الجنسية الأجنبية.. طوق النجاة من سجون السيسي

الثلاثاء 19 أبريل 2022 11:17 ص

"للأسف معرفناش نخرج علاء من السجن بصفته مواطنا مصريا، مضطرين نضغط لخروجه بصفته بريطانيا".

هكذا علقت الناشطة المصرية "منى سيف"،  قبل أيام، على حصول شقيقها "علاء" على الجنسية البريطانية عن طريق والدته "ليلى سويف" المولودة في لندن.

الخطوة قد تمثل انفراجة للمعارض المصري البارز "علاء عبدالفتاح"، أحد رموز ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل "حسني مبارك".

ويقبع "علاء" (40 عاما) في السجن منذ سبتمبر/أيلول عام 2019، وذلك بتهم "الانضمام لجماعة إرهابية، وإساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة".

وعلى الرغم من انتهاء فترة حبسه الاحتياطي بعد أن قضى قرابة العامين في السجن، وهي أطول فترة حبس احتياطي يسمح بها القانون المصري، قضت محكمة جنح أمن دولة بحبسه 5 سنوات، مع الخضوع لرقابة الشرطة 5 سنوات أخرى، في 20 ديسمبر/كانون الأول عام 2021.

تهديد بالانتحار

يواجه "علاء" ظروفا صعبة في محبسه، ويخوض إضرابا عن الطعام احتجاجا على اعتقاله وتعرضه لانتهاكات في السجن، وحرمانه من  التريض والقراءة والمحاكمة العادلة.

وتقول أسرته إنه محتجز في زنزانة لا تصلها أشعة الشمس منذ عامين ونصف العام، إنه عانى من سوء المعاملة وشهد انتهاكات أسوأ ضد زملائه السجناء.

في سبتمبر/آيلول الماضي، نقل المحامي والناشط الحقوقي "خالد على" عن "عبدالفتاح" شكواه من من حرمانه من كافة حقوقه خلال حبسه، قائلا:"أنا في وضع زفت، ومش هقدر أكمل كدا مشونى من السجن دا، أنا هنتحر، وبلغوا ليلى سويف تاخذ عزايا".

وأضاف "علي" عبر "فيسبوك": "كرر علاء لي نفس كلامه وقال أنا عارف القضية الجديدة هيحلوها للمحاكمة وكدا أنا من 2011 مخرجتش من السجن سنة على بعضها، لو مطلوب إنى أموت يبقى أنتحر وخلاص".

وتابع: "للمرة الأولى أجد علاء في هذه الحالة النفسية السيئة التي دفعته لإخطارنا برغبته في الانتحار، وعلاء أعرفه عن قرب لا يكذب ولا يراوغ ولا يقول إلا ما سيفعله".

ويخوض "علاء" إضرابا تاما عن الطعام  منذ أول رمضان، أي من السبت 2 أبريل/نيسان الجاري، احتجاجا على ظروف حبسه في سجون الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، التي وصفتها أسرته بأنها "أقرب لمعسكرات الاعتقال النازية"، وفق بيان صادر عنها.

وعلى الرغم من كون "عبدالفتاح" من الذين شاركوا في إسقاط الرئيس الراحل "محمد مرسي"، 3 يوليو/تموز 2013، إلا أن ذلك لم يشفع له لدى النظام الجديد.

حالات سابقة

يعول  "علاء" على أن تكون الجنسية البريطانية طوق نجاة له، يدفع الحكومة البريطانية للضغط على نظيرتها المصرية لإطلاق سراحه.

وفي السابق، تمكن الناشط السياسي "محمد سلطان" الذي يحمل الجنسية الأمريكية وصدر ضده حكم بالمؤبد 25 سنة، من النجاة، بعد ما طلبت السلطات منه التنازل عن الجنسية المصرية مقابل الإفراج عنه وترحيله إلى أمريكا، وهو ما حدث في مايو/أيار 2015.

وجرى تطبيق السيناريو ذاته مع الناشط السياسي والقيادي في حركة مقاطعة إسرائيل "رامي شعث"، الذي اعتقل عاما ونصف العام منذ العام 2019 بتهمة "مساعدة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة"، حيث وافقت الأجهزة الأمنية على إطلاق سراحه شريطة التنازل عن الجنسية المصرية، قبل ترحيله إلى فرنسا.

وقبل "شعث" تكررت الواقعة نفسها مع الصحفي المصري "محمد فهمي" الذي يحمل الجنسية الكندية وحكم عليه بالسجن 7 سنوات، وبسبب الضغوط الكندية طلبت منه السلطات المصرية التنازل عن الجنسية المصرية مقابل إطلاق سراحه وترحيله إلى كندا، العام 2015.

وهناك الناشطة "آية حجازي" التي تحمل الجنسية الأمريكية، واحتجزتها السلطات المصرية هي وزوجها عام 2014 بتهمة الإتجار في البشر، وأمام الضغوط الأمريكية تم إطلاق سراحها، واستقبلها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في البيت الأبيض.

موقف بريطاني

وفق متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، فإنه تم طلب زيارة قنصلية لمواطن بريطاني، في إشارة لـ"عبدالفتاح"، دون تفاصيل، بحسب "أ ف ب".

ولم يعرف رد الحكومة المصرية على الطلب البريطاني، كما لم تعلق خارجيتها على حصول الناشط والمدون المعروف على الجنسية البريطانية.

يقول المحامي البريطاني "دانييل فورنر" -أحد محاميي الأسرة- لأسوشيتد برس: "هذا مواطن بريطاني محتجز بشكل غير قانوني، وفي ظروف مروعة، لمجرد ممارسته حقوقه الأساسية في التعبير السلمي وتكوين الجمعيات".

ويرجح مراقبون تدخل السفارة البريطانية للإفراج عن "عبدالفتاح"، على أن يتنازل عن الجنسية المصرية، مثلما حدث مع حالات أخرى لمعتقلين يحملون جنسيات أجنبية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية "خليل العناني" في حديثه لــ"الجزيرة"، أن نظرية الجنسية مقابل الحرية تعكس تمييز السلطات المصرية تجاه حاملي الجنسية المصرية الذين يتعرضون لكافة أنواع القمع، والثاني أن الجنسية الأجنبية هي ما يضمن احترام السلطات للحد الأدنى من حقوق المعتقلين.

وينص القانون المصري رقم 140 لسنة 2014، على أنه يجوز لرئيس الجمهورية بناء على عرض النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء؛ الموافقة على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة حسب ما تقضي الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، مع عدم الإخلال بأحكام القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

مخاوف قائمة

على الرغم من أجواء التفاؤل بإمكانية إطلاق سراح "عبدالفتاح"، فإن مخاوف تتعلق باحتمالية عرقلة الخطوة، خشية تحركه لاحقا لمقاضاة النظام المصري كما فعل "سلطان" أمام المحاكم الأمريكية.

كذلك فإن تجربة الإفراج عن "شعث" قد تؤدي لإعادة السلطات التفكير بالإفراج عن آخرين، خاصة بعد خطابه أمام البرلمان الأوروبي في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، مؤكدا أن مصر تحولت إلى جمهورية خوف وإرهاب.

وفي حال خروج "عبدالفتاح" إلى بريطانيا سيتم الإفراج عنه هناك، حيث لا تعترف بريطانيا بإحكام محاكم أمن الدولة المصرية، بحسب موقع "مصر 365".

وليس من المستبعد فشل المحاولة بالنظر إلى أن هناك آخرين لم تنقذهم الجنسية الأجنبية، ومنهم من مات مسجونا مثل "مصطفى قاسم" الذي كان يحمل الجنسية الأمريكية واعتقل عام 2013 وصدر بحقه حكم بالسجن 15 عاما، ومات مطلع العام 2020.

ولم يكن "قاسم" الحالة الاستثنائية الوحيدة الذي لم تنقذه جنسيته الأجنبية من السجن؛ فالمعتقلة "نجلاء يونس" التي تحمل الجنسية الأمريكية ما زالت داخل السجن إلى الآن.

تبقى كل الاحتمالات واردة، إما الحرية لـ"عبدالفتاح" عبر بوابة الجنسية البريطانية، أو البقاء خلف الأسوار حتى إشعار آخر، متكبدا معاناة حاملي الجنسية المصرية، التي باتت طريقا للقمع والتنكيل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

علاء عبدالفتاح مصر السيسي الجنسية البريطانية رامي شعث الجنسية المصرية الخارجية البريطانية

"أسرار دولة".. منظمات حقوقية تطالب مصر بالإفصاح عن أعداد السجناء