في ذروة الدعاية الفلسطينية التي تتهم (إسرائيل) بـ«اعدام الاولاد»، وبعد قضية المبحوح بخمس سنوات، سمحت أبوظبي، عاصمة دولة الامارات، لـ(إسرائيل) وبشكل علني فتح ممثلية سياسية. «انجاز سياسي» كما كتبت «هآرتس» في 27/11.
الفضل يعود في هذا الانجاز لمدير عام وزارة الخارجية دوري غولد، لكن مع ذلك يجب القول إن هذه الخطوة الحكيمة تعكس التحرر البطيء للدول العربية من الارتباط مع الفلسطينيين منذ عام 1948.
وبمعنى أعمق هذا انجاز معنوي عربي أكثر من كونه انجازا سياسيا إسرائيليا. فـ(إسرائيل) ليست بحاجة إلى تحرر نفسي من أجل اقامة علاقات مع دولة إسلامية، بما في ذلك إيران. هذه الانظمة لم تعد الآن تستند في شرعيتها إلى العداء لـ(إسرائيل).
يتضح أن «المشكلة الفلسطينية» أصبحت على الهامش ولم تعد تمثل الغطاء لاخفاقات الانظمة.
في أعقاب تراجع الولايات المتحدة بشكل تدريجي عن التزامها في المنطقة، فان السعودية والاردن ومصر والامارات بحاجة إلى (إسرائيل) الآن بنفس القدر ـوربما أكثرـ من حاجة (إسرائيل) اليهم.
التراجع الحاد في طلب نفط الشرق الاوسط عمل على اضعاف هذه الدول اقتصاديا، لذلك من الناحية السياسية فان إيران، داعش والتنظيمات الإرهابية تهدد أنظمتها، فيما تظهر الولايات المتحدة أنها باعت الاكراد للاتراك وباتت سندا ضعيفا.
صحيح أن قوة (إسرائيل) الاستراتيجية في المنطقة لا تقارن بالولايات المتحدة، ولكن بسبب قدراتها التكنولوجية والعسكرية والاستخبارية فانها قادرة على أن تكون مسندا استراتيجيا، ولو بشكل جزئي، لدول كثيرة تحارب من قوات تريد اسقاطها. الانظمة التي نجت من الهزة الارضية للربيع العربي بحاجة إلى (إسرائيل) في وجه منظمات الدمار التي تملأ المنطقة وترسل اذرعها ايضا إلى اوروبا وايضا حسب تقديرات اولية إلى كاليفورنيا.
مصالح (إسرائيل) في المنطقة غير مرتبطة بمصادر الطاقة او باستغلال التنافس بين القوى العظمى، انها وجودية ولا تتغير. اعتراف الدول العربية بدولة يهودية سيادية هو مصلحة عليا، و(إسرائيل) ستكون حليفة مخلصة للدول التي تحتاج لها. في الماضي كانت الولايات المتحدة واوروبا تحاولان اقناع الدول العربية بتليين موقفها وعدائها تجاه (إسرائيل) واقامة علاقات معها، ويبدو اليوم انه توجد دول عربية قادرة على القول للغرب كيف يمكن التحرر من مقولة «طالما لم تحل القضية الفلسطينية» فان المنطقة لن تهدأ ولن تقام علاقات مع (إسرائيل).
من شأن التطور الحالي خلق تحول كبير ولدى الفلسطينيين ايضا، حيث سيتضح ان الشرق الاوسط الجديد ليس أسيرا للرفض، وقد يجد الفلسطينيون أنفسهم بدون المؤيدين والممولين الاساسيين، ويا ليتهم يضعون حينها حدا للإرهاب والرفض.