استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«بيانات داعش» .. مضامين ورموز الإرهاب

الاثنين 7 ديسمبر 2015 04:12 ص

من الصعب الجزم بوجود جهة واحدة، داخل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، تكتب بيانات تبني العمليات الإرهابية التي يزعم التنظيم أنه خطط لها ونفذها. ولكن مع هذا، يمكن قراءة مضامين هذه البيانات الإعلامية، من أجل الكشف عن الطريقة التي يريد التنظيم أن يبرر بها عملياته، سواء لجمهوره وأنصاره، أو مناوئيه. والتي تتراوح بين مبررات دينية وعقائدية، محضة، أو المزج بينها وبين التبريرات السياسية، أو حتى إضافة تبريرات أخرى، في حالات نادرة، من أجل ملامسة أعراف وتقاليد قبلية، أو الاستفادة من تناقضات في الشعور الوطني، أو المناطقي، للوصول لأقصى «فاعلية» في خطابه الإعلامي. 

التباس السياسي والديني في بيانات «داعش» أمر ظاهر، ومفسر، وقد يكون مضللاً في كثير من الأحيان. إذ يتم تناول ظاهر نصوص البيانات كدلالة عما يريده التنظيم، أو دوافعه، بينما يمكن اعتبار هذه اللغة جاءت بهدف استثمارها في مشروع أكبر، من خلال صياغتها بلغة محددة، ووضعها في سردية مختلفة، وبهذا لا تكشف البيانات فعلاً عن كل ما يريده. بكلمات أخرى، يريد «داعش» الوصول إلى أهداف جديدة مختلفة، من خلال لغة صياغة بيانات تبنّي العمليات، لتضاف إلى أهداف العملية الإرهابية نفسها. فهو يستثمر في العملية، وفي القالب الإعلامي الذي وضعت فيه.

فعلى سبيل المثال، وفي بيان تبنّي «داعش» لاستهداف مسجد الإمام الصادق في الكويت، أكد على هوية «طائفية» و«مناطقية» لمنفذ العملية، وهي طريقة لا يستخدمها عادة في لغة خطاباته. فقد أشار في البيان إلى أن الانتحاري انطلق من «ولاية نجد» وهو من «أهل السنة» بينما – على سبيل المثال – في استهداف حافلة قوات الأمن الرئاسي في تونس، لم يشر إلى الهوية «الطائفية» للمنفذين، كما لم يشر إلا في حالات نادرة للمنطقة التي جاء منها الانتحاري، هذه إحداها، إذ غالبًا ما كان يكتفي بكُنية منفذ العملية، للتدليل على المنطقة التي قدم منها، كاستخدام كنية «الجزراوي» للكناية عن أن منفذ العملية من السعودية في أغلب الأحيان.

حرص التنظيم في كل البيانات التي تبنت عمليات إرهابية كان ضحاياها من الشيعة، على أن يركز على التبريرات العقدية والدينية، ويهمش العام السياسي، أو يتجاهله تمامًا. بعكس ما يفعله في بيانات العمليات التي استهدفت مصالح أوروبية، حيث وُضعت إشارات دينية وعقدية، واستخدمت الحمولة التاريخية كوصف «صليبي» لكن التبريرات السياسية كانت أوضح وأكثر حضوراً.

استغراب غياب التبرير السياسي، نابع من طريقة فهم داعش، فهو وإن كان تنظيما إرهابيا يحمل أيديولوجيا دينية، إلا أنه منظمة سياسية، تريد أن تقيم «الخلافة» وتحكم «دولة» وتسير أمور «أمة». فهوية التنظيم السياسية جزء أساسي من مبررات وجوده، ومن تنظيراته حول «إقامة حكم الله» وقتال «حكومات الطواغيت»، وبالتالي يجب أن تؤخذ عملياته في هذا السياق، كمظلة أوسع.

في تبني «داعش» لاستهداف تفجيرات ضاحية بيروت الجنوبية، لم يستخدم أي لغة سياسية في البيان، بل استخدم تبريرات عقدية وطائفية محضة، كـ«الثأر لعرض أمهات المؤمنين والصحابة»، فلم يتحدث عن انخراط حزب الله، وهو المستهدف في برج البراجنة، في سورية، على سبيل المثال. أو أي مبرر سياسي آخر، بعكس ما فعله في تبني عمليات باريس.

يريد التنظيم، وهذه صبغة عامة في بياناته التي يتبنى فيها عمليات إرهابية ذات حمولة «طائفية» كما أسلفت، أن يضع الصراع في إطار طائفي بشكل جوهري ومحض، باعتبار أن المعركة يجب أن تكون مواجهة «على الهوية» شاملة ومفتوحة، من وجهة نظر التنظيم بالطبع، لا مجرد خلاف سياسي هنا أو هناك، مع هذا الحزب أو تلك الجهة، بشكل محدد وحصري.

يدرك «داعش» أن عملياته ستكون مستنكرة بصورة أكثر شمولاً، خاصة تلك التي تبناها في دول خليجية، لذا عمد على سبيل المثال لمخاطبة المستنكرين بصورة مباشرة، كما في بيان تبني استهداف مسجد في بلدة «القديح» شرقي السعودية، حيث جاء في البيان: «ونقول لمن استنكر وسيستنكر هذه العملية المباركة، بأن كفوا عنا جشاءكم وجعجعتكم، فما استمعنا لكم يوما»، متوعدا بعمل المزيد من العمليات حتى «إخراج المشركين من جزيرة العرب».

على العكس من هذا الخطاب الطائفي، وفي تبني «داعش» لإسقاط الطائرة الروسية، وللعمليات الإرهابية في باريس، حرص بشكل واضح على أخذ العامل السياسي بالاعتبار، ووضعه في مكانة أساسية وظاهرة. فكتب بيان تبني إسقاط الطائرة الروسية: «لتعلموا أيها الروس ومن حالفكم أن لا أمان لكم في أراضي المسلمين ولا أجوائهم، وأن قتل العشرات يوميا على أرض الشام بقصف طائراتكم سيجر عليكم الويلات».

تكرر هذا مع بيان تبني العمليات في فرنسا، والذي وصف باريس بأنها عاصمة «العهر والفجور»، وكأن «داعش» رقيب أخلاقي، ووصف الضحايا بأنهم «صليبيون»، في استحضار لحمولات هذا الوصف التاريخية السلبية، ولكن الفقرة الأخيرة، والتي وضعت لتبرير العملية، جاءت بنكهة سياسية أيضا. جاء في البيان: "ولتعلم فرنسا ومن يسير على دربها أنهم سيبقون على رأس قائمة أهداف الدولة الإسلامية... ما داموا قد تصدروا ركب الحملة الصليبية، وتجرأوا على سب نبينا ... وتفاخروا بحرب الإسلام في فرنسا وضرب المسلمين في أرض الخلافة بطائراتهم".

وتأتي هذه الصياغة لأسباب مختلفة، منها على الأرجح، التأكيد على خطاب في الإعلام الغربي، يؤكد أن التنظيم «قد» يتوقف عن استهداف الدول الغربية، حال تركت الأخيرة التدخل في شؤونه.

من يقوم بكتابة بيانات «داعش»، يعمد إلى استحضار أكبر قدر ممكن من الرموز التي تلامس عاطفة المتلقي، دينية كانت أو غير دينية. فعلى سبيل المثال، في بيان تبني استهداف نادي الضباط في مدينة العريش في سيناء المصرية، ذُكر ضمن مبررات العملية، بأنها: «ردا على اعتقال حكومة الردة لنساء قبائل سيناء». في محاولة لملامسة الشعور القبلي لأهل المنطقة لاستمالتهم.

يمكن قراءة صبغة عامة للبيانات، وبغض النظر عن قراءة دوافع العمليات بين طيات السطور، فإن الثابت الأبرز هو «تكفير» الفئة المستهدفة. وبينما يكون التكفير الطائفي، أو التعامل مع غير المسلمين، واضحا في خطابه بصورة عامة، فإنه يعمد إلى وصف المنتمين إلى مذهبه، بأنهم «مرتدون». وهذا لا يأتي فقط لتبرير قتلهم، ولكن لتبرير «الموت» من أجل قتلهم، في العمليات الانتحارية.

ففي استهداف حافلة الأمن الرئاسي التونسي وُصف الجنود بأنهم «مرتدون»، وكذلك في استهداف مسجد قوات الطوارئ السعودية في عسير، حيث جاء في البيان: «انطلق جندي الخلافة ... ملتحفا حزاما ناسفا، صوب صرح من صروح الردة العائدة لما يعرف بـ قوات الطوارئ».

يمكن وضع عدة اعتبارات لقراءة الطريقة التي يكتب فيها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بياناته. فالتنظيم الإرهابي (أيّ تنظيم) هو سياسي في جذره، فأبسط تعريف للإرهاب هو «استخدام العنف للوصول لنتائج سياسية» وهذا إطار عام لتحليل خطابه.

الأمر الآخر، تأكيد أن «داعش» يحاول استغلال أي تناقضات طائفية، أو اجتماعية، قبلية ومناطقية، ليتسرب من خلالها، مستفيدا من تجربته في العراق وسورية وليبيا، والتي نجح فيها مع من يعتبرهم «أعداءه» في تقسيم المجتمعات هناك تقسيمات طائفية أو قبلية، وإن كان هذا يحدث بالتوازي مع تنكيله بالطائفة التي يدعي أنه يدافع عنها، ليتوج نفسه مصدراً وحيداً للسلطة.

  كلمات مفتاحية

داعش الدولة الإسلامية الإرهاب الخلافة السعودية باريس العراق سوريا الطائفية الهوية

هزيمة «داعش».. مهمة دولية وعربية

موسم التعهدات بمحاربة «داعش» .. أهداف مختلفة تنتظر النتائج

شراكة «داعش» و«ترامب».. وتأجيج الإسلاموفوبيا!

«داعش».. لماذا نجحت الرواية الأخرى؟

تحليل من الصحافة الإسرائيلية: «داعش» لا يخافون أحدا !

ملهاة الحرب على «داعش»!

ثنائيات قاتلة .. الدكتاتور أو الإرهاب!

لماذا ينتشر الإرهاب؟