اعتبرت الإمارات العربية المتحدة، على لسان مديرة إدارة الاتصال في وزارة الخارجية، مريم الفلاسي، أنّ لا تغيير في علاقة البلاد مع الإسرائيليين، وأنّ أي اتفاق بين إسرائيل ووكالة "إيرينا" (الوكالة الدولية للطاقة المتجددة)، التي تتخذ أبوظبي مقراً لها، أمر لا يخص العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية.
جاء ذلك بعد أنباء أبرزتها الصحافة الإسرائيلية تقول إنّ إسرائيل ستفتح مكتبا تمثيليا لها في أبوظبي، وذلك كممثل دائم في "إيرينا".
وعملياً، تحاول الأوساط الإسرائيلية الترويج دائماً لوجود مثل هذه العلاقات، ويتضح في كثير من الأحيان التزوير والمبالغة. لكن السعي إلى مثل هذه العلاقات في الوقت الراهن لن يتوقف، وغالبا سيلقى دعما أميركيا، وربما يكون هذا في سياق السعي إلى المزيد من تهميش المسألة الفلسطينية.
في السياق الترويجي ذاته لخبر "إسرائيل-إيرينا"، كتب سيمون هندرسون، الباحث المتخصص بالطاقة والخليج، في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الأميركي المعروف بتوجهاته الصهيونية، تحليلا بعنوان "مكتب دبلوماسي إسرائيلي جديد في الإمارات هو مؤشر نادر على اتجاه أوسع"، مشيرا لعلاقات إسرائيلية-خليجية لكن من دون أي معلومة ملموسة.
هذا رغم أنّ هندرسون نفسه لفت إلى أنّ مكتبا من هذا النوع قد يكون شبيها بوجود مكتب إيراني في نيويورك لدى الأمم المتحدة، رغم عدم وجود تمثيل دبلوماسي إيراني في الولايات المتحدة الأميركية، أي إنه أمر لا يتعلق بالدول التي تستضيف المنظمة الدولية. لكنه استدرك قائلا إنّ "ترتيب إيرينا" أكثر أهمية، من دون أن يوضح لماذا هو مختلف أو أكثر أهمية.
بالتأكيد أن خبر وجود تمثيل من أي نوع لأي شيء إسرائيلي في أي بلد عربي هو أمر مؤسف ومحزن، حتى إن كان ذلك ثمنا أو التزاما تفرضه ضيافة أي دولة لهيئة دولية، ويجدر البحث عن سبل منع ذلك. لكن هناك عملية تضخيم وتحوير واضحة في الإعلام الإسرائيلي للموضوع.
بالمثل، هناك حديث متواتر في بعض وسائل الإعلام عن تنسيق أو عمل إسرائيلي خليجي مشترك للتصدي لإيران، مع تجاهل هذه المصادر ذاتها عادة التنسيق الروسي-الإسرائيلي الرسمي والمعلن في عملية موسكو العسكرية الراهنة لحماية النظام السوري، حليف إيران الأول في المنطقة. ويتم تجاهل ذلك لصالح الحديث عن "أسرار" إسرائيلية-خليجية.
هذا لا يشكل بأي شكل من الأشكال دفاعا عن دول الخليج العربية، ولا شك أن عدم الفاعلية العربية عموماً، ومنها الخليجية، في الملف الفلسطيني، هو الذي يفتح الباب لمثل هذه الأخبار والتصريحات. ولكن أيضاً هو عدم انجرار لمحاولات إسرائيلية نشر أخبار عن اختراقات مزعومة في التطبيع.
أذكر قبل سنوات، أنّ صحيفة إسرائيلية نشرت تقريراً لصحفي قالت إنه مراسلها في الإمارات. وعندما تتبعتُ الموضوع وجدت أن الصحفي يعلن عن نفسه أنّه صحفي متنقل يعمل لحسابه الخاص ويبيع قصصه لمن يشتريها (وهو ليس إسرائيليا). وفي حالة أخرى، نشرت صحيفة إسرائيلية حوارا مع فتاة إماراتية، وصفتها بأنها باحثة في مركز أبحاث حكومي. وعند تقصي الأمر اتضح أنّ الصحفي (وهو ليس إسرائيليا) عمل في الإمارات سابقا في مجال البحث، واتصل بالفتاة يسألها رأيها باعتباره يجري بحثاً، وحاورته من دون أن تعلم أنه يعد لقاءً صحفياً، أو أنّ له علاقة بالإعلام الإسرائيلي. وهذه مجرد أمثلة على عمليات ترويج الإشاعات الإسرائيلية أو تضخيم أمور توحي بوجود علاقات إسرائيلية خليجية.
يهدف ترويج مثل هذه الأنباء حالياً، من بين أمور أخرى، إلى ضرب فكرة المقاطعة عالمياً، بالقول إنّ العلاقات تتسع مع العرب أنفسهم. وثمة هدف آخر هو توجيه رسالة للقيادة الفلسطينية بأن كل شيء من حولها ينهار، ولا أهمية لمطالبها بالتدويل أو الحماية الدولية أو غير ذلك. وهي رسالة للفلسطينيين عموماً أنْ لا أمل في أي تقدم أو إسناد.
ما هو أكيد أنّ حالة الارتباك الرسمي الفلسطيني في تطوير استراتيجية للتعامل مع الهبة الشبابية الشعبية الفلسطينية الراهنة، هو سبب رئيس في الوقت الراهن لعدم تطور حالة التضامن العربي مع الفلسطينيين وهبتهم إلى شيء عملي، يوجه رسالة واضحة ضد كل طروحات التنسيق الإسرائيلي-العربي.