باشاغا والدبيبة.. تحديات خطيرة أمام ليبيا في ظل وجود حكومتين

السبت 5 مارس 2022 11:45 م

في الأول من مارس/آذار الجاري، صادق مجلس النواب الليبي في طبرق على حكومة جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق "فتحي باشاغا"، فيما رفض "عبدالحميد دبيبة" الذي يرأس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس قرار البرلمان وتعهد بالبقاء على رأس الحكومة المعترف بها دوليا.

وقال "باشاغا" إن حكومته الجديدة تخطط لتولي السلطة سلميا في طرابلس لكنه لا يستبعد احتمال حدوث صدام مع "الدبيبة" في عاصمة البلاد.

وخلال معظم السنوات الثماني الماضية، كان في ليبيا حكومتان متنافستان، تعمل إحداهما في شرق البلاد والأخرى في الغرب.

وقد تشكلت حكومة "الدبيبة" في مارس/آذار 2021 لتوحيد الحكومتين حتى إجراء الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول 2021، لكن تم إلغاء الانتخابات في اللحظة الأخيرة بسبب الخلاف حول كيفية إجرائها ومن هو المؤهل للترشح.

وفي 3 مارس/آذار، أدّت حكومة "باشاغا" الجديدة اليمين.

وتعرف هذه الحكومة باسم حكومة الاستقرار الوطني وتضم 35 وزيرا.

وتم تعيين حلفاء الجنرال "خليفة حفتر" في عدة مناصب وزارية بينما حاول "باشاغا" بناء تحالف دعم واسع.

وفي حين أن حكومتي "الدبيبة" و"باشاغا" ستدفعان برؤيتهما حول كيفية إعادة الانتخابات الليبية إلى مسارها، فإن أولويتهما ستكون ترسيخ قوتهما وكسب الاعتراف المحلي والدولي. 

وتريد الأمم المتحدة والعديد من الليبيين إجراء الانتخابات في أقرب وقت، لذلك ستحاول الحكومتان استغلال هذه المطالب وتقديم طرق مختلفة للانتخابات، بالرغم أن قادتهما يدركون جيدًا أن إجراء الانتخابات والاستفتاء على دستور جديد أمر غير محتمل طالما توجد حكومات متنافسة.

وقد وضع "الدبيبة" خطة لإجراء انتخابات برلمانية بحلول يونيو/حزيران 2022، ويعد ذلك مهما لضمان احتفاظ حكومته باعتراف الأمم المتحدة لأن هذا الموعد يتزامن مع جدول زمني طرحته المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا "ستيفاني ويليامز" في يناير/كانون الثاني الماضي.

وسيتم تكليف "باشاغا" بتنفيذ خارطة الطريق الانتخابية التي اعتمدها برلمان طبرق في أوائل فبراير/شباط.

وتتضمن خارطة الطريق الاستفتاء على تعديلات دستورية كأساس للانتخابات ثم إجراء الانتخابات بعد 14 شهرًا من الاستفتاء مما يجعل الانتخابات في منتصف عام 2023 على أقرب تقدير.

ومن المرجح أن يقاتل الجانبان للسيطرة على المؤسسات الحيوية في ليبيا، بما في ذلك البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، مما قد يعطل صادرات البلاد من النفط.

وتعد الأزمة الليبية الآن أكثر تعقيدًا من كونها صراعا بين الشرق والغرب لأن "باشاغا"، مثل "الدبيبة"، ينحدر من مدينة مصراتة الغربية.

كما يتمتع "باشاغا" أيضًا بمستوى من الدعم في غرب ليبيا، مما يزيد من فرصه في الإطاحة بـ"الدبيبة" في طرابلس.

ومع ذلك، قد يكون نيل الاعتراف من المجتمع الدولي أكثر أهمية لأنه يؤثر على عمليات تصدير النفط والغاز الطبيعي، والتي تعتبر ضرورية لتمويل الميزانية الليبية.

وكانت الولايات المتحدة أوقفت في الماضي الناقلات التي تصدر النفط الليبي خارج إشراف المؤسسة الوطنية للنفط.

بالإضافة إلى ذلك، يتم شحن معظم الصادرات النفطية الليبية (1.2 مليون برميل يوميا) من 5 محطات نفطية تقع في النصف الشرقي من البلاد، وهي الأراضي التي يسيطر عليها "حفتر" ومجلس النواب وأنصار "باشاغا" الجدد.

وعلى مدى العقد الماضي، قام "حفتر" وغيره من الجهات السياسية الفاعلة في شرق ليبيا مرارًا وتكرارًا بمنع الصادرات من بعض هذه المحطات لقطع عائدات النفط عن قادة الحكومة في طرابلس.

ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى لتعطيل حكومة "الدبيبة"، لا سيما إذا كان "باشاغا" غير قادر على تولي السلطة في طرابلس.

وسيؤدي أي انقطاع لصادرات النفط خلال الأشهر المقبلة إلى تفاقم أزمة سوق الطاقة الحالية بسبب العقوبات الغربية على روسيا، أحد أكبر مصدري النفط والغاز الطبيعي في العالم.

وفي إطار حملته على طرابلس، قطع "حفتر" وجيشه صادرات النفط من الموانئ الشرقية وبعض الحقول في جنوب ليبيا بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2020.

وانخفض إنتاج البلاد من النفط من 1.2 مليون برميل يوميًا إلى أقل من 200 ألف برميل يوميًا خلال تلك الأشهر التسعة.

وتسببت خسارة صادرات النفط الروسية بسبب العقوبات الغربية في حدوث صدمة عالمية في الإمدادات.

وفي 3 مارس/آذار، وصل خام برنت القياسي الأوروبي إلى 119 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2008 قبل أن يتراجع إلى 110 دولارات في وقت لاحق في 4 مارس/آذار، حيث تم تداوله عند حوالي 115 دولارًا للبرميل.

وبالرغم أن محاولة "باشاغا" لتولي الحكم في طرابلس قد تؤدي إلى بعض الصدامات في العاصمة، لكن العودة الأوسع إلى الحرب الأهلية في جميع أنحاء البلاد غير مرجحة.

ويبدو أن المليشيات التي ظهرت بعد 2011 منقسمة حول دعم أي من الحكومتين.

ويحظى "باشاغا" بدعم بعض الميليشيات في طرابلس ومصراتة، لكنه كان له أعداء أيضا خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية في الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها من 2018 إلى 2021.

ونظرًا لتاريخها في محاربة قوات "حفتر"، فإن بعض أقوى الميليشيات في طرابلس ستعارض أيضًا الحكومة الجديدة بسبب تحالفها مع "حفتر".

وبالنسبة لـ"حفتر"، فإنه ضمن وجود حلفاء رئيسيين داخل حكومة "باشاغا" التي سيكون لها الكلمة العليا إذا نجح في انتزاع السيطرة من "الدبيبة".

ولكن حتى لو لم يحدث ذلك، فإن الاقتتال الداخلي المتزايد بين شخصيات بارزة في الغرب الليبي مثل "باشاغا" و"دبيبة" سيكون مفيدا أيضا لـ"حفتر".

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا حفتر باشاغا الدبيية الحكومة الليبية

جوتيريش للدبيبة: الاستقطاب في ليبيا خطر على استقرار تحقق بشق الأنفس

تقرير: الدبيبة أمر بالتصدى لأي محاولة من باشاغا لافتكاك مقار حكومية 

ليبيا أمام مفترق طرق.. انقسام ثالث أو حرب أهلية جديدة

ليبيا تُعين سفيرا في قطر بعد غياب أكثر من 6 سنوات

تركيا وأمريكا ترتبان لقاء مرتقبا يجمع الدبيبة وباشاغا في أنقرة