حق الملح.. عادة جزائرية صباح يوم العيد لتكريم جهود "ربات البيوت"

الأحد 1 مايو 2022 09:21 م

تقاليد كثيرة يتميز بها المجتمع الجزائري في رمضان وعيد الفطر المبارك، بينها "حق الملح" أو "حق الطعام"، وهي عادة تهدف إلى تكريم المرأة لجهدها الكبير خلال الشهر الفضيل.

"حق الملح" أو "حق الطعام" عادة عريقة تنتشر في الجزائر وبقية دول المغرب العربي وتجسد عمق العشرة والمودة بين الأزواج وتماسك الأسرة بشكل عام.

ترتبط هذه العادة بعيد الفطر، فبعد انقضاء صلاة العيد يعود المصلون إلى منازلهم ويحتفلون مع عائلاتهم من خلال الاجتماع على مائدة القهوة والشاي والحلويات التقليدية.

وعندما يكمل الرجل شرب قهوته يضع خاتما من ذهب أو فضّة داخل فنجان القهوة أو مبلغا ماليا أو هدية معينة (بحسب استطاعة كل واحد) على صينية الشاي والقهوة لزوجته أو لأخته أو لأمه أو ابنته كاعتراف منه بجهودهن وتعبهن في المطبخ خلال رمضان، وهو ما يسمى "حق الملح" أو "حق الطعام".

وتستمد تسمية "حق الملح" أو "حق الطعام" من عبارة شهيرة عند الجزائريين حول العشرة (أكل معي الملح والطعام أو أكلنا مع بعض الملح والطعام)، ومعناه أن الذي أكل داخل بيتك ومعك لو يكون غريبا فقد أصبح فردا من العائلة وصديقا لك.

وتتضارب الروايات حول أصول هذه العادة المتوارثة في الجزائر، حيث رجّح مختصون في التراث أنها تعود إلى الحقبة العثمانية في البلاد (1518-1830)

وأرجعها بعضهم إلى الأندلس، في حين اعتبر البعض الآخر أن أصلها غير معروف.

وقالت الباحثة في التراث "فايزة رياش" لـ"الأناضول" إن "حق الملح عادة اجتماعية لا تقتصر على الجزائر فقط، بل مغاربية وتاريخ ظهورها بالضبط غير معروف".

وأضافت أن "حق الملح موجودة في مختلف دول المغرب العربي، مثل تونس والمغرب، وتعنى العشرة وتختلف تسمياتها من بلد إلى آخر".

وتابعت: "هذه العادة تسمى في الجزائر وتونس حق الملح وفي ليبيا والمغرب يطلق عليها التكبيرة، ولم تأت من الأندلس (إسبانيا حاليا)".

فيما رجح الباحث والمختص في التراث "إسماعيل علال" أن "أصل عادة حق الملح أو حق الطعام، بحسب اختلاف التسمية من منطقة لأخرى بالجزائر، يعود إلى الحقبة العثمانية في البلاد".

وقال "علال" إن "أصل هذه العادة الاجتماعية قديمة بالنسبة لسكان مدينة المدية (جنوب العاصمة) مسقط رأسي وبالنسبة لبقية محافظات الجزائر".

وأردف: "حق الملح تقليد متوارث عند الأسر الجزائرية أبا عن جد ويعود إلى الفترة العثمانية مع مجيء الأتراك إلى الجزائر".

ووفق "علال" فإن "هذه العادة الضاربة في القدم لها أبعاد اجتماعية تتمثل في اعتراف الزوج لزوجته بتعبها وكدّها وجهدها المبذول طول شهر رمضان المبارك في التحضير للأكلات والتنظيف.. وغيرها".

وأشار إلى أن "الزوج يقوم بمكافأة زوجته نتيجة تعبها في الشهر الفضيل بمنحها هدية تثلج صدرها وتفرحها".

وأفاد بأن عائلته لا تزال تمارس هذه العادة، وهي من أعرق العائلات في محافظة المدية.

وتابع أن "الزوج يعمد إلى تكريم زوجته من خلال منحها هدية مرهونة بميزانية الأسرة كأن يشتري لها خاتما من ذهب أو جبّة (فستان تقليدي نسائي يلبس في المناسبات)".

وأعربت المختصة في التراث "سميرة أمبوعزة" عن اعتقادها أن "حق الملح تقليد قديم وصل الجزائر والمغرب العربي عن طريق المشارقة الذي حلوا بالأندلس".

وقالت "أمبوعزة" إن "حق الملح مستمدة من عبارة (بيننا عيش وملح)، وهي عبارة مشرقية تعني العشرة والمودة".

وأردفت قائلة: "خلال عصر الأندلس كان الرجال يكرمون زوجاتهم بإهدائهم الذهب لوفرته وثمنه الزهيد، إضافة إلى كسوة العيد التي تعدّ ضرورية أو ما يسمى حق الملح الذي بينهم".

وحسب المتحدثة فإن "عادة حق الملح قديمة ولا تزال موجودة، وتعني تقدير الرجل لزوجته بأن يشتري لها كسوة (لباس) في عيد الفطر، وهذا هو حق الملح، وليس شرطا أن يمنحها ذهب".

وترى "خيرة مستور"، وهي ربة بيت وخريجة كلية الإعلام والاتصال بجامعة جيلالي اليابس بسيدي بلعباس (غرب)، أن "حق الملح مبادرة طيبة من زوج يقدّر زوجته أو ابن يقدّر والدته أو أخ يقدّر شقيقته".

وأضافت "مستور" أن "حق الملح عادة تعكس الفكر الراقي للرجل الجزائري الذي يكرّم المرأة نتيجة لجهودها في رمضان بهدية لا تكون بالضرورة باهظة الثمن".

وتابعت أن "حق الملح هدية تمنح للمرأة مهما كانت أما أو زوجة أو أختا أو بنتا بعد صلاة العيد ومع الاجتماع حول مائدة القهوة والحلويات".

واستطردت: "عادة لها أبعاد اجتماعية مهمة مثل توطيد العلاقة بين الزوجين، فالمرأة تحب من يقدّر جهودها وتجتهد أكثر لخلق السعادة من أشياء بسيطة عندما تلاحظ الاهتمام بها".

وختمت بأنه "من خلال هذه العادة يغرس الأزواج المحبة والتآخي وسط الأولاد، لكونها تقليدا حميدا يكرم المرأة ويتوارثه جيل بعد جيل".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

عادات عيد الفطر عيد الفطر العيد في الجزائر المغرب العربي حق الملح