غزو أوكرانيا يربك انتخابات فرنسا.. ماكرون يناور واليمين المتطرف في مأزق

الجمعة 11 مارس 2022 07:30 ص

اعتبر مراقبون أن الغزو الروسي لأوكرانيا أحدث ارتباكا واسعا في الحملات الانتخابية الفرنسية، حيث يبدأ سباق لاختيار الرئيس القادم للإليزيه في أبريل/نيسان المقبل.

وشكلت تحركات الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، والتي تعد الأكثر برزوا على المستوى الأوروبي والدولي في هذا الملف، جانبا مهما من جهوده لتعزيز صورته قبيل الانتخابات كزعيم أوروبي على مستوى مسؤولية الحدث، واعتبرت اتصالاته المتكررة مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، خلال الأيام الماضية، دليلا على هذا الأمر، رغم عدم نجاعة نتائجها.

وأشار البعض إلى أن غزو أوكرانيا بات معضلة أمام الجمهور الأوروبي والفرنسي، وطغى هذا الموضوع على موضوعات أخرى كانت دسمة في سباق الانتخابات الفرنسية، لاسيما الموضوعات التي كان يفضلها المرشحون اليمينيون، كالهجرة والإسلام والحجاب ومكانة المسلمين في فرنسا والغرب، وهو ما شكل ضربة لهم.

بالإضافة إلى ذلك، مثل تذبذب مواقف هؤلاء المرشحين من العلاقة مع روسيا في ظل التطورات الحالية مثار انتقادات وسخرية.

وفي وقت يحاول فيه "ماكرون" مسك العصا من منتصفها، حيث يخلط بين التنديد بالغزو الروسي والمشاركة في حراك العقوبات على موسكو وبين الحوار المستمر مع "بوتين"، اتسمت مواقف المرشحة اليمينية "مارين لوبان" وزميلها في التوجه "إريك زمور" بالمراوغة في هذا الملف.

"لوبان"، التي استقبلها "فلاديمير بوتين" في عام 2017، وتواصل تسديد قرض بقيمة 9 ملايين يورو حصلت عليه في عام 2014 من بنك روسي، أعلنت في بداية الحرب عن "أسفها إزاء قرار بوتين"، داعية إلى "القيام بكل شيء من أجل العودة إلى الحوار بهدف ضمان الأمن في أوروبا".

وبعد بدء الحرب، دعت "لوبان" إلى "الوقف الفوري للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا"، وتؤكد اليوم أن "الخط الأحمر" الذي تجاوزه الرئيس الروسي في أوكرانيا "يغير جزئيا نظرتها له".

لكن "لوبان"، في المقابل، تواصل التقلب في موقفها، إذ رفضت في يناير/كانون الثاني الماضي، خلال تجمع حاشد في مدريد مع مجموعة من الأحزاب اليمينية الأوروبية، التصديق على فقرة من إعلان مشترك بشأن أوكرانيا تدين "العمليات العسكرية الروسية على الحدود الشرقية لأوروبا"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كما أنها تحاول التذكير في كل تجمعاتها وخطاباتها بالالتزام الذي أقره حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) إلى موسكو في أوائل التسعينيات؛ بحيث "لا يمكن أن تكون للحلف قوات على الحدود الروسية"، وفق تعبيرها، كما تريد انسحاب فرنسا من الحلف والتوقيع على "اتفاق مع روسيا".

وعلى خطى "لوبان"، أبدى المرشح اليميني المتطرف "إريك زمور" إعجابه بالرئيس الروسي في كثير من المناسبات، ووصفه بـ"الوطني"، وقال في تصريح إعلامي عام 2018 "كنت أحلم ببوتين فرنسي".

لكنه في الأيام الأخيرة غيّر مواقفه السابقة ووصف الرئيس "بوتين"، في لقاء صحفي، الخميس الماضي، بأنه "ديمقراطي استبدادي"، كما أدان المرشح اليميني المتطرف "هذا الاستخدام للقوة بلا تحفظ" من قبل روسيا، ودعا في الوقت نفسه إلى "معاهدة تكرس نهاية توسع الناتو" للرد على "المطالب الروسية".

وأبدى "زمور" شكوكه بخصوص العقوبات ووصفها بـ"غير المجدية"، والتي من المرجح أن تؤثر على القوة الشرائية للفرنسيين.

ونتيجة لهذا التقلب في المواقف من "زمور"، الذي راهن في ديسمبر/كانون الأول في حوار مع القناة الفرنسية الثانية على أن "روسيا لن تغزو أوكرانيا"، تضاعفت حملات السخرية منه على منصة تويتر حتى وُسم بـ"فلاديمير زمور".

بدوره، حينما سُئل مرشح حزب "فرنسا الأبية"، اليساري "جان لوك"، في حوار مع القناة الفرنسية الثانية قبل الحرب، عن المعتدي روسيا أم الناتو؟، أجاب: "الناتو بلا شك".

لكنه عدل موقفه بعد ذلك، واستنكر الحرب الروسية على أوكرانيا، ووصفها بـ"استعراض للقوة لا حدود له"، مؤكدا أن "روسيا أحدثت خطرا محدقا لاندلاع نزاع شامل يهدد البشرية بأسرها".

وفي الوقت نفسه، يرفض الزعيم اليساري -الذي لم يدع إلى حد الآن لفرض عقوبات على روسيا- وصف الرئيس الروسي بالدكتاتور، مفضلا استخدام عبارة "الحاكم المتسلط".

وبشكل عام، يبدو أن الغزو الروسي المفاجئ لأوكرانيا على مستوى حجمه ووتيرة تطوره فاجأ مرشحي الانتخابات الفرنسية بشكل كبير، والذين وجدوا أنفسهم في مواجهة جمهور فرنسي يعيش قلقا غير مسبوق على مستقبل أوروبا وبلاده في ظل هذه التطورات المحورية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

غزو أوكرانيا الانتخابات الفرنسية إيمانويل ماكرون مارين لوبان روسيا بوتين

إذاعة فرنسا الدولية: حرب أوكرانيا بعثرت أوراق ماكرون الانتخابية

أردوغان وماكرون يضعان الخلافات جانبا للضغط على بوتين لإنهاء الحرب

انتخابات فرنسا.. مرشحو الرئاسة يتنافسون على العداء للمسلمين والمهاجرين

فرنسا تقر خطة دفاعية سريعة لتعزيز تواجدها العسكري في شرق أوروبا