رويترز: سعيِد يضيع مكتسبات الربيع العربي في تونس

الاثنين 25 يوليو 2022 10:29 ص

معظم صور الرئيس التونسي "قيس سعيِد" على صفحته الرسمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظهره خلف مكتبه وفمه مفتوحا وهو يلقي محاضرة على عدد من المرؤوسين الخاضعين.

هذا النهج من أعلى إلى أسفل، الذي تصدر فيه سعيِد توجيهاته ويتبعه الجميع، هو ما يخشى منتقدوه أن يتم تكريسه كنظام سياسي جديد في تونس من خلال استفتاء يوم الاثنين بدلا من ديمقراطية معيبة لكنها منفتحة نسبيا.

والمطلوب من الناخبين الموافقة على دستور جديد يضفي الطابع الرسمي على معظم السلطات الشاملة التي استولى عليها سعيِد منذ تحركه ضد البرلمان قبل عام ومحاصرة مبناه بالدبابات، ثم منحه لنفسه الحق في الحكم بالمراسيم.

ووصف "سعيِد"، وهو أستاذ سابق قانون له أسلوب صارم في التعامل العني، أفعاله بأنها تصحيح للخلل السياسي والفساد الذي تسبب فيه دستور 2014 الذي قسم السلطات بين الرئيس والبرلمان.

لكن خصومه يقولون إنه دكتاتور جديد تصل الخطوات التي اتخذها للاستحواذ على السلطة إلى حد الانقلاب وإن تقدمه صوب حكم الرجل الواحد سحق المكاسب الديمقراطية التي تحققت من الثورة التونسية في 2011.

ويرسخ الدستور المقترح، الذي أعلنه "سعيد" الشهر الماضي، لدور كاسح للرئيس، ويحيل البرلمان والقضاء إلى مجرد وظائف في الدولة التي سيقودها، بدلا من كونهما فرعين للسلطة.

وبعد أن صور يوم 25 يوليو/تموز 2021 الذي استولى فيه على السلطات والصلاحيات على أنه بداية لجمهورية جديدة، حدد سعيد الذكرى الأولى لهذا التاريخ موعدا لإجراء الاستفتاء على الدستور المقترح.

وكان سعيد جديدا على الساحة السياسية عندما انتُخب رئيسا في 2019. وبعد أقل من عامين تجاوز خصومه السياسيين الأكثر خبرة، ومنهم حزب النهضة الإسلامي، بخطواته المفاجئة ضد البرلمان والحكومة السابقة. وكانت هذه الخطوات البداية نحو سعيه لجمع السلطات في يديه.

وبدا أن هذه الخطوات تحظى بشعبية كبيرة بين التونسيين الذين سئموا المشاحنات السياسية والصعوبات الاقتصادية. وخرج الآلاف إلى الشوارع يحتفلون وخرج الرئيس ليعلن عن قناعة أنه يمثل إرادة الشعب.

 

   مشكلة اقتصادية

 

يشيد أنصار "سعيد" به باعتباره رجلا مستقلا نزيها يقف في وجه قوى النخبة التي فرض فسادها على تونس حالة من الشلل السياسي والركود الاقتصادي على مدى 10 سنوات.

لكن منتقديه يشككون بشدة في وعوده بأنه سيحافظ على الحقوق والحريات التي اكتُسبت في 2011، وهو ما كتبه في مسودة الدستور، ويقولون إنه يسحق الديمقراطية الوليدة في البلاد. وصوَر "سعيد" خصومه على أنهم أعداء الشعب وطالب باعتقال من يتحداه.

وليس من الواضح حجم التأييد الذي ما زال يتمتع به سعيد، لكن استطلاعات الرأي أشارت إلى تراجع شعبيته. ويواجه الاقتصاد أزمة كبيرة كما يزداد التونسيون فقرا.

وينظم الاتحاد العام التونسي للشغل، ذا النفوذ الكبير في البلاد، إضرابات عامة احتجاجا على إصلاحات اقتصادية يطلبها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم حزمة إنقاذ مالي كما يشير إلى معارضته للاستفتاء.

وعلى الرغم من تفتت المعارضين لـ "سعيد"، في ظل رفض أغلب الأحزاب السياسية الأكثر نفوذا تنحية خلافاتها القديمة جانبا لرفض خططه، فان الآلاف يحتشدون في مظاهرات للاحتجاج عليه.

وعلى النقيض، قال صحفيون من رويترز حضروا تجمعا مؤيدا لسعيِد العام الماضي إنه لم يجتذب سوى بضعة آلاف، بينما تفاخر الرئيس بأن 1.8 مليون من أنصاره خرجوا إلى الشوارع.

ويراقب العالم السياسة التونسية عن كثب بسبب دور البلاد في إطلاق شرارة انتفاضات الربيع العربي في 2011 ونجاحها باعتبارها الديمقراطية الوحيدة التي نجمت عن هذه الانتفاضات.

ويريد "سعيد"، البالغ من العمر 64 عاما وذو المظهر الوقور الذي يتحدث باللغة العربية الفصحى، إعادة كتابة تاريخ هذه الثورة، عندما كان يتجول ليلا في شوارع العاصمة يتحدث إلى المحتجين.

 

    ثورة جديدة

 

غيَر الرئيس موعد الاحتفال الرسمي بذكرى الثورة للتهوين من شأن الإطاحة بحكم "زين العابدين بن علي"، ورفض نتائج مفاوضات صعبة أعقبت ذلك وقادت إلى دستور ديمقراطي.

وكان دستور 2014 من نتاج عمل أحزاب سياسية متناحرة ومنظمات مجتمع مدني أجروا جميعا حوارا وطنيا لتخطي خلافات مريرة والتوصل إلى حل وسط بدا أنه يوحد البلاد.

ولدى انتخابه في 2019 كمرشح مستقل، محققا فوزا ساحقا في الجولة الثانية على قطب إعلامي متهم بالفساد، أعلن سعيِد ثورة جديدة.

وإلى جانب حل البرلمان الذي لم يكن يحظى بشعبية لكنه كان منتخبا، أطاح "سعيِد" بالسلطة القضائية المستقلة سابقا ولجنة الانتخابات مما أثار مخاوف بخصوص سيادة القانون ونزاهة الانتخابات.

وقام كذلك بتغيير مسؤولين عموميين ومنهم بعض مسؤولي أجهزة الأمن، مطيحا بأشخاص على صلة بالأحزاب الرئيسية في البلاد.

وقال بعد ذلك إنه يريد إجراء انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر/كانون الأول.

وينتقد العديد من التونسيين صورة "سعيد" في تسجيلاته المصورة المتكررة على الإنترنت وهو يلقي الخطب على مرؤوسيه أو زواره من وراء مكتبه الرئاسي.

ولم تقدم هذه التسجيلات رؤية متعمقة بدرجة تُذكر عن خططه لمعالجة المشكلات الاقتصادية الرئيسية، لكنها كانت كثيرا ما تشمل خطبا نارية ضد منتقديه ومعارضيه، مما زاد من المخاوف من أن الرئيس يسعى لتحقيق أهداف استبدادية.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

تونس قيس سعيد حزب النهضة

يضعف البرلمان ويزيد صلاحيات الرئيس.. أبرز بنود دستور تونس المستفتى عليه

مشاركة متوسطة في الساعات الأولى لاستفتاء تونس

المعارضة التونسية تتهم قيس سعيد بخرق الصمت الانتخابي