ارتفاع الأسعار وانهيار الليرة يضرب موائد رمضان في لبنان

الثلاثاء 5 أبريل 2022 12:18 م

لم تعد تسمح القدرة الشرائية للبنانيين بأن تضمّ سُفرة الإفطار الرمضانية أنواعا كثيرة من المأكولات والحلويات، فكلفة الإفطار اليومية للشخص الواحد باتت تتجاوز معدل دخل الفرد اليومي.

لبنان اليوم لا يزالُ يعيشُ تحت وطأة أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي ضمن أصعب ثلاثِ أزمات سُجلت في التاريخ.. فكيف يتحضر اللبنانيون لسُفرةِ (مائدة) الإفطار؟.

يوضح جبران، الرجل الستيني، أن "دخل الفرد انخفض، مقابل ارتفاع الأسعار، لذا من الطبيعي أن تطرأ تغييرات على سفرة الإفطار".

ويضيف لـ"الأناضول"، أن الناس ستلجأ إلى تبديل الأصناف المرتفعة الثمن بتلك الأقل ثمنا، كما ستتخلى عن الأطباق الثانوية، فيما اشتكى من أن "الأسعار مرتفعة والرواتب منخفضة".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، أن الفقر أصبح يطول 74 بالمئة من اللبنانيين، بعد أن سجل 55% من السكان في 2020، و28% في 2019.

   "الفتوش" يحلق بلا جناحين

يعتبر "الفتوش"، من الأطباق الرئيسية على مائدة إفطار مسلمي لبنان في رمضان، ويمكن أن يضمّ أكثر من 10 مكونات منها: البندورة، الخيار، الخس، البقدونس، الفجل، النعناع، الليمون، البصل، البقلة، بالإضافة إلى زيت الزيتون، الملح، السماق والخبز المقلي أو المحمّص.

وتشير "ابتسام"، إلى أن القواعد تغيّرت هذا العام فيما يتعلّق بسفرة الإفطار الرمضانية.

وتوضح "كنا نضع في طبق الفتوش، أنواعاً كثيراً من الخضار، لكن اليوم سيقتصر الطبق على وضع الخس والبندورة فقط".

ويتوافق كلام "ابتسام" مع "محمد"، الذي يقول إن "طبق الفتوش بات مكلفا جدا"، مشيرًا إلى أن "بعض العائلات ستستغني عنه".

ففي 2021، كانت كلفة تحضير الفتوش لعائلة من 5 أشخاص نحو 18 ألف و500 ليرة لبنانية، أما في 2020 فكانت 6 آلاف ليرة، وفق دراسة سابقة أعدها "مرصد الأزمة" لدى الجامعة الأمريكية في بيروت.

وكشف أصحاب أحد محلات الخضار في بيروت، مفضلا عدم ذكر اسمه، عن أسعار الخضار التي يحتاجها طبق الفتوش هذا العام، قائلا "الخسة الواحدة 20 ألف ليرة، باقة البقدونس أو البقلة 7 آلاف ليرة، البندورة 25 ألف ليرة، الخيار 30 ألف ليرة.

وبيّن الخضّار، أن طبق الفتوش لشخصين يكلف نحو 100 ألف ليرة مع احتساب الزيت والملح والخبز، ومكونات أخرى ممكن وضعها فيه.

ولفت إلى أن الأسعار زادت قبل بداية رمضان، ومن المرجح أن ترتفع أكثر خلاله.

   اللحم مرة بالأسبوع

منذ أشهر، ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة كبيرة، وفقدت موائد الناس هذا المكون الغذائي المفيد للصحة.

وأدى ارتفاع الأسعار إلى تراجع سوق اللحوم بنسبة 80 إلى 85% في الأشهر الأخيرة، وفق حديث صحفي لأمين سر نقابة تجار اللحوم "خليل نعمة".

وتذكر "ابتسام"، أن اللحمة ستغيب عن السفرة هذا العام، مشيرة إلى أنها قد تقدمها إلى عائلتها "مرّة خلال الأسبوع" بسبب ارتفاع سعرها.

من جهتها، تقول إحدى السيدات في المنارة ببيروت، مفضلة عدم الكشف عن اسمها، أن سفرتها ستخلو من اللحوم والدجاج، كما أنها ستخلو من المأكولات غير الأساسية.

ويباع كيلوجرام واحد من اللحم ما بين 250 ألف إلى 300 ألف ليرة، بعدما كان يتراوح بين 20 ألف و50 ألف ليرة، مند نحو عام.

   الجلاب لم يعد أساسيا

توافقت إحدى الشابات مع صديقها، على القول للأناضول، أن "الناس ستدقق أكثر في المصاريف من دون اللجوء الى التبذير خلال التحضير لسفرة الإفطار".

وأضافت أنه "في الماضي كانت تُعطى أهمية كبيرة لطاولة الحلويات، وهذا لن يحصل اليوم، لأن الأوضاع المادية تغيرت".

والعصائر كما الحلويات، كانت تُقدّم أنواعا كثيرة منها في الرمضان، أبرزها الجلاب مع المكسرات على وجه المشروب.

وتقول "ابتسام"، إنها ستستغني عن الجلاب لأن سعره ارتفع بشكل كبير.

وتجاوز سعر عبوة الجلاب (ليتر واحد) 30 ألف ليرة، علما أنه المشروب الأساسي الذي يُقدم في رمضان بالشرق الأوسط، وخاصة في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن.

حيث يوضع بكل كأس جلاب؛ الزبيب والصنوبر واللوز، والمكسرات التي ارتفع سعرها بشكل "ناري" أيضاً.

وتضيف ابتسام، أن "الوضع في البلاد صعب جدا، فللمرة الأولى نشعر أننا نعيش في ذلّ".

ويقول عروسان جديدان إن "الأصناف التي ستُقدّم على الموائد ستكون بكمية أقل، خاصة الحلويات والمكسرات".

   العائلة أولاً

من المعلوم أن لرمضان نكهة مختلفة عن باقي الأشهر، حيث تجتمع العائلات حول المائدة في أجواء مميزة، إلا أن هذه العادة تغيّرت في بعض المنازل اللبنانية هذا العام.

ويؤكّد محمد، (في الثلاثينات)، أن "اجتماع العائلة لن يتغيّر رغم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وأن العائلات اللبنانية المسلمة ستتحدى كلّ الظروف وتجتمع معا خلال الشهر الكريم".

بالمقابل يرى العروسان الجديدان، أن "التئام العائلة سيخف بسبب أزمات البلاد، خاصة بسبب أزمة المحروقات التي ستحول دون قدرة الانتقال من منطقة لأخرى، بسبب ارتفاع كلفة النقل بشكل كبير".

وأشارا إلى أن "المدخول خفيف والمصروف كبير".

وارتفعت أسعار المحروقات في البلاد بشكل كبير، إذ تخطى سعر صفيحة البنزين (20 لترا)، 450 ألف ليرة (300 دولارات).

ومع ارتفاع الأسعار سيجبر اللبنانيون على التخلي عن الرفاهية على موائد الإفطار، التي لطالما اعتادوا عليها، واضعين أمامهم تحدٍ جديد، وهو استمرار اجتماع العائلات مهما كثرت الأزمات.

 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

لبنان موائد الرحمن رمضان طبق الفتوش اللحوم ارتفاع الأسعار

لبنان.. رفع حظر السفر عن اثنين من رؤساء البنوك

لبنان.. تحذيرات من أزمة خبز بسبب عدم تسديد ثمن القمح