زيارة أردوغان للإمارات.. امتيازات اقتصادية ومكاسب سياسية لأنقرة

الأربعاء 16 فبراير 2022 09:34 ص

حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" خلال زيارته إلى الإمارات، منتصف الأسبوع الجاري، كانت واضحة للعيان، ومثيرة لاهتمام المراقبين والمتابعين.

وزاد من الشغف بالزيارة التاريخية، وهي الأولى لـ"أردوغان" منذ العام 2013، بعد توتر في العلاقات دام سنوات، تصريحات الجانبين، التي تحمل توجها نحو تحالف جديد، وشراكة اقتصادية، قد تمتد إلى مجالات أمنية وعسكرية واستخباراتية، خلال السنوات القليلة المقبلة.

وربما كان تزيين برج خليفة في مدينة دبي، بألوان علم تركيا، ترحيبا بزيارة "أردوغان"، إشارة لا تخطئها العين، على حجم الاهتمام الذي تبديه أبوظبي بالتقارب مع أنقرة، التي باتت لاعبا رئيسيا في العديد من الملفات الإقليمية والدولية.

تعاون اقتصادي

يزيد من ثقل الزيارة، وزخم نتائجها، توقيع البلدين 13 اتفاقية تعاون ومذكرات تفاهم وبروتوكولات، تنوعت ما بين الاستثمار والصناعة والدفاع والإعلام والصحة والزراعة والنقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي والثقافة والشباب وغيرها.

لكن الأبرز كان توقيع "خطاب نوايا" بشأن التعاون الدفاعي بين أنقرة وأبوظبي، لاسيما في ظل اهتمام الإمارات بالصناعات العسكرية التركية، خاصة الطائرات المسيرة، التي أثبتت تفوقا ميدانيا في سوريا وليبيا وخلال الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، في الوقت الذي يتعرض فيه البلد الخليجي لهجمات متزايدة من قبل الحوثيين في اليمن.

ويحمل البيان المشترك الموقع بين البلدين بشأن النية في البدء باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، توجها استراتيجيا نحو الانتقال بمستوى العلاقات إلى آفاق أكثر اتساعا، بعد وصول حجم التبادل التجاري بين تركيا إلى 7.5 مليار دولار العام 2020، وفق بيانات معهد الإحصاء التركي.

وارتفع حجم التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من عام 2021 أكثر من 7 مليارات دولار، بنمو بلغ 100% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.

وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.

وهناك ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي، تستثمر في قطاعات العقارات والمصارف وتشغيل الموانئ والسياحة، وسط توقعات بانعكاسات إيجابية للزيارة، وتوطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتدفق الاستثمارات الإماراتية على تركيا، بحسب رئيس مجلس الأعمال التركي الإماراتي "توفيق أوز".

ويقول الأكاديمي بجامعة إسطنبول "ويسل كورت"، في مقال نشرته "الأناضول"، إذا لعبت تركيا دوراً محوريا في الوصول لأوروبا (إيصال البضائع الإماراتية) فسوف يزيد ذلك من حجم التجارة بين البلدين. كما أن التواجد الإماراتي في السواحل الأفريقية يمكن أن يزيد القنوات الاقتصادية لتركيا الممتدة في المنطقة.

وبالنظر إلى أن دبي تعد ثالث أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم (بعد هونج كونج وسنغافورة)، فإن ذلك يوفر أيضا فرصا جذابة لرجال الأعمال الأتراك لزيادة حجم صادراتهم إلى دول الخليج، خاصة الكويت والبحرين والسعودية وعُمان.

تفاهمات إقليمية

مع بروز الجانب الاقتصادي على الأجندتين الإماراتية والتركية، كانت السياسة حاضرة بقوة على الطاولة بين قوتين إقليميتين، كل منهما له أدواته وقواه الخشنة والناعمة، وتأثيراته في المحيطين الإقليمي والدولي.

بشكل أكثر وضوحا، هناك تماس بين أبوظبي وأنقرة في ملفات مهمة تتعلق بسوريا وليبيا ومصر وإثيوبيا والصومال وشرقي المتوسط، وإيران واليمن وأمن الخليج.

ووفق المحلل السياسي التركي "يوسف أوغلو"، فإن التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان، يدفع دول الخليج، خاصة الإمارات، إلى تعزيز أمنها القومي، عبر اللجوء لتركيا كصمام أمان، ودولة إقليمية كبرى لها دور متنام.

ومما لا شك، فإن التقارب الإماراتي - التركي، سيدفع إلى إحداث تقارب تركي مع السعودية والبحرين ومصر، وأيضا قد يكون هناك ملفات أو مشروعات مشتركة في المنطقة لدعم حلول وتقديم مبادرات إقليمية، وهو ما يصب في مصلحة الأمن الخليجي والعربي، بحسب صحيفة "الرؤية" الإماراتية.

وحينما يصرح نائب رئيس الإمارات، حاكم دبي "محمد بن راشد"، عبر "تويتر"، بأنه "متفائل باستقرار وازدهار كبير تقوده الإمارات وتركيا في المنطقة"، فإن مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الاستراتيجية يجري تدشينها بوتيرة متسارعة بين الإمارات وتركيا.

في المقابل، رد "أردوغان" بالتأكيد على دعم أمن واستقرار الإمارات، وإن تركيا لا تفرق بين أمننا وأمن منطقة الخليج، مبديا عزمه على مواصلة بذل الجهد على أساس الاحترام والثقة المتبادلة من أجل مستقبل المنطقة.

وكتب "أردوغان" في مقال نشرته صحيفة "خليج تايمز" الإماراتية، قائلا، إن "تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معًا في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي"، مضيفا: "سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضًا على المستوى الإقليمي".

مكاسب أنقرة

الزيارة تمنح "أردوغان" نقاطا جيدة خلال العام الجاري، مع انتهاجه سياسة تصفير المشاكل، والتقارب مع الإمارات والسعودية ومصر، والحوار مع اليونان وأرمينيا، خاصة قبيل الانتخابات الرئاسية التركية، يونيو/حزيران 2023.

وسيكون بإمكان أنقرة، طرح وربما فرض رؤيتها بشأن ملفات المنطقة، استنادا إلى تأثيرها الإقليمي، وشراكتها مع قطر، وعلاقاتها الوثيقة مع إيران، مدعومة بثقل عسكري واستخباراتي ملموس.

وفي ضوء حملة إعادة ترتيب العلاقات الدولية التركية، التي تنفذها أنقرة، ستوفر الزيارة أرضية صلبة أمام "أردوغان" لتهدئة التوتر في المنطقة، وحل الاشتباك القائم بين البلدين في أكثر من بؤرة ساخنة، وربما تحييد التدخل الإماراتي في ليبيا وتونس وشرقي المتوسط، ووقف دعم أبوظبي للمعارضة التركية.

ويرى المحلل السياسي التركي، "معين نعيم" أن تركيا ستستفيد من الإسناد والدعم الإماراتي لها، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة ومنها تركيا؛ جراء تداعيات جائحة "كورونا"، الأمر الذي يؤكد أن البوابة الإماراتية ستكون منصة إنعاش للاقتصاد التركي، والعملة المحلية.

ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة داعمة لفتح آفاق شراكات استراتيجية إماراتية - تركية، على مستوى الدول الأخرى، سيتبعها بالتأكيد علاقات إيجابية مع دول أخرى كالسعودية والبحرين، بما يفضي إلى حوار تركي خليجي وثيق، وشراكة أعمق بين أنقرة وعواصم الخليج.

مكاسب بالجملة تتصدر حصاد زيارة "أردوغان" لأبوظبي، والذي سبق أن نال امتيازات عدة، قبل أقل من 3 شهور، خلال زيارة ولي العهد "محمد بن زايد" لتركيا، الذي قدم صندوق استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاقتصاد التركي، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويبدو أن "تصفير المشاكل" مع أبوظبي التي اتهمت في وقت سابق بدعم الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، يوليو/تموز 2016، سيعود على أنقرة بمزايا استراتيجية، ومنافع أمنية وعسكرية واقتصادية جمة، خاصة أن البلد الخليجي هو الآخر بصدد "تصويب المسار" في علاقاته الإقليمية والدولية، بشكل يحمل توجها عمليا نحو تقدير النفوذ التركي، والتقارب والاستفادة منه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الإمارات أردوغان محمد بن زايد العلاقات التركية الإماراتية الخليج الاقتصاد التركي ليبيا إيران

الإمارات المنهكة تتطلع إلى إصلاح العلاقات مع تركيا

أردوغان يعلق على التعاون الفضائي بين تركيا والإمارات

أردوغان: ننتظر تقدما في الحوار مع السعودية

نتائج مهمة.. ما هي أصداء زيارة أردوغان إلى الإمارات؟

صندوق النقد: 2.2% توقعات نمو اقتصاد الإمارات في 2021

إطلاق محادثات شراكة اقتصادية شاملة بين الإمارات وتركيا