"مع تضاؤل الحريات وانهيار الاقتصاد وزيادة الغضب في تونس، والميل نحو الديكتاتورية، تتزايد المخاوف من انهيار الأمل الأخير للربيع العربي"..
هكذا سلط موقع "بلومبرج" الضوء على انعكاس أولويات الرئيس "قيس سعيد" على الأوضاع السياسية والاقتصادية في بلاده، مشيرا إلى أن تلك الانعكاسات تتجه بالبلاد نحو اضطرابات جديدة.
وأورد الموقع الأمريكي، في تقرير له، نموذجا لتردي الحالة السياسية، متمثلا في مقدم البرامج التلفزيونية "عمرو عياد"، الذي اعتقلته الشرطة فجرا بعدما استخدم منبره لتصوير الرئيس التونسي بالديكتاتوري الطامح، ليتم عرضه على محكمة عسكرية بتهمة "التشهير بالرئيس وتدمير معنويات الجيش".
وبقي "عياد" في السجن 7 أسابيع، ثم عاد، في 3 أكتوبر/تشرين الأول إلى بيته في المنستير بانتظار محاكمته، ومُنع من السفر.
وأنكر "سعيد" أنه يريد إقامة حكم الرجل الواحد، وتعهد بحماية الحريات، لكن الكثيرين رأوا في معاملة "عياد" ضوءا أحمر عن حالة الديمقراطية التونسية، وهي الإنجاز الوحيد لثورة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور "زين العابدين بن علي"، وألهمت ثورات الربيع العربي.
وبعد انتخابات فاز بها بأغلبية مطلقة عام 2019، باتت أولوية أستاذ القانون السابق هي "الاستيلاء على السلطة وقمع المعارضة بشكل يعيد أصداء أيام بن علي"، بحسب التقرير.
وتواجه التظاهرات، التي كانت علامة للحياة السياسية التونسية خلال العقد الماضي بسبب عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على مواجهة مشاكل البلاد، قمعا متزايدا، وارتفع عدد حالات الاعتقال السرية لمن يُعتقد أنهم معارضون، كما كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش".
وتأتي تلك التطورات في وقت عصيب تشهده الزراعة والسياحة في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا، ما اضطر السلطات إلى الجوء لصندوق النقد الدولي، بعد سنوات من سوء الإدارة التي ترافقت مع انتشار وباء كورونا؛ لكي يقدم لها حزمة إنقاذ، تحتاج إلى اتفاق سياسي بشأن التخفيضات المؤلمة للدعم، كشرط للحصول على المساعدات.
وتراجع إجمالي الناتج المحلي في تونس بنسبة 8.8% عام 2020، ولم يكن التوسع كبيرا العام الماضي، فيما حذر المصرف المركزي التونسي أن التعافي في 2022 سيكون "جبانا".
وفي الوقت نفسه، وصل التضخم إلى أعلى مستوياته خلال عامين في ديسمبر/كانون الأول، بينما يواصل "سعيد" تجاهل نقاده والهجوم على مؤسسات الدولة الديمقراطية، حيث قام هذا الشهر باستبدال المجلس الأعلى للقضاء، بواحد خاضع لسيطرته.
ولذا يرى مدير مراكز كولومبيا العالمية في العاصمة تونس "يوسف شريف" أن "من يفكرون بالاقتصاد ليسوا ضمن الدائرة المقربة للرئيس، أما رموز الأمن والشرطة وخبراء القانون والناشطون الذي دعموا تحركاته، فهم مقربون منه".
وفي السياق، نقل "بلومبرج" عن مستشار "سعيد" السابق "عبدالرؤوف بالطبيب" قوله: "لم أعد أعرف ذلك الرجل الذي عشت معه 40 عاما".
وأشار الموقع الأمريكي إلى مخاطر من "غضب حقيقي جديد وواسع لو لم يتحسن الاقتصاد" في تونس.