مصر والدائنون.. جدول سداد صعب في 2022

الأحد 20 مارس 2022 10:11 ص

يتزايد إقبال النظام المصري الحاكم على الاقتراض بشراهة، تارة تحت مبررات الإصلاح الاقتصادي، وتارة لتفادي تداعيات جائحة "كورونا"، وليس أخيرا لإسناد اقتصاد البلاد، الذي تضرر نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومن دول خليجية، إلى مؤسسات وبنوك تمويل دولية، يتوالى حصول مصر على قروض وودائع بآجال مختلفة، مخلفة تركة ثقيلة من الديون وأعباء الدين وفوائد الأقساط السنوية، وهو ما يرهق الموازنة المصرية، ويجعل المحفظة المالية للبلاد، تحت ضغط كبير.

وإلى جانب ذلك، تعد مصر وجهة مفضلة في السنوات الأخيرة لمستثمري المَحافظ الذين ضخوا مليارات الدولارات في سوق الدّين المحلية، من خلاء شراء أذون وسندات خزانة، وهي أدوات دين توفر ببيعها للمستثمرين الأجانب سيولة مالية للحكومة المصرية.

قرض جديد

لم تتضح إلى الآن معالم القرض الجديد، الذي تسعى الحكومة المصرية للحصول عليه، من خلال إجراء مباحثات مع صندوق النقد الدولي، للاستفادة مما يسمى بخط التمويل الاحترازي، أي الائتمان الذي يمكن الحصول عليه عند الضرورة.

وعلى الرغم من نفي وزيرة التخطيط المصرية "هالة السعيد"، الإثنين الماضي، إجراء محادثات جديدة مع صندوق النقد الدولي، لترتيب قرض جديد، فإن مصادر تحدثت لـ"بلومبيرج" مؤكدة أن المسؤولين المصريين ما زالوا يتفاوضون مع الصندوق بشأن الخيار الأمثل لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الصعبة.

والعام الماضي، حصلت مصر على الشريحة الأخيرة من قرض الاستعداد الائتماني بقيمة نحو 1.7 مليارات دولار من إجمالي قرض تصل قيمته إلى نحو 5.4 مليارات دولار.

ويبلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر من صندوق النقد نحو 20.2 مليار دولار خلال آخر 5 سنوات، من خلال 3 قروض مختلفة، منها قرض التسهيل الائتماني الممتد بقيمة 12 مليار دولار على 6 شرائح على مدار 3 سنوات، العام 2016.

وهناك قرضان من الصندوق ذاته، أحدهما على صورة مساعدات عاجلة من خلال أداة التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار للمساهمة في مواجهة تداعيات أزمة جائحة كورونا، والآخر عبر برنامج الاستعداد الائتماني الذي امتد على مدار عام وشمل 3 شرائح بقيمة إجمالية 5.4 مليارات دولار.

جدول السداد

مع إطلالة كل عام جديد، تواجه مصر جدول ديون صعب السداد، مع بلوغ الدين الخارجي مستوى 137.85 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2021، مقابل 123.490 مليارا بنهاية يونيو/حزيران 2020، بمعدل زيادة 11.6% على أساس سنوي.

ويتوزع الدين الخارجي بواقع 124.1 مليار دولار في الأجل الطويل، و13.7 مليارات دولار للدين الخارجي قصير الأجل، بحسب بيانات حكومية رسمية.

ومن المقرر سداد ديون إجمالية خلال 2022، بنحو 17.9 مليارات دولار، تتوزع بواقع 11.968 مليار دولار خلال النصف الأول، و5.956  مليار دولار في النصف الثاني من العام الجاري، وفق تقرير رسمي صادر عن البنك المركزي المصري.

ووفق التقرير، فإن الجانب الأكبر من استحقاقات الدين الخارجي خلال العام الجاري، تأتي من نصيب المؤسسات الدولية متعددة الأطراف بإجمالي 5.46 مليار دولار، ثم أرصدة تجمع دول نادي باريس بقيمة 4.556 مليار دولار.

ويشمل جدول السداد، 4.23 مليارا من أقساط ودائع 3 دول خليجية هي السعودية، الامارات، الكويت، إضافة إلى أصول وفوائد طروحات السندات الدولية بنحو 3.4 مليارات دولار.

ويصل إجمالي الودائع التي تعود لتلك الدول إلى 17.2 مليار دولار، بينها 7.5 مليار للسعودية و5.7 مليارات دولار للإمارات و4 مليارات دولار للكويت.

ويقضي جدول الاستحقاق لسداد الديون الخارجية قصيرة الأجل، بسداد 5.179 مليار دولار فى النصف الأول من العام الجاري، منها 162.93 مليون دولار خلال يناير/كانون الثاني، و3.377 مليار دولار في فبراير/شباط، و 360.3 ملايين دولار خلال مارس/آذار الجاري.

والعام الماضي، كانت مصر وفق نشرة السندات الدولية ملزمة بسداد 21.4 مليارات دولار خلال 2021، بينها 10.2 مليار دولار في النصف الأول، و11.2 مليار في النصف الثاني.

أعباء الدين

تقدر الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في مشروع الموازنة المصرية عن السنة المالية 2021-2022، بنحو 579.6 مليارات جنيه، ليبلغ إجمالي أقساط وفوائد الديون المستحقة في العام المالي الجاري نحو 1.172 تريليون جنيه.

ويبدأ العام المالي في مصر، مطلع يوليو/تموز، وينتهي بنهاية يونيو/حزيران من كل عام، وفق قانون الموازنة المصرية.

ويبلغ متوسط نصيب المواطن المصري من أعباء الدين العام الحكومي، دون حساب أعباء الدين الخارجي، 10 آلاف و228 جنيهاً (652 دولارا تقريبا) في نهاية يونيو/حزيران 2020، وفق رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، "فخري الفقي".

ويؤكد الخبير الاقتصادي، الذي شغل منصب نقيب الصحفيين المصريين الأسبق، "ممدوح الولي"، امتداد سداد أقساط الدين الخارجي المصري، أكثر من نصف قرن، إلى العام 2071.

ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط "روبرت سبرنجبورج"، والذي يعمل أستاذاً في كلية البحرية الأمريكية في كاليفورنيا، إنه لو أضفنا الدين الداخلي للدين الخارجي، لوصل إجمالي ديون مصر إلى 370 مليار دولار أمريكي، وهو أربع أضعاف إجمالي الديون في 2010.

ويحذر "سبرنجبورج" من أن الدين المصري سوف يستمر في الارتفاع إلى أن يصل في العام 2026 إلى 557 مليون دولار، مشبها ما يفعله نظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، بسيناريو الخديوي "إسماعيل" الذي أغرق مصر في الديون، خلال الفترة بين 1863 حتى 1876.

وتفيد تقارير صادرة عن مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني، بأن فاتورة فوائد الديون المستحقة على مصر تهدد الإصلاح الاقتصادي في البلاد، وتضيف مزيدا من عدم المرونة في الموازنة العامة، التي يخصص معظمها لسداد الديون وأقساطها، وفوائد الدين.

ويحمل خبراء "السيسي" المسؤولية عن تفاقم مديونية البلاد، خلال سنوات حكمه منذ منتصف العام 2014، بسبب الإنفاق الباذخ على  إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، وبناء قصور رئاسية، وإبرام صفقات سلاح، وتنظيم بطولات رياضية عالمية، في بلد يعاني من الفقر والبطالة والغلاء.

وتحت ذريعة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط والقمح، وتراجع النشاط السياحي مجددا، يبدو أن النظام المصري سيواصل السير في طريق الاستدانة بشراهة، وهو ما سيثقل كاهل المصريين بفاتورة دين ضخمة، تؤثر حتما على حصص موازنات الصحة والتعليم والبنى التحتية في البلاد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي صندوق النقد الدين الخارجي المصري البنك المركزي المصري ديون مصر كورونا

فاتورة ثقيلة.. مصر تسدد 555.5 مليار جنيه أقساط القروض في 2021

انخفاض الجنيه يشعل تويتر في مصر.. ومحللون يحذرون من المستقبل

مصر وبيع أصول الدولة.. معالم الجمهورية الجديدة