مصر وتركيا.. تقارب مشروط وتفاهمات مرتقبة

الأربعاء 13 أبريل 2022 11:13 ص

تتوالى خطوات التقارب التركي المصري، من حين لآخر، وسط إشارات سياسية لافتة بتحقيق انفراجة كبيرة في العلاقات المتوترة بين البلدين، منذ العام 2013.

وتدفع سياسة "تصفير المشاكل" التي تنتهجها أنقرة، الجانب التركي، لتسريع وتيرة التقارب مع القاهرة، وسط تحفظ من الأخيرة، ومطالب مشروطة لتليين موقفها.

ومن الغرف المغلقة، إلى المفاوضات العلنية، تواصل الدبلوماسية التركية، ونظيرتها المصرية، جولات الحوار، بحثا عن خارطة طريق تؤمن تطبيع العلاقات بشكل كامل بين البلدين الكبيرين والمؤثرين في العالم الإسلامي.

تطورات إيجابية

الأيام الأخيرة كانت حافلة بتطورات إيجابية في المشهد، تمهد لنقلة نوعية في العلاقات التي توترت عقب تنديد أنقرة بالانقلاب العسكري في مصر منتصف العام 2013، واستضافة معارضين لنظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

أبرز تلك التطورات، إعلان وزير الخارجية التركي، "مولود جاويش أوغلو"، انتظار زيارة محتملة لنظيره المصري "سامح شكري" إلى إسطنبول خلال شهر رمضان المبارك.

الإفطار الدبلوماسي الذي سيجمع "جاويش أغلو" و"شكري" بإسطنبول، يحمل آمالا بتذويب ما تبقى من جليد بين الجانبين، ووضع النقاط على الحروف بشأن ملفات عدة.

يعزز ذلك، ما صرح به وزير الخارجية التركي، خلال مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، قائلا إن بلاده ستقدم خلال الأيام القليلة المقبلة على اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع مصر.

لكن الخطوة الأبرز في هذا السياق، كانت إعلان تركيا تعيين سفير لها في مصر، في خطوة هي الأولى من نوعها، منذ 9 سنوات.

والسفير الجديد لدى القاهرة "صالح موطلو شان"، كان ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي بين عامي 2015-2020.

ولا يمكن تجاهل الإشارة الإيجابية الصادرة عن الحكومة المصرية، قبل أيام، والتي تقضي بمنح المواطنين الأتراك تيسيرات دخول لمدة عام وفق 3 شروط محددة، هي تقديم تذكرة وصول وعودة، وحجز فندقي مؤكد، وحمل النقد الكافي بما لا يقل عن ألفي دولار أو بطاقة ائتمانية.

نقاط خلافية

منذ العام الماضي، تتواصل جلسات الحوار بين البلدين، والتي تصر القاهرة على وصفها بـ"الاستكشافية"؛ بدعوى اختبار نوايا أنقرة ومدى جدية الجانب التركي في تلبية المطالب المصرية.

ربما التطبيع الكامل مع مصر يسير ببطء، وفق الصحفية التركية "هاندا فرات"، لكن تداعيات جائحة "كورونا" والحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة الاقتصادية في البلدين، تحتم إحداث تقارب نوعي يحقق مصالح الطرفين.

ويرتكز القلق المصري على الانزعاج من أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، ورفض تركيا تسليم القاهرة بعض المعارضين لحكم "السيسي"، والاكتفاء فقط بوقف أي نشاطات إعلامية معادية للنظام المصري.

وفي فبراير/شباط الماضي، أقر وزير الخارجية التركي بأن نقطة الخلاف الكبرى تظل "الإخوان المسلمون"، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية "إرهابية" بعد الإطاحة بالرئيس الراحل "محمد مرسي" من الحكم، والزج بقياداتها خلف القضبان، العام 2013.

ووفق موقع "إنتلجنس أون لاين" الاستخباراتي، فإن رئيس الاستخبارات التركية "هاكان فيدان"، قدم لنظيره المصري "عباس كامل" مبررات رفض تسليم الأسماء المدرجة في القائمة المصرية، لكنه لم ينجح في إقناعه.

وتستند أنقرة في موقفها إلى كون المحاكمات في مصر "مسيسة" وفق منظمات حقوقية محلية دولية، وكذلك إلى أن معظم المطلوبين جرى منحهم الجنسية التركية وعضوية حزب العدالة والتنمية الحاكم.

الحل الأوسط في ذلك الذي يطرح نفسه، هو إرسال هؤلاء الأشخاص إلى بلدان ثالثة، الأمر الذي قد يكون كفيلا بإعفاء أنقرة من الحرج السياسي، وفق وسائل إعلام تركية.

كذلك تمثل نقاط الخلاف في ملاحظات قدمتها القاهرة لأنقرة، بشأن خروقات في ما يخص منع أي اجتماعات لقيادات الإخوان والمعارضة المصرية بالخارج، وأيضا عدم إغلاق القنوات المعارضة بشكل كامل، وهي نقاط محل نقاش بين الدوائر الأمنية والدبلوماسية في البلدين.

الاعتراف بـ"السيسي"

هناك نقطة جوهرية في الخلاف القائم بين البدين، تتعلق بشرعية "السيسي" التي لم يقر بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، رغم مرور نحو 8 سنوات على بقائه في سدة الحكم.

ووفق مسؤول تركي سابق، فإن هناك قضية معلقة بين البلدين تتمثل في ما إذا كان "أردوغان" على استعداد لمصافحة "السيسي" أم لا؟

وتؤكد مصادر دبلوماسية تركية، بأن القاهرة طالبت بأن يتم الاعتراف بـ"السيسي" كرئيس شرعي منتخب في بلاده، وذلك من أعلى السلطة في تركيا، أي أن يكون ذلك على لسان "أردوغان"، بحسب "العربي الجديد".

ويتمسك الجانب المصري بهذه النقطة تحديدا، وإن تأخر تطبيع العلاقات على مستوى الرئيسين أو أخذ وقتاً أطول، في الوقت الذي يستمر التطبيع فيه على مستوى وزراء الخارجية وتعيين السفراء.

وإلى الآن يرفض الرئيس التركي إصدار أية إشارة تفيد باعترافه بنظيره المصري، كما يتجنب مصافحة "السيسي" أو "شكري" خلال أية فعاليات دولية.

ليبيا والغاز

يظل كذلك الملف الليبي نقطة شائكة بين البلدين، مع إصرار أنقرة على المحافظة على وجودها العسكري هناك، وتدعيم نفوذها لدى طرابلس، فضلا عن تنظيم جهاز المخابرات التركي سلسلة زيارات لرجال الأعمال الأتراك المهتمين بقطاع البناء وأعمال كبرى أخرى في بنغازي (شرقي ليبيا).

ولا يهدد هذا بسحب العقود المربحة من الشركات المصرية فحسب، بل إن القاهرة قلقة أيضًا من جهود أنقرة للتقرب من الجنرال "خليفة حفتر"، المدعوم من مصر.

وتخشى مصر تمدد النفوذ التركي، بالقرب من حدودها الغربية، وتعتبر ذلك مساسا بأمنها القومي، كما تتوجس من طول أمد بقاء القوات التركية في ليبيا.

ويقول المحلل السياسي التركي "فراس رضوان أوغلو"، إن "ملف المقاتلين الأجانب في ليبيا سيكون عمليا قضية بين البلدين. لكنني أعتقد أنهم سيتوصلون إلى اتفاق في هذا الصدد".

وإلى جانب الملف الليبي، هناك ملف الغاز، حيث كانت مصر وتركيا طرفين في السباق على الموارد في شرقي البحر الأبيض المتوسط، حيث تحاول تركيا أن تكون جزءًا من ثروة الغاز الطبيعي في المنطقة وتعمل مصر جاهدة لاستبعاد تركيا من هذه الثروة.

والعام الماضي، صرح "جاويش أوغلو"، قائلا بأن عروض التنقيب التي طرحتها مصر احترمت الجرف القاري لتركيا وإن أنقرة نظرت إلى هذا الأمر نظرة إيجابية، داعيا مصر إلى التفاوض على اتفاق لترسيم الحدود البحرية  بين البلدين.

مستقبل العلاقة

يبدو التشابك واضحا في العلاقات بين البلدين، ومعه تبرز لغة المصالح والمكاسب المتوقعة، حال القفز على الخلافات، وتطبيع العلاقات بين البلدين.

ووفق الباحث بالشأن التركي، "سعيد الحاج"، يمكن رصد 3 سيناريوهات محتملة: الأول: مصالحة شاملة وتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، وفق النموذج القطري في المصالحة، يناير/كانون الثاني 2021.

أما السيناريو الثاني، والذي قد يبدو مرجحا، فيتعلق بإنهاء القطيعة وعودة العلاقات بالحد الأدنى، عبر تبادل السفراء، دون تجاوز الخلافات الجوهرية بين الجانبين، بحسب "الجزيرة".

ويقضي السيناريو الثالث ببقاء الحال على ما هو عليه، بغياب التراشق الإعلامي، واستمرار التهدئة السياسية، والتنسيق الأمني والاستخباراتي بشأن ليبيا، دون تلبية كافة المطالب المصرية.

لغة الاقتصاد حاضرة بقوة، إذا أخدنا في الاعتبار أن حجم الاستثمارات التركية في مصر يصل إلى 5.6 مليار دولار، فيما وصل حجم الاستثمارات المصرية في تركيا إلى 1.5 مليار دولار.

ومع الضغوط القاسية التي تتعرض لها المحفظة المالية المصرية، واللجوء إلى السعودية والإمارات وقطر لضخ ودائع جديدة في المركزي المصري وشراء حصص في شركات حكومية، تبدو مصر في حاجة لتركيا، كما فعلت مع قطر؛ لجني مكاسب سياسية واقتصادية خلال الفترة المقبلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تركيا السيسي أردوغان العلاقات المصرية التركية الإخوان ليبيا الغاز

قنوات المعارضة وليبيا ومصافحة السيسي.. عقبات أخيرة أمام التقارب التركي المصري

قناة مكملين المصرية المعارضة تعلن وقف عملها في تركيا