لمنصب الرئيس الأربعاء