الخطة السعودية في سوريا .. هل يمكن أن تنجح؟

السبت 19 ديسمبر 2015 10:12 ص

أعلن رئيس النظام السوري «بشار الأسد» موقفه بوضوح أنه ليس لديه مصلحة في التفاوض مع المعارضين الذين يعتبرهم إرهابيين. حلفاء «الأسد» في موسكو وطهران لا يزالون يقفون أيضا في وجه أي مطالبات بتنحيته. خلال الأسبوع الماضي، كرر أعضاء المعارضة السورية دعواتهم للإطاحة بـ«الأسد» في مؤتمر عقد في الرياض، ومن الصعب أن ندرك حقيقة ما الذي يمكن أن يترتب على ذلك في المدى القريب. الهدف الأساسي للمؤتمر، وهو ترتيب البيت الداخلي للمعارضة السورية، هو أمر ذو قيمة كبيرة بكل تأكيد. في حقيقة الأمر، إنه أمر حيوي جدا في الجهود الدولية لإنهاء الحرب الأهلية.

الرياض، جنبا إلى جنب مع أنقرة والدوحة، ملتزمون تجاه إسقاط «الأسد». وقد أدركت العواصم الثلاث في النهاية أن رحيل «بشار الأسد» سواء بالقوة أو التفاوض، لا يمكن أن يتحقق دون معارضة سورية أكثر تماسكا يكون بإمكانها التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية وتتوحد معا بشكل فعال على أرض المعركة. وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن توحيد المعارضة السورية الفوضوية هو أمر أسهل كثيرا من تطبيقه. على مدى السنوات الأربع الماضية، فشلت جميع المحاولات التي قامت بها مختلف البلدان من أجل توحيد الثوار والسياسيين. وهكذا فإن المملكة العربية السعودية تحاول النجاح فيما فشل فيه الآخرون من قبل، على الرغم من سجلها في جمع الفصائل الفلسطينية على مر السنين لم يكن ممتازا.

في هذه المرة، لا يمكن للرياض أن تحتمل الفشل. وجود معارضة سورية أكثر تكاملا هو أمر يقع في صلب الخطط الدبلوماسية والعسكرية في سوريا. إذا كانت كل من روسيا وإيران لا تزالان ترفضان المفاوضات حول مصير «الأسد»، فسوف تكون استجابة المملكة العربية السعودية هي العمل بشكل وثيق مع تركيا وقطر في تسريع نقل الأسلحة والمال إلى أجهزة المعارضين الأكثر تنظيما. إذا قبلت روسيا وإيران إجراء محادثات في يناير/كانون الثاني، فإن محور السعودية وتركيا وقطر يريدون ترشيد هذه القوة الجديدة وتقديمها أمام المجتمع الدولي كقوة يمكنها التفاوض مع ممثلي النظام.

حقيقة إذا ما كانت كل من روسيا وإيران سوف تختاران مواصلة التصعيد أو التكيف مع الأمر تعتمد بشكل كبير على طبيعة هذه المعارضة السورية المشكلة حديثا. من أجل تهدئة المخاوف الدولية بشأن تسلل الإرهابيين داخل المعارضة، فإن المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر قد كلفت الأردن بتشكيل لائحة للمتمردين السوريين ستكون وظيفتها الفصل بين المعتدلين والمتطرفين. سيتمثل الجزء الأسهل من الأمر في تصنيف كل من تنظيمي «الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة. أما الجزء الصعب فسيكمن في فحص بقية المجموعات المتمردة السورية، في الوقت الذي تضغط فيه كل من طهران وموسكو على عنق عمان. تراقب كل من روسيا وإيران الوضع عن كثب بينما يشعران بقلق كبير إزاء الرعاية السعودية لجيش الإسلام، وهي مجموعة مكونة من 12 فصيلا معارضا، إضافة إلى حركة أحرار الشام، التي تدعمها كل من قطر وتركيا، وهي فصيل إسلامي محافظ يتكون من 25 ألف مقاتل لهم ميول قومية سورية.

الضغط على أحرار الشام من أجل تقيد تنازلات ذات معنى لن يكون مفيدا وذلك لأن سقفها التفاوضي مرتفع جدا. وتشمل قائمة مطالب المجموعة تطبيق الشريعة الإسلامية في أي دولة سورية في المستقبل، والذي من شأنه أن يقوض الطبيعة العلمانية للدولة. كما تصر أيضا على تفكيك النظام بشكل كلي بما في ذلك أجهزته الأمنية والتي يمكن أن يؤدي إلى انهيار الدولة، على غرار ما حدث في العراق عام 2003 بعد الغزو الأمريكي. كما ترفض المجوعة أي حكومة مستقبلية تقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية، على الرغم من تعدد الطوائف والأعراق في المجتمع السوري والتي ينتظر أن تكون ممثلة في أي نظام سياسي جديد.

وعلى الرغم من هذه المطالب الإشكالية، فقد وقعت أحرار الشام في النهاية على البيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر الرياض، والذي دعا إلى إقامة دولة مدنية تشمل الجميع. من الممكن بالطبع أن تكون المجموعة تخطط لتغيير رأيها عند حدوث التحول ومن ثم فرض خياراتها العقائدية. ولكن هذا الأمر ربما يستحق أخذ المخاطرة لأن البديل سوف يكون مكلفا، حيث سيتسبب استبعاد أحد أقوى فصائل المتمردين السوريين في دخول أحرار الشام إلى تحالف فعال مع جبهة النصرة. ومن الممكن أيضا أنه إذا كان للجماعة أن تلعب دورا سياسيا يتناسب مع حجمها وقوتها في الدولة السورية في المستقبل، فإن عبء الحكم قد يخفف من فكرها ويجعلها أكثر قبولا لمفاهيم التسامح السياسي والتعددية. سيكون ذلك مشوارا طويلا، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار العقيدة السلفية الجهادية التي تتبناها المجموعة.

ما يساعد بشكل كبير في الأمر هو أن المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر لديهما ما يكفي من النفوذ على وكلائهما. حيث يمكنهم التوقف عن إرسال الأسلحة والمال لهم وتقليص التعاون في المعلومات الاستخبارات والخدمات اللوجستية. ولكن من أجل أن تقرر هذه الدول ممارسة هذا النوع من النفوذ فإن كلا من إيران وروسيا يجب أن يمنحا شيئا في المقابل. ويبدأ ذلك بموافقتهما على خطة انتقال سياسي تشمل مغادرة «الأسد» للمشهد السياسي. ليس هناك مساحة كبيرة للمناورة، وينبغي أن نعي أن أي طرف في سوريا لن يكون قادرا على تحقيق جميع أهدافه على حساب خصومه أو دون تكبد تكاليف باهظة. من الجيد أن كل القوى الإقليمية تتفق أنه لا يمكن حل الصراع السوري عسكريا. لكن هذا التوافق لا يكفي. يجب عليهم الآن إيجاد وسيلة لتقديم تنازلات للوصول إلى حل سياسي. هذا هو أوان وموضع الدبلوماسية الحقيقية.

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا سوريا بشار الأسد مؤتمر الرياض المعارضة السورية الأسد روسيا إيران

«الجولاني» مهاجما مؤتمر الرياض: مقاتلو الفصائل لن يمتثلوا لأوامر قادتهم

كيف نفهم مؤتمر الرياض السوري؟

«أحرار الشام» تتراجع عن قرار انسحابها من مؤتمر الرياض

توحيد المعارضة السورية اختبار كبير لطموحات السعودية بالمنطقة

السعودية تدعو 65 شخصية سورية معارضة لـ«مؤتمر الرياض»

التقارب الوهمي: الخلاف حول سوريا سيظل مهيمنا على العلاقات السعودية الروسية

الخطة (ب) أردنيا