حظر استيراد النفط الروسي.. نهج أمريكي جديد للتعامل مع ملف الطاقة

الأربعاء 9 مارس 2022 10:30 م

أعلن الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستحظر استيراد الوقود الأحفوري الروسي، بشقيه النفط والغاز.

ويستبق القرار أي إجراء تشريعي محتمل من قبل الكونجرس لفعل الشيء نفسه.

وبالرغم أن نحو 8% فقط من واردات الوقود الأحفوري الأمريكية تأتي من روسيا، فقد أدى القرار إلى ارتفاع تكاليف الوقود.

وبلغ متوسط ​​السعر المحلي لجالون البنزين العادي في الولايات المتحدة 4.17 دولار، وهو رقم قياسي جديد يتجاوز الارتفاعات التي شهدها صيف 2008 قبل الأزمة المالية.

وانتشرت شائعات مفادها أن "بايدن" قد يسافر إلى السعودية ليطلب من ولي العهد "محمد بن سلمان" رفع القيود على إنتاج النفط من أجل خفض السعر العالمي للنفط، الذي بلغ 132 دولارا لخام برنت الثلاثاء.

وبالرغم أن النفط السعودي لا يمثل سوى 7% من واردات الولايات المتحدة، لكن السعوديين لديهم طاقة فائضة ويمكن أن يؤثروا بشكل كبير على السعر العالمي للنفط.

ومع ذلك، حافظ السعوديون والأعضاء الآخرون في "أوبك+"، بما في ذلك روسيا، على اتفاقهم المتعلق بسقف الإنتاج.

ورفض "بايدن" حتى الآن التعامل مع "بن سلمان"، واختار بدلا من ذلك التعامل مع والده المريض، الملك "سلمان"، بالرغم أن "بن سلمان" يدير شؤون البلاد كملك فعلي.

وبحسب ما ورد يشعر "بن سلمان" بالإحباط من هذا الازدراء الذي يعكس رغبة "بايدن" في معاقبة ولي العهد لدوره في مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" وكذلك الحرب الوحشية على اليمن.

وحافظت إدارة "بايدن" على علاقات العمل مع الرياض، بما في ذلك السماح بأكثر من مليار دولار من مبيعات الأسلحة الجديدة للمملكة، بالرغم من إعلان "بايدن" بعد وقت قصير من توليه منصبه أنه سينهي دعم الولايات المتحدة للهجمات السعودية ضد اليمن.

وأثارت رحلة "بايدن" المحتملة إلى الرياض انتقادات من اليسار واليمين، حيث يشير ذلك إلى فشل الرئيس الأمريكي في الوفاء بتعهد حملته بجعل السعودية "منبوذة" بسبب السياسات المدمرة التي نفذها "بن سلمان".

ويملك "بايدن" بدائل لزيادة إنتاج النفط لا تتطلب التوجه إلى السعوديين.

وتجري الإدارة محادثات مع فنزويلا حول تخفيف العقوبات المفروضة على حكومة "نيكولاس مادورو" من أجل جلب النفط الفنزويلي إلى السوق العالمية، وهي خطوة من شأنها أن تساعد أيضا في إخراج "كاراكاس" من فلك موسكو.

ومن خلال إحياء الاتفاق النووي مع إيران، يمكن إعادة النفط الإيراني إلى السوق العالمية أيضا للمساعدة في خفض الأسعار.

وقد توقع "بوتين" هذا الأمر لذلك عمل على فرض شروط إضافية قد تزيد من عرقلة المفاوضات الطويلة بالفعل.

ويمثل العمل مع السعوديين لزيادة إنتاج النفط خيارا مألوفا أكثر لدى المسؤولين الأمريكيين الذين يخشون التكاليف السياسية لتخفيف العقوبات على الحكومتين في كراكاس وطهران.

ومع ذلك، فإن مخاوف الديمقراطيين الأكثر إلحاحا بشأن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس العام الجاري وانتخابات الرئاسة في 2024 أصبحت بارزة بشكل متزايد في ظل معاناة الأمريكيين من التضخم وارتفاع أسعار الوقود.

واستخدم الجمهوريون في الكونجرس السعر المرتفع للوقود للدعوة إلى زيادة التنقيب في الأراضي الأمريكية.

وأشار الديمقراطيون في الكونجرس إلى أن الأمر سيستغرق أعواما حتى يتم تشغيل النفط من الآبار الجديدة، ولن يفعل ذلك شيئا لمعالجة الارتفاع الحالي في الأسعار.

ومنذ عام 2020، استعادت الولايات المتحدة وضعها السابق كمصدر صاف للنفط.

لكن نظرا لأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري، فإن زيادة الإنتاج من النفط الأمريكي لن تنهي التعرض لتداعيات قرارات الدول الأخرى بشأن زيادة الإنتاج أو خفضه.

ولتحقيق الاستقلال الحقيقي في مجال الطاقة، يجب على الولايات المتحدة التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة المنتجة محليا.

وبالرغم أن الولايات المتحدة حظرت استيراد الوقود الروسي، فإن الاتحاد الأوروبي، الذي يستورد نحو 40% من الغاز الطبيعي من روسيا، لن يحذو حذوها.

وتمنع القدرات غير الكافية من المصادر البديلة الاتحاد الأوروبي من التصرف بسرعة مثل الولايات المتحدة، التي تعتمد في المقام الأول على كندا في احتياجاتها من الوقود.

وتكشف تقلبات أسعار النفط مكامن ضعف الاقتصاد العالمي نتيجة ترابطه الشديد.

وكانت أسعار النفط منخفضة منذ عام 2014، ويرجع ذلك جزئيا إلى تدفق النفط الصخري الأمريكي في السوق العالمية.

وانخفض سعر الجالون إلى ما دون الصفر خلال الأشهر الأولى لوباء "كوفيد-19"، حين خاضت السعودية وروسيا حرب أسعار.

ومنذ ذلك الحين، قادت السعودية الجهود للحفاظ على قيود الإنتاج، بما في ذلك الضغط على الإمارات حتى لا تُشق الصفوف.

ولدى جميع منتجي النفط، من السعودية إلى تكساس، حوافز للحفاظ على ارتفاع الأسعار، ومن المحتمل ألا تكون زيارة "بايدن" كافية لإقناع "بن سلمان" بزيادة الإنتاج.

وتتجه السعودية ودول الخليج الأخرى إلى التحوط في رهاناتها، وتتطلع إلى روسيا والصين كقوى صاعدة، في الوقت الذي تعتبر فيه هذه الدول أن "بايدن" على وجه الخصوص خفت بريقه.

وتدلل حسابات السعودية وغيرها من دول الخليج على تطور نظام عالمي متعدد الأقطاب على نحو متزايد، لكن لا ينبغي لواشنطن الاستسلام لمطالب تلك الدول، بل يجب اتخاذ خطوات تكون نتيجتها النهائية إنهاء اعتماد أمريكا على الوقود الأحفوري وأهواء حكام مثل "محمد بن سلمان".

المصدر | أنيل شيلين | ريسبونسيبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الوقود الأحفوري مصادر الطاقة المتجددة ارتفاع الأسعار أسعار النفط أوبك+ غزو أوكرانيا الغزو الروسي الغاز الروسي الاتحاد الأوروبي خام برنت حرب أوكرانيا

النواب الأمريكي يعتمد حظر واردات الطاقة الروسية ويقر 13.6 مليار دولار لأوكرانيا

لمواجهة ارتفاع الأسعار.. مجموعة السبع تدعو الدول المنتجة للنفط إلى تسليم كميات أكبر