هل ضغط السفير الأمريكي على السيسي لحسم تصويت مصر ضد روسيا؟

الأربعاء 16 مارس 2022 09:22 ص

كشفت مصادر مصرية خاصة، أن السفير الأمريكي لدى القاهرة، "جوناثان كوهين"، طلب لقاء الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، قبل تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الأممي بشجب "العدوان على أوكرانيا"، والذي يدعو روسيا إلى سحب قواتها فوراً من هذا البلد، وهو التصويت الذي حصل في الثاني من شهر مارس/آذار الحالي.

وأكدت المصادر أن "كوهين" التقى بالفعل "السيسي" في اليوم السابق للتصويت الأممي، في الأول من مارس/آذار، وطلب منه صراحة، تبني الموقف الأمريكي والتصويت لصالح القرار، مؤكداً أنه لا مجال للمناورة في ذلك، وأن واشنطن "لن تتساهل مع أي محاولة للتملص من الاصطفاف في معسكرها في مواجهة موسكو بالأمم المتحدة".

وقالت المصادر إن "السيسي" من جهته "أعرب للسفير الأمريكي عن تفهم مصر لموقف واشنطن، لكنه أعرب في الوقت ذاته عن خطورة تبني مصر لموقف معاد لروسيا، في ظل ارتباط القاهرة بمصالح حيوية مع موسكو، تتمثل في ملفات عدة، منها الاقتصادي، والسياسي".

وأضافت المصادر أن "السيسي" "أكد أيضاً للسفير الأمريكي، أن مصر تحتاج في الوقت الحالي إلى مساعدات عاجلة في ظل الظروف الحالية، منها ما هو اقتصادي، حيث إنها تعتبر أكبر مستورد للقمح في العالم، وأن 80% من إجمالي ما تستورده من الأقماح، مصدره روسيا وأوكرانيا".

ولفت "السيسي" إلى أن الحرب في أوكرانيا أثرت كثيراً على واردات القمح، وأن المخزون الاستراتيجي للبلاد، يكفي فقط لستة أشهر، وذلك بالإضافة إلى الارتفاع الرهيب في أسعار البترول والتي أثرت أيضاً على ميزانية الدولة بالإضافة إلى القمح.

كما تحتاج مصر، بحسب ما أبلغ "السيسي" "كوهين"، "إلى مساعدة سياسية، وتتعلق بضرورة دعم موقفها في أزمة سدّ النهضة الإثيوبي، إضافة إلى دعم مطالبها المتصلة بالأزمة الليبية، والتي تتركز في ضمان حصولها على حصة في إعادة الإعمار".

وقالت المصادر إن "حديث الرئيس المصري في المقابلة، أثار حفيظة السفير الأمريكي، الذي أكد أكثر من مرة خلال اللقاء، أن بلاده تنتظر من أصدقائها الآن الوفاء بالتزامات تلك الصداقة دون مناورة، والتصويت لصالح قرار إدانة روسيا، ودفعه إلى إنهاء اللقاء دون الحصول على تعهد من الرئيس المصري بدعم القرار".

"عباس كامل" يحتوي الغضب الأمريكي

وكشفت المصادر أيضاً أنه في سبيل احتواء غضب السفير الأمريكي بعد لقاء الرئيس المصري، اجتمع مدير المخابرات العامة في مصر "عباس كامل" بالسفير، في اليوم التالي للقاء الأخير و"السيسي"، وذلك صباح يوم التصويت في الأمم المتحدة، مؤكداً له "موقف مصر الثابت تجاه العلاقة مع الولايات المتحدة، وحرصها الدائم على هذه العلاقة، مع وعد بالتصويت لصالح القرار باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وقالت المصادر إن البعثة المصرية في الأمم المتحدة، كانت قد حصلت على توجيه من وزارة الخارجية، بالامتناع عن التصويت، وأن المندوب المصري لدى الأمم المتحدة "أسامة عبدالخالق" أعد خطاباً في هذا الشأن، لكن بعد لقاء "كامل" و"كوهين"، جرى الاتصال به في اللحظات الأخيرة قبل التصويت، حيث طلب منه التصويت بالموافقة على القرار، وفي الوقت ذاته إصدار البيان الشارح الذي كان معداً في الأصل لشرح موقف مصر بالامتناع عن التصويت.

وأكدت مصر في بيانها على "ضرورة البحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال الدبلوماسية النشطة، وعدم غضّ الطرف عن البحث في جذور ومسببات الأزمة الراهنة".

كما أكدت "رفض منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف. وضرورة أن تتحلى كل الأطراف بالمسؤولية الواجبة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين ودون أي تمييز، مع كفالة مرور المقيمين الأجانب بانسيابية عبر الحدود، حيث وردت بعض التقارير عن معاملات تمييزية".

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ختام جلستها الطارئة، في 2 مارس/آذار الحالي، قراراً يشجب "بأشد العبارات" العدوان الروسي على أوكرانيا، ويطالب روسيا بالكف، فوراً، عن استخدامها للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أي تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو.

وطالب القرار روسيا بالسحب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دولياً.

وصوتت لصالح القرار 141 دولة، فيما صوتت 5 دول ضد القرار، وامتنعت 35 دولة أخرى. وكان القرار بحاجة إلى ثلثي الأصوات لاعتماده.

وكانت الدول التي صوتت ضد القرار هي: روسيا، سوريا، بيلاروسيا، إريتريا، وكوريا الشمالية. ومن بين الدول التي امتنعت عن التصويت: العراق، الجزائر، السودان، جنوب السودان، إيران، الهند، باكستان، كوبا، والصين. 

وأعرب القرار عن قلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع هجمات على مرافق مدنية مثل المساكن والمدارس والمستشفيات، وسقوط ضحايا من المدنيين، بمن فيهم النساء وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة والأطفال. كما أدان القرار إعلان روسيا زيادة جاهزية قواتها النووية.

وقبيل التصويت على القرار، شدّدت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة "ليندا توماس جرينفيلد" على ضرورة التصويت لصالح القرار.

وقالت "جرينفيلد": "نعتقد أن هذا تصويت بسيط. صوّت بنعم إذا كنت تعتقد أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك دولتك، لها الحق في السيادة وسلامة أراضيها. صوّت بنعم إذا كنت تعتقد أنه يجب محاسبة روسيا على أفعالها. صوّت بنعم إذا كنت تؤمن بالتمسك بميثاق الأمم المتحدة وكل ما تمثله هذه المؤسسة".

وأكدت المصادر أنه "تحت الضغط الأمريكي القوي، من قبل مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة، من جهة، ومن قبل السفير الأمريكي لدى مصر من جهة أخرى، وبعد لقاء الأخير بالسيسي وكامل، اضطرت القاهرة إلى تعديل موقفها والتصويت بنعم على القرار".

شائعات حول "لقاء شرم الشيخ"

وفي السياق، رجحت المصادر أن يكون تجنب الطرف الأمريكي، نفي الشائعات التي تحدثت عن لقاء جمع "كوهين" بـ"جمال مبارك"، نجل الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك"، في أحد فنادق مدينة شرم الشيخ السياحية، جاء في إطار تخويف واشنطن للنظام المصري من إمكانية طرح بديل محتمل لـ"السيسي".

وانتشرت شائعات بأن "اجتماعاً سرياً جمع نجل مبارك وكوهين، بعد التقارير التي تحدثت عن إمكانية طرح أحد أبناء مبارك (جمال وعلاء) كبديلين محتملين للسيسي، وخصوصاً في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وحالة الغضب الشعبي المرجحة للانفجار في أي وقت، وهو ما يشكل قلقاً لواشنطن على وجه الخصوص، وللغرب عموماً".

وردّاً على هذه التقارير، نشر أحد المواقع التابعة للمخابرات العامة المصرية تقريراً ينفي حدوث اللقاء بين السفير الأمريكي و"جمال مبارك" في شرم الشيخ، وبرعاية رجل الأعمال "هشام طلعت مصطفى". 

وبينما لم ينف أي من السفير الأمريكي "جوناثان كوهين"، أو "جمال مبارك"، اللقاء، نقل الموقع المملوك للمخابرات، عن مصدر قال إنه مقرب من نجل الرئيس السابق، "نفيه تلك الأنباء".

وقال: "إنها لا تمت للحقيقة بصلة، لا سيما أن جمال مبارك ابتعد عن الحياة السياسية منذ تنحي والده في عام 2011 عن منصب رئيس الجمهورية، ولا يفضل العودة إلى المعترك السياسي أو العمل العام مرة أخرى".

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي روسيا أوكرانيا عباس كامل جمال مبارك

الأزمة الروسية الأوكرانية تهدد الجنيه المصري.. كيف؟

الخارجية المصرية تنشر بيانا توضيحيا لأسباب تصويتها ضد الغزو الروسي لأوكرانيا

مصر تتجاهل طلبا أمريكيا بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الروسية