السيسي وتبون.. 4 خلافات تعكر صفو العلاقات بين مصر والجزائر

الأحد 27 فبراير 2022 10:16 ص

على غير المخطط له، حمل إلغاء القمة العربية الثلاثية بين أمير الكويت، الشيخ "نواف الأحمد الجابر الصباح"، والرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" ونظيره المصري "عبدالفتاح السيسي" إشارات بالغة الوضوح نحو توتر كبير بين مصر والجزائر.

وغادر "السيسي" الكويت، الثلاثاء الماضي، فجأة قبل وصول "تبون" بساعات، على الرغم من تداول تقارير رسمية عن اجتماع ثلاثي بين القادة الثلاثة للترتيب للقمة العربية المقبلة.

ويبدو أن التوتر الجديد بين البلدين، يتجه نحو المزيد من التصعيد، بعد تباينات واضحة إزاء ملفات عدة، وصراع حول النفوذ بشأن الملفين الليبي والفلسطيني، ما يضيف إلى الخلافات العربية القائمة بالفعل، خلافا جديدا هو الأحدث بين قوتين عربيتين وأفريقيتين.

لقاء "الدبيبة"

يقول المراقبون إن لقاء "تبون" برئيس الحكومة الليبية المؤقتة "عبدالحميد الدبيبة" في قطر، قبل وصوله إلى الكويت، أثار غضب "السيسي"، واعتبر دعما مباشرا للرجل الذي يرفض التنازل عن منصبه لوزير الداخلية السابق "فتحي باشاغا"، المدعوم من القاهرة.

وترى الجزائر أن "الدبيبة" هو رئيس الحكومة الشرعي وفق ما أقرته الأمم المتحدة، وأنه يجب التمسك به حتى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في البلاد، خشية أن تعود ليبيا إلى المربع صفر.

بينما ترى القاهرة أن "الدبيبة" المقرب من تركيا، انتهى سياسياً بعد سحب الثقة منه من طرف مجلس النواب الليبي بقيادة "عقيلة صالح"، المقرب منها، وأن الدفع بـ"باشاغا" لرئاسة الحكومة، سيؤمن نفوذها هناك.

ووفق مصادر مطلعة، فإن مصر أفشلت مبادرة تركية للوساطة بين "الدبيبة" و"باشاغا" وعقد لقاء بينهما في أنقرة للتوصل إلى حل للانقسام الراهن، وإجراء انتخابات برلمانية قبل 24 يونيو/حزيران المقبل.

وأضافت المصادر أن "باشاغا" أبلغ مسؤولين مصريين رفيعي المستوى بالتحركات التركية، قبل أن ينتهي الأمر بطلب مصري له بعدم تلبية الدعوة التركية، بحسب "العربي الجديد".

الملف الفلسطيني

ويبرز وراء الكواليس الملف الفلسطيني، كأحد أسباب التوتر بين مصر والجزائر، بعد قيام الثانية بدور ملفت في الدخول على خط الأزمة بين الفصائل الفسطينية، والدعوة لاستضافة مؤتمر للمصالحة الوطنية.

ولدى القاهرة حساسية تبدو مفرطة إزاء تدخل أي طرف عربي على مسار رعايتها للحوار الفلسطيني الفلسطيني، ما قد يمس بنفوذها لدى فصائل المقاومة، وتأثيرها ميدانيا ودبلوماسيا.

وكان "تبون" قد أعلن، في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، خلال زيارة للرئيس الفلسطيني "محمود عباس" إلى الجزائر، عن عزمه عقد مؤتمر للفصائل الفلسطينية في الجزائر، قبل مؤتمر القمة العربية المقبل.

وتواصل الدبلوماسية الجزائرية تحركاتها واتصالاتها مع قادة الفصائل الفلسطينية، للتوصل إلى توافقات تخص إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية، بما يمهد لعقد طاولة مستديرة للفصائل في الجزائر، وهي تحركات تغضب بالتأكيد الجانب المصري، أو على الأقل لا يحاط علما بها.

تكتل أفريقي

يصب الزيت على النار، إن صح التعبير، إعلان الجزائر ونيجيريا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا عن تدشين تكتل جديد للتشاور والتنسيق حول قضايا القارة الأفريقية، وهو التكتل الذي ظهر للنور سريعا، عقب مغادرة "السيسي" للكويت قبل لقاء "تبون".

ويستثني التكتل الجديد، الذي يحمل اسم "مجموعة الأربعة "(G4)، مصر من تشكيلته، بينما يضم إثيوبيا التي تشهد علاقاتها مع القاهرة توترا كبيرا على خلفية أزمة "سد النهضة" الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل.

واتفق القادة الأفارقة على عقد قمة رسمية لاحقا؛ لرسم خريطة طريق لأفريقيا في الأشهر المقبلة، والتشاور والتنسيق من أجل حلول عملية وفعالة لمختلف القضايا التي تواجه القارة السمراء.

وربما غابت القاهرة عن التكتل الجديد، لاعتبارات منها أن المقترح إثيوبي، وأن الكيان الجديد قد يخصم من رصيد الاتحاد الأفريقي، وربما لم تعلم به من الأساس، وهو ما فجر الغضب المصري، ودفع بـ"السيسي" إلى إلغاء قمة الكويت الثلاثية.

ومن المؤكد أن تواجد إثيوبيا التي لها خلافات مع مصر في هذا التكتل الأفريقي الذي يضم 4 أكبر قوى في أفريقيا، أزعج القاهرة بشكل كبير.

ويرجح المحلل السياسي "فيصل بن أحمد" في حدثه لـ"عربي بوست"، أن تشهد الفترة المقبلة تقاربا مصريا مغربيا أكبر، كرد على محاولة الجزائر وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا، السيطرة على القرار الأفريقي وإنشاء قوة سياسية موازية للاتحاد الأفريقي على شكل "G4".

وتردد أوساط جزائرية رواية أخرى، مفادها إن شيئا ما جرى على هامش قمة الغاز في قطر قد يكون دفع إلى توتر العلاقات المصرية-الجزائرية، مشيرة إلى أن "تبون" قد يكون اندفع في اتجاه تنسيق أكبر مع قطر في سوق الطاقة، متجاهلا مصر.

خلافات مكتومة

إضافة إلى ما سبق، هناك خلاف بين البلدين حول قضية الصحراء المغربية، زاد توهجا بالتزامن مع زيارة "تبون" للقاهرة، الشهر الماضي، حين صرح سفير مصر الجديد بالرباط "مصطفى كمال عثمان"، بأن مصر لا تعترف بالجمهورية الصحراوية التي تعترف بها الجزائر، وهو ما اعتبرته الصحافة الجزائرية "قلة ذوق".

وقال الصحفي الجزائري "لحياني عثمان" في تدوينة على "فيسبوك"، إنه "لم يكن من اللياقة واللباقة السياسية أن تفعل القاهرة ذلك، على الأقل على مستوى التوقيت السياسي المتزامن مع زيارة الرئيس الجزائري إلى مصر".

ويتنازع المغرب وجبهة البوليساريو على السيادة على إقليم الصحراء، وتصر الرباط على أحقيتها في الإقليم، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تدعو الجبهة إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

وهناك خلاف آخر، منذ سنوات، يتمثل في رفض الجزائر، مطلب مصر وحليفتها الإمارات في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية"، وإجراء تحقيقات حول استثمارات رجال أعمال محسوبين على الإخوان في الجزائر، وهو الطلب الذي يرجح أن المسؤولين المصريين كرروه ثانيا على مسامع "تبون" دون نتيجة.

ليبيا أولا، وفلسطين ثانيا، والتكتل الأفريقي ثالثا، 3 ملفات تشكل محاور الخلاف السياسي بين مصر والجزائر، مدعومة بتراكمات من الماضي، الأمر الذي يعني ربما المزيد من التوتر بين قوتين عربيتين وإقليمتين مؤثرتين عربيا وأفريقيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الجزائر السيسي تبون العلاقات المصرية الجزائرية ليبيا التكتل الإفريقي المصالحة الفلسطينية

مصر والجزائر.. صراع سياسي مكتوم على جبهات متعددة

بوادر فتور في العلاقات.. مصر منزعجة من التقارب الجزائري مع إثيوبيا

مصر تعلن عن اتفاقيات تعاون مع الجزائر بمجالات الاتصالات والبريد وتكنولوجيا المعلومات