ستراتفور.. هذه أبرز التوقعات بخصوص زيارة بايدن إلى السعودية

الجمعة 15 يوليو 2022 11:55 ص

تُظهر زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى السعودية أهمية العلاقة الثنائية بالنسبة لأهداف واشنطن المتعلقة بالطاقة والأمن الإقليمي، لكنها في الوقت نفسه تُظهر حدود النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط حيث تعزز الحكومات الإقليمية مصالحها الاقتصادية وتنوع تحالفاتها.

وسيسافر "بايدن" إلى السعودية في 15-16 يوليو/تموز حيث سيحضر قمة مجلس التعاون الخليجي في جدة بعد وصوله من إسرائيل عبر رحلة جوية مباشرة، وهو تطور تاريخي أصبح ممكنًا بعد دفء العلاقات السعودية الإسرائيلية.

وسيزور "بايدن" أيضًا الأراضي الفلسطينية وسيعقد اجتماعات مع قادة الخليج الآخرين على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي، لكن محطة الرئيس الأمريكي في السعودية تعد الأهم في جولته الشرق أوسطية، حيث يحاول البيت الأبيض السيطرة على أسعار النفط العالمية.

لا اختراقات كبيرة في النفط

في حين أن "بايدن" سيدفع السعودية لإنتاج المزيد من النفط لخفض الأسعار، لكن هناك حدودًا لمدى قدرة الرياض على زيادة إنتاجها.

وتسبب ارتفاع الأسعار في مأزق سياسي لإدارة "بايدن" قبل انتخابات الكونجرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لذلك يأمل البيت الأبيض في وضع حد لهذا الأمر من خلال الضغط على السعودية لزيادة إنتاجها من النفط.

وباعتبارها ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم خلف الولايات المتحدة وروسيا، فإن السعودية في وضع قوي يؤهلها لتعويض النفط الروسي المفقود بسبب أزمة أوكرانيا والعقوبات ذات الصلة. ومع ذلك، من غير المرجح أن توافق الرياض على زيادة كبيرة في الإنتاج بخلاف تلك التي تخطط لها بالفعل بالتوافق مع شركائها في "أوبك+".

وبالإضافة إلى هذه القيود الاستراتيجية، هناك أيضًا حدود لوجستية للزيادة النفطية التي تستطيع السعودية تقديمها. ومع بلوغه 11 مليون برميل يوميًا، قد يكون الإنتاج النفطي الحالي في السعودية مقتربًا بالفعل من حده الأقصى.

ويعني ذلك أن زيارة "بايدن" إلى السعودية من غير المرجح أن تسفر عن اختراقات كبيرة بخصوص ضغط إدارته لتحقيق الاستقرار السريع في أسواق النفط العالمية عن طريق تزويدها بالمزيد من الصادرات السعودية.

ضغط السعودية لمناهضة إيران

من المحتمل أن تستخدم السعودية الرحلة للضغط على "بايدن" بخصوص استراتيجية مواجهة إيران.

وحاليا، توقفت المحادثات الأخيرة لإحياء الاتفاق النووي المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، ولا تظهر أي علامة على التقدم في هذا الصدد. ويهدد الوضع الحالي بانهيار المفاوضات تمامًا دون اتفاق يحد من التطور النووي في إيران في مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية.

وتراجعت ثقة السعودية في قدرة واشنطن على حمايتها من التهديد النووي الإيراني مع عجز الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عن مواجهة طلبات إيران المتزايدة في المحادثات النووية، وكذلك عجزهم عن منع طهران من تطوير نشاطها النووي في هذه الأثناء.

ولمعالجة المخاطر المتزايدة بشأن التطور النووي الإيراني، بدأت السعودية بالفعل في السعي لمحادثات "خفض التصعيد" مباشرة مع طهران. وفي السنوات الأخيرة، أدت الهجمات المرتبطة بإيران على الأراضي السعودية إلى إضعاف ثقة السعودية في جدية الولايات المتحدة بشأن حماية المصالح الأمنية للمملكة.

وفي عام 2019، لم ترد الولايات المتحدة على الهجمات التي تعرضت لها مرافق "أرامكو" السعودية في بقيق وخريص. ومنذ ذلك الحين، لم تفعل واشنطن سوى القليل لحماية الرياض من وابل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي أطلقها المتمردون الحوثيون (المدعومون من إيران) في اليمن، والتي تراجعت مؤخرًا مع وقف إطلاق النار مؤقتا بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين.

غض الطرف عن الانتهاكات

ستظهر زيارة "بايدن" إلى السعودية تراجع الموقف الأمريكي بشأن سجل حقوق الإنسان في السعودية. وبالرغم أن البيت الأبيض حدد حقوق الإنسان باعتبارها محورًا أساسيًا لجولة "بايدن" في الشرق الأوسط، من غير المرجح أن يمارس الرئيس الأمريكي أي ضغوط حقيقية على المملكة (بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات أو قطع مبيعات الأسلحة) فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان خلال رحلته وبعدها.

وخلال حملته الرئاسية لعام 2020، وعد "بايدن" بتحويل السعودية إلِى "دولة منبوذة". وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه، أمر "بايدن" برفع السرية عن تقرير للمخابرات الأمريكية يتهم ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بإعطاء الضوء الأخضر لاغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" عام 2018، وفرضت إدارة "بايدن" حظر تأشيرات على 76 سعوديًا مرتبطين بالاغتيال.

لكن منذ ذلك الحين، تراجعت سخونة خطاب البيت الأبيض تجاه الرياض وتراجع "بايدن" عن التلويح بالعقوبات. وتدرس الإدارة الأمريكية الآن استئناف مبيعات الأسلحة مع السعودية التي تم تجميدها في الأسابيع الأولى من تولي "بايدن" منصبه.

وتحمل رحلة "بايدن" إلى المملكة دليلًا إضافيًا على هذا الموقف الأكثر لينًا، حيث ستساعد زيارة الرئيس الأمريكي على إعطاء الشرعية الدولية لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" كقائد وحاكم فعلي للسعودية بالرغم من الضجيج الذي صاحب اغتيال "خاشقجي".

ومن المرجح أن تؤدي اجتماعات "بايدن" مع ولي العهد ووالده إلى القضاء على أي احتمالات لفرض عقوبات أو تدابير انتقامية أخرى من شأنها أن تعيق العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والسعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة.

موازنة أمريكية صعبة

ستسلط الزيارة الضوء على معضلة الولايات المتحدة المتمثلة في الموازنة بين تقليل بصمتها في الشرق الأوسط ومنع السعودية في الوقت ذاته من تعميق علاقتها مع الصين وروسيا.

وفي خضم توتر العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، نمت علاقات المملكة مع الصين وروسيا. وسيؤدي ذلك إلى إعاقة قدرة واشنطن على استخدام علاقاتها مع الرياض باعتبارها مصدر نفوذ ضد موسكو وبكين؛ خاصة في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة تحويل تركيزها الأمني ​​من الشرق الأوسط إلى احتواء العدوان الصيني في آسيا والعدوان الروسي في أوروبا.

وعمقت السعودية بشكل متزايد علاقاتها الاقتصادية مع الصين (تمركزت حول النفط) كما عمقت بالتوازي التعاون العسكري. وبالمثل، لم تُدِن السعودية بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا في وقت سابق من هذا العام واستمرت في العمل بشكل براجماتي مع روسيا على اتفاقية "أوبك+"، ما يقوض استراتيجية البيت الأبيض المتمثلة في عزل موسكو سياسياً.

وعزز هذا التعاون المتزايد مع خصوم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين قدرة الرياض على تحمل العقوبات الأمريكية وغيرها من تكتيكات الضغط، وبالتالي تقليل نفوذ واشنطن على المملكة. ومع ذلك، لا تزال السعودية تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة التي لا تزال الضامن الأول لأمن المملكة.

ولا يزال جذب المزيد من الاستثمارات الغربية (خاصة من الولايات المتحدة) محورًا رئيسيًا لاستراتيجية التنويع الاقتصادي في المملكة. وسيتجلى هذا الاعتماد المستمر خلال زيارة "بايدن" إلى السعودية، حيث سيتم الترحيب به بأذرع مفتوحة مع سعى المملكة إلى الحفاظ على علاقة ودية مع إدارته.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

زيارة بايدن العلاقات الأمريكية السعودية جولة الشرق الاوسط خاشقجي محمد بن سلمان الملك سلمان مبيعات الأسلحة إيران إسرائيل حرب أوكرانيا النفط أسعار النفط الانتخابات النصفية مجلس التعاون الخليجي انتهاكات حقوق الإنسان

و.س.جورنال: بايدن يزور السعودية الأقرب إلى روسيا من أي وقت مضى

البيت الأبيض: موقف بايدن من مقتل خاشقجي واضح.. والسعودية شريك استراتيجي (فيديو)

العلاقات الأمريكية السعودية في السراء والضراء (تسلسل زمني)

توقعات ستراتفور للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الربع الأخير من 2022