رئيس جديد للموساد .. والأولوية زيادة الانفتاح على دول الخليج

الأحد 13 ديسمبر 2015 12:12 ص

يتساءل المراقبون حول سر هذا الانفتاح الخليجي المتزايد علي الدولة الصهيونية؟ وهل هو «انفتاح اضطراري» بعدما جمع الطرفان تصاعد النفوذ الايراني في المنطقة كما هو في الحالة السعودية، أم أنه أم «انفتاح مصالح اقتصادية» كما ظهر في النموذج الإماراتي عبر فتح مكتب مصالح إسرائيلي في أبوظبي تحت مظلة منظمة «أرينا»، التي تستضيفها الإمارات وتسعي عبر هذه المؤسسة لفتح أبوابها للتقدم الغربي في مجال الطاقة المتجددة، مما يعود على اقتصادها بالنفع بعد نضوب النفط. أم أنه «انفتاح استخباراتي» كما عبّر عنه «نتنياهو» قائلا: «التطبيع مع دول الخليج أولوية رئيس الموساد الجديد».

في التسعينيات، شرعت (إسرائيل) في إنشاء تمثيليات دبلوماسية صغيرة وُصفت بأنها تجارية أو مكاتب اتصال في كل من قطر وسلطنة عمان، (على الرغم من أن مسقط والدوحة لم تتابعا هذا النهج عبر فتح مكاتب مثيلة لهما في إسرائيل)، كما يقول «سيمون هندرسون» في تحليل بموقع «معهد واشنطن».

ولكن فيما يبدو، فإن التبادل الرسمي بين الدبلوماسيين الإسرائيليين والإماراتيين يعود إلى أكثر من عقد من الزمن، وقد شجعت واشنطن قيام مثل هذه الاتصالات منذ فترة طويلة، حتي أن «هندرسون» يشير إلى أن المكتب التي فتحته (إسرائيل) في أبوظبي مؤخرا ليس الأول من نوعه، ولكن هناك «القنصلية التي يحيطها التكتم والتي تم الكشف عن وجودها (ولكن ليس موقعها)، في وثيقة ميزانية إسرائيلية تم تحريرها عَرَضاً على ما يبدو في عام»، بحسب قوله.

الملفت أيضا أن التجارة الإسرائيلية مع دول خليجية في نمو مستمر، بحسب الأرقام الإسرائيلية المعلنة، وهي تجارة انتعشت عقب الغزو الامريكي للعراق وتحديدا أوائل 2004، ولم تتأثر هذه العلاقات الاقتصادية بعوامل المد والجزر السياسي. ولكن في الآونة الأخيرة، تضافرت عدة عوامل ساهمت في تعزيز التقارب السياسي، أولها توافق المصالح فيما يخص مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة، وثانيها القلق المشترك لدول الخليج، وخاصة الإمارات، و(إسرائيل) حول التحدي الذي تطرحه جماعة «الإخوان المسلمين» والتيارات الإسلامية السياسية منها والجهادية.

الروابط بين (إسرائيل) والإمارات

أشار تقرير نشره موقع «هافينغتون بوست» في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى علاقة السفير الإماراتي لدى واشنطن، «يوسف العتيبة»، بالسفير الإسرائيلي، وحدد التقرير بصورة أوضح طبيعة العلاقات وهدفها السياسي والاقتصادي.

فقد أشار كتّاب المقالة إلى التداخل ما بين وجهة نظر الإمارات المشككة بإيران والمواقف التي اتخذتها (إسرائيل) و«لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية»، وأوضح التقرير أن «مسؤولاً أمريكيا رفيع المستوى قال إن العتيبة والسفير الإسرائيلي رون ديرمر قريبان جداً، وأنهما متفقان على كل شيء تقريبا».

وأضاف المقال أن «مسؤولاً رفيع المستوى في السفارة الإسرائيلية أكد على قيمة هذا التحالف الاستراتيجي»، معتبراً أن «وقوف إسرائيل والعرب معاً يشكل الورقة الرابحة الأكيدة، لأنه يتخطى السياسة والإيديولوجيا، فعندما تقف إسرائيل والدول العربية إلى جانب بعضها البعض، يصبح موقفهم قويا» بحسب قوله.

 ووفقاً لـ«هافينغتون بوست»، فقد دعا السفير الإسرائيلي «ديرمر» السفير «العتيبة» لحضور خطاب «بنيامين نتنياهو» حول إيران أمام الكونجرس، لكن السفير الإماراتي رفض بسبب الحساسيات السياسية في وطنه.

السعودية و(إسرائيل)

ظهرت هذه الروابط  مع قيام مسؤول الاستخبارات السعودي السابق الأمير «تركي الفيصل» بكتابة مقال في صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية العام الماضي، سوى الاتصالات السعودية الإسرائيلية المتكررة عبر جلسات «مجلس العلاقات الخارجية» في واشنطن، وأبرزها في أوائل يونيو/حزيران الماضي حينما ألتقي «دوري غولد»، أحد المقربين من «نتنياهو» مع الجنرال السعودي المتقاعد «أنور عشقي».

وقد كشف الرجلان عن عقدهما سلسلة من الاجتماعات تبادلا خلالها وجهات نظرهما حول الشرق الأوسط، وتقول دراسة نشرها موقع «فوكس كوورترلي» أن لقاء «غولدمان – عشقي»، كان «عبارة عن رسالة لإدارة أوباما بأن (إسرائيل) والمملكة العربية السعودية لديهما اهتمامات مشتركة حول قضية إيران ويجب على واشنطن أن تدرك ذلك».

وعلى الرغم من أن أن «دوري غولد» هو شخصية أكثر أهمية في (إسرائيل) بشكل واضح من «عشقي» بالنسبة إلى المملكة، إلا أن هذا الأخير لم يكن باستطاعته أن يتحدث علنا من دون علم وموافقة سعودية رسمية.

وهناك تقارير صهيونية تتحدث عن أن هذه الروابط، مع المملكة العربية السعودية، تعود إلى زمن بعيد حتى قبل إنشاء «مجلس التعاون الخليجي» في عام 1981 عندما ألقى العاهل السعودي الملك «فهد» هذه المهمة على عاتق رئيس المخابرات السعودية آنذاك، الأمير «تركي الفيصل»، أو الشيخ «كمال أدهم» عندما كان رئيساً لـ«مديرية المخابرات العامة» السعودية ما بين عامي 1965 و1979، قبل تولي الأمير «تركي» هذا المنصب.

عمان وقطر أيضا

من المرجح أن اتفاقيات أوسلو التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع (إسرائيل) في عام 1993 كانت بداية هذا الانفتاح الخليجي على (إسرائيل)، ففي العام التالي 1994، ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك «إسحق رابين» إلى عُمان والتقى بالسلطان «قابوس». وبعد ذلك بعام، بعد اغتيال «رابين»، ذهب وزير الخارجية العماني «يوسف بن علوي» إلى القدس للاجتماع بالقائم بأعمال رئيس الوزراء في ذلك الحين «شمعون بيريز». وفي عام 1996، وقعت الدولتان اتفاقاً يفتح بموجبه كل منهما مكاتب تمثيل تجارية. وفي العام نفسه، اتفقت قطر و(إسرائيل) على فعل الأمر نفسه.

وقد زار بيريز العاصمتين الخليجيتين، وتم إنشاء المكتبين التجاريين وضم كل منهما ثلاثة دبلوماسيين، لكن عمان أغلقت المكتب الإسرائيلي في عام 2000 في حين استمر المكتب القطري حتى عام 2009.

ومع هذا، تقول صحف تل أبيب أن العلماء الإسرائيليين يواصلون التعاون مع سلطنة عمان في تقنيات تحلية المياه، أما الدوحة فهي تحافظ على علاقاتها مع تل أبيب كوسيلة لتحسين علاقاتها مع واشنطن.

فلسطين ضحية للتطبيع

عندما أصدر «بنيامين نتنياهو»، رئيس الحكومة الإسرائيلية، قراراً بتعيين مستشار رئاسة الوزراء للأمن القومي الحالي، «يوسي كوهين»، (وهو يهودي متدين يحظي بدعم الحاخامات) رئيساً لجهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة الموساد، كان من المفلت هو تركيز صحف تل أبيب على أن «التطبيع مع دول الخليج أولوية رئيس الموساد الجديد».

فقد تم اختيار «كوهين» وفق رؤية حكومة «نتنياهو» للأولويات الأمنية والسياسية الخارجية لإسرائيل والتي تتركز في فتح مجالات تعاون استراتيجي بين دولة الاحتلال وبين دول عربية معتدلة، بما في ذلك دول الخليج. إضافة إلى التعاون مع هذه الدول للتصدي لإيران، وكذلك التعاون ضد «الإرهاب»، والذي بحسب المفهوم الإسرائيلي يتضمن تنظيم «حزب الله».

غالبا ما كانت العلاقات بين دول خليجية و(إسرائيل) مغلفة بالسرية، حيث تفضل هذه الدول إدارة العلاقات الثنائية في الغرف المغلقة، مع التدرج في إعلانها من حين إلى أخر، وهذا يتطلب إدارة مرنة للعلاقات. وهنا يبرز دور «كوهين»، ما يعني توقع أن تشهد العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل انفتاح وطفرة كبيرة في السنوات الثلاث المقبلة، وربما تخرج عن إطار السرية.

عندما تم افتتاح ممثلية دبلوماسية لـ(إسرائيل) في أبوظبي، والذي جاء متزامنا مع تعيين «كوهين»، صرح «نتنياهو» بالقول إن: «الموساد يقدم يد العون في النواحي الدبلوماسية، بمساهمته بتطوير إسرائيل السياسية والدبلوماسية في كل أنحاء العالم، بما يشمل دولا عربية وإسلامية».

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال مؤتمر المناخ في باريس قوله: «التقيت زعماء عرب وإسلاميين معتدلين قدروا موقف إسرائيل بتصديها للتطرف الراديكالي للقوى الإسلامية المتطرفة»، وقال أنه صافح زعماء عرب من غير من نقيم معهم علاقات دبوماسية رسمية (مصر والأردن).

وقد رجحت صحيفة «إيكونوميست» البريطانية في افتتاحية لها مؤخرا هذا التوجه أيضا حينما قالت أن: «اختيار يوسي كوهين يصادق المساعي الإسرائيلية في توسيع قنوات التعاون الغير معلن والغير رسمي بين تل أبيب ودول عربية، حيث أن نتنياهو، على عكس سابقيه، لا يهتم بمسألة فتح سفارات متبادل بين إسرائيل وبين بلدان عربية، ولكنه يفضل التعاون مع ملوك وطغاة المنطقة وإقامة تحالفات مريحة معهم، لهذا فأن كوهين المتمرس في الشئون العربية ويجيد اللغة العربية يعد اختياراً مناسباً من أجل شق ممرات دبلوماسية سرية في الشرق الأوسط».

إجهاض انتفاضة القدس

وكشف الجنرال «عاموس جلعاد»، رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الحرب الإسرائيلية، النقاب عن أن دولًا عربية تدخلت لوقف ما اسماه «التحريض» على التظاهر في القدس والمسجد الأقصى، رافضًا الإفصاح عن أسماء هذه الدول.

وأوضح «عاموس جلعاد» في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن جهود الدول العربية التي تدخلت استجابة لتحرك سياسي ودبلوماسي إسرائيلي مكثف «أسفرت عن نتائج إيجابية»، زاعما أن «مستوى التحريض» قد تراجع.

ونوه التليفزيون الإسرائيلي إلى أن «نتانياهو» يستغل الحساسية التي تبديها الأنظمة العربية تجاه جماعة «الإخوان المسلمين»، بهدف شيطنة المتظاهرين المقدسيين. ونقل التليفزيون عن مصدر في مكتب «نتنياهو» قوله: «نحن على علم أن حركة حماس والحركة الإسلامية بقيادة رائد صلاح تقف خلف هذه المظاهرات، وهؤلاء ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وهدفهم زعزعة استقرار المنطقة عبر تفجير قضية القدس».

  كلمات مفتاحية

(إسرائيل) تطبيع السعودية الإمارات عمان

النظام العربي وظاهرة التطبيع المجاني مع (إسرائيل)

التطوّر الذي تحققه (إسرائيل) في الخليج

الخليج والإسرائيليون

«حركة مقاطعة إسرائيل»: الإمارات تدشن فصلا خطيرا من التطبيع مع الاحتلال

محللون: مكتب (إسرائيل) في وكالة الطاقة المتجددة بأبوظبي تأشيرة دخول إلى دول الخليج‎

«هآرتس»: افتتاح أول تمثيلية دبلوماسية إسرائيلية في أبوظبي خلال أسابيع

فيلم فيروسي!